أرض الصومال.. جذور النشأة والخلاف مع دولة الصومال

أعادت الخطوة الإسرائيلية الأخيرة المتمثلة في الاعتراف بـ”أرض الصومال” إلى دائرة الضوء قضايا السيادة والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي. هذا الاعتراف، الذي تم الإعلان عنه في 26 ديسمبر/كانون الأول 2025، يثير تساؤلات حول مستقبل المنطقة وتأثيره على العلاقات الدبلوماسية الإقليمية، خاصةً فيما يتعلق بالوضع المعقد للصومال. الاعتراف بـ”أرض الصومال” يمثل تطوراً هاماً في المشهد السياسي الأفريقي.
تقع “أرض الصومال” في منطقة استراتيجية حيوية، وتحدها جيبوتي وإثيوبيا، وتطل على خليج عدن، مما يجعلها بوابة مهمة لباب المندب. يبلغ عدد سكانها حوالي 6 ملايين نسمة، ومعظمهم من المسلمين السنة، وينقسمون بين عدة قبائل عرقية رئيسية. هذا الاعتراف الإسرائيلي يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية وسياسية متزايدة.
الخلفية التاريخية لـ”أرض الصومال”
تعود جذور قضية “أرض الصومال” إلى الحقبة الاستعمارية. ففي عام 1887، احتلت إيطاليا الصومال، بينما خضعت “أرض الصومال” للاستعمار البريطاني. كان الهدف من الاستعمار البريطاني هو منع فرنسا من الحصول على موطئ قدم في باب المندب وحماية مصالحها في عدن.
في 26 يونيو/حزيران 1960، نالت “أرض الصومال” استقلالها، وحظيت باعتراف أكثر من 30 دولة، بما في ذلك إسرائيل. ومع ذلك، لم يدم هذا الاعتراف طويلاً، حيث اتحدت “أرض الصومال” مع الصومال الجنوبية بعد أيام قليلة، لتشكيل جمهورية الصومال.
انهيار الدولة الصومالية وإعلان الاستقلال
أدى وصول الجيش إلى السلطة في أواخر الستينيات إلى تفاقم الأوضاع في الصومال، بسبب السياسات القمعية التي اتُهم بها النظام الحاكم. ظهرت حركات مسلحة، من بينها “الحركة الوطنية الصومالية”، التي أعلنت فيما بعد انفصال “أرض الصومال” من جانب واحد، بعد سقوط نظام محمد سياد بري في عام 1991.
منذ ذلك الحين، تمكنت “أرض الصومال” من تحقيق قدر من الاستقرار السياسي والاقتصادي، وإجراء انتخابات رئاسية سلمية على مدار ثلاثة عقود. ومع ذلك، لم تحظَ “أرض الصومال” باعتراف دولي واسع النطاق، باستثناء إسرائيل مؤخراً.
أسباب الاعتراف الإسرائيلي وتداعياته المحتملة
لم تعلن إسرائيل بشكل رسمي عن الأسباب المباشرة لاعترافها بـ”أرض الصومال”، ولكن يُعتقد أن هناك عدة عوامل ساهمت في هذا القرار. تشمل هذه العوامل المصالح الاستراتيجية المشتركة، والتعاون الأمني المحتمل، والرغبة في توسيع نفوذ إسرائيل في منطقة القرن الأفريقي. أرض الصومال تمثل شريكاً محتملاً في مواجهة التحديات الأمنية.
يرى بعض المحللين أن هذا الاعتراف قد يشجع دولاً أخرى على إعادة النظر في موقفها تجاه “أرض الصومال”، وقد يؤدي إلى اعتراف دولي أوسع نطاقاً. في المقابل، يخشى آخرون من أن هذا الاعتراف قد يؤدي إلى تصعيد التوترات بين “أرض الصومال” والصومال، ويعيق جهود تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
الوضع في الصومال معقد، حيث يظل إقليم سول، الذي كان جزءًا من “أرض الصومال”، يرفض الانفصال ويدعم الوحدة مع الحكومة الفيدرالية المركزية. هذا الانشقاق الداخلي يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى المشهد السياسي في المنطقة.
المستقبل وما يجب مراقبته
من المتوقع أن تتفاعل الحكومة الفيدرالية الصومالية بشكل رسمي مع هذا الاعتراف الإسرائيلي في الأيام القادمة. من المرجح أن تدين الحكومة الصومالية هذا الاعتراف، وتعتبره انتهاكاً لسيادتها ووحدة أراضيها. القرن الأفريقي يشهد تحولات جيوسياسية متسارعة.
يجب مراقبة ردود الفعل الإقليمية والدولية على هذا الاعتراف، وكذلك تطورات الوضع السياسي والأمني في “أرض الصومال” والصومال. كما يجب الانتباه إلى أي مبادرات دبلوماسية جديدة تهدف إلى حل النزاع بين الطرفين. الوضع لا يزال متقلباً، ويتطلب متابعة دقيقة.
يبقى حلم الوحدة في الصومال معلقاً، في ظل رؤى متضاربة حول مستقبل البلاد. فبينما يرى البعض أن “أرض الصومال” لها الحق في إقامة دولة مستقلة، يصر آخرون على أن الصومال يجب أن تظل دولة موحدة. هذا التناقض العميق يمثل تحدياً كبيراً أمام تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.





