Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخر الاخبار

أسئلة النزاعات المسلحة بأفريقيا في منتدى مركز الجزيرة للدراسات

ناقش منتدى “أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة”، الذي ينظمه مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة، قضايا معقدة تتعلق بالصراعات المسلحة في القارة الأفريقية وتأثيرها على الاستقرار والتنمية. وركزت الجلسة الافتتاحية على أزمة الشرعية وانعدام الأمن في منطقة الساحل، والصراع على الموارد في شرق الكونغو، وتدخلات القوى الخارجية، مسلطة الضوء على التحديات المتشابكة التي تواجه القارة.

شارك في المنتدى باحثون وخبراء وصحفيون قدموا تحليلات معمقة حول الأسباب الجذرية لهذه الصراعات، والجهات الفاعلة الرئيسية المتورطة فيها، والآثار المترتبة على الأمن الإقليمي والدولي. وتأتي هذه المناقشات في وقت تشهد فيه أفريقيا تغيرات جيوسياسية كبيرة، بما في ذلك صعود قوى جديدة، وتزايد التنافس بين القوى الكبرى، وتصاعد التحديات الأمنية.

أزمة الشرعية وانعدام الأمن في الساحل الأفريقي

أكد الدكتور نبيل زكاوي، الباحث في الدراسات السياسية والدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في المغرب، أن منطقة الساحل أصبحت بؤرة ساخنة للاضطرابات بسبب تفاقم أزمة الشرعية السياسية وهشاشة المؤسسات. وأشار إلى أن غياب أنظمة قانونية فعالة يؤدي إلى تعميق حالة الاحتقان، حيث يجد المواطنون أنفسهم أمام مؤسسات غير قادرة على تلبية احتياجاتهم أو توفير الحماية لهم.

وأضاف زكاوي أن هذا العجز الحكومي يدفع الشباب نحو الجماعات المسلحة التي تقدم نفسها كبديل للدولة. كما لفت إلى ضعف سيطرة الحكومات المركزية على الأطراف، مما يجعل المنطقة عرضة للاختراقات الأمنية وتدفق الجماعات المتطرفة عبر الحدود.

وانتقد الباحث التدخلات الخارجية التي تركز على المقاربة العسكرية، متجاهلة الأبعاد التنموية والاجتماعية. وأوضح أن هذا التركيز على الأمن العسكري دون معالجة جذور الأزمة الاقتصادية والسياسية يؤدي إلى إعادة إنتاج العنف بدلاً من احتوائه. ويرى أن معالجة التحديات الأمنية في الساحل تتطلب رؤية شاملة تركز على بناء مؤسسات شرعية قوية، وتطوير أنظمة قانونية عادلة، والاستثمار في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

شرق الكونغو: صراع الموارد والتدخلات الخارجية

ركز الصحفي عبد الرحمن مبيريك، المتخصص في الشأن الأفريقي بقناة الجزيرة، على الوضع في شرق الكونغو الديمقراطية، موضحًا أن الصراع في المنطقة متجذر في الحقبة الاستعمارية والتنافس على الموارد الطبيعية. وأشار إلى أن القوى الاستعمارية رسخت التمايز بين القبائل، مما أدى إلى استمرار الصراعات حتى اليوم.

وأضاف مبيريك أن شرق الكونغو، الغني بالمعادن الثمينة، ظل مسرحًا للتنافس الدولي بين القوى الكبرى، مثل الصين والولايات المتحدة. هذا التنافس على الثروات الطبيعية غذى النزاعات الداخلية وحول الموارد إلى لعنة بدلاً من نعمة. كما تناول جهود الوساطة الدولية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة وقطر حاولتا التوسط لإيجاد حلول، لكن تعقيد المشهد يجعل الوصول إلى تسوية شاملة أمرًا صعبًا.

وأكد مبيريك أن النزاعات في أفريقيا ليست مجرد صراعات محلية، بل هي انعكاس لتداخل عوامل داخلية وخارجية. ويرى أن الحل يكمن في بناء اقتصادات وطنية قوية، وتنمية الموارد المحلية، وتعزيز العلاقات الإقليمية بين الدول الأفريقية.

التدخلات العسكرية الأجنبية والمصالح الإستراتيجية

من جانبه، سلط الباحث المالي محمد بن مصطفى سنكري، من جامعة أفريقيا الفرنسية العربية في باماكو، الضوء على التناقض بين الشعارات الأمنية والمصالح الاقتصادية للقوى الدولية في القارة. وأوضح أن التدخلات الأمنية غالبًا ما تخفي وراءها أهدافًا اقتصادية وإستراتيجية تتعلق بالسيطرة على الموارد الطبيعية.

واعتبر سنكري أن هذا التناقض يعكس استمرار الإرث الاستعماري الذي زرع مشكلات مصطنعة بين الشعوب الأفريقية. وشدد على الحاجة إلى فهم الخلافات الأفريقية من منظور داخلي، وعدم الاكتفاء بالحلول المفروضة من الخارج. كما أكد على أهمية بناء سيادة وطنية حقيقية وتعزيز التنمية المستدامة في القارة.

تتطلب معالجة قضايا الأمن في أفريقيا، بما في ذلك السيادة، مقاربة شاملة تتجاوز الحلول الأمنية قصيرة الأجل. يجب التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات، مثل الفقر والبطالة والفساد، وتعزيز الحكم الرشيد والمشاركة الديمقراطية. كما أن الاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية أمر ضروري لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين حياة الناس.

من المتوقع أن يستمر منتدى “أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة” في مناقشة هذه القضايا الحيوية خلال الأيام القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول عملية وفعالة للتحديات التي تواجه القارة. وستشمل المناقشات مواضيع مثل مكافحة الإرهاب، وإدارة الموارد الطبيعية، وتعزيز التعاون الإقليمي. يبقى مستقبل الأمن في أفريقيا غير مؤكد، لكن من الواضح أن معالجة هذه التحديات تتطلب جهودًا متضافرة من جميع الأطراف المعنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى