استشاري: مشاهدة محتوى"الريلز" قبل النوم يسبب الأرق
أكد الدكتور سعود العمر، استشاري طب الأطفال والمراهقين، أن مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة، خاصة على الأجهزة الذكية، تؤثر سلبًا على جودة النوم لدى الأطفال والمراهقين، وتقلل من إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ. جاء ذلك خلال مداخلة له في برنامج “يا هلا” على قناة روتانا خليجية، حيث حذر من تزايد مشكلة الأرق المرتبطة باستخدام هذه الأجهزة قبل النوم. وتشير الإحصائيات إلى ارتفاع معدلات اضطرابات النوم بين الشباب، مما يثير قلقًا متزايدًا لدى الأطباء والمختصين.
وأضاف الدكتور العمر أن هذه التأثيرات ليست حصرية على المدة الزمنية لاستخدام الأجهزة، بل تتعلق أيضًا بمحتوى المقاطع القصيرة نفسها. وفسر ذلك بأن المحتوى السريع والمتغير باستمرار يحفز الدماغ ويصعب عليه الاسترخاء والانتقال إلى حالة النوم، الأمر الذي يتفاقم بسبب الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات. هذه القضية أصبحت ذات أهمية خاصة مع انتشار تطبيقات مثل TikTok وInstagram Reels التي تعتمد بشكل كبير على هذا النوع من المحتوى.
تأثير المقاطع القصيرة على النوم وإفراز الميلاتونين
تعتبر جودة النوم ضرورية لنمو الدماغ وتطوره، خاصة في مرحلة الطفولة والمراهقة. النوم العميق يسمح للدماغ بمعالجة المعلومات وتثبيت الذاكرة، بالإضافة إلى دوره في تنظيم المزاج والطاقة. ومع ذلك، فإن التعرض للضوء الأزرق قبل النوم يثبط إنتاج هرمون الميلاتونين، مما يؤدي إلى صعوبة في النوم وتقليل مدة النوم.
آلية تأثير الضوء الأزرق
يقوم الضوء الأزرق المنبعث من شاشات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر بقمع إنتاج الميلاتونين بشكل مباشر. هذا الهرمون، الذي يفرز بشكل طبيعي في المساء، يساعد على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، ويجعل الجسم مستعدًا للنوم. قال الدكتور العمر إن تشتت الانتباه الناتج عن المحتوى الرقمي يزيد من هذه المشكلة.
بالإضافة إلى ذلك، يؤثر عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم على القدرة على التركيز والانتباه خلال اليوم التالي. وهذا بدوره قد يؤثر على الأداء الدراسي والسلوك العام للأطفال والمراهقين. وتظهر الأبحاث أن قلة النوم المزمنة قد تزيد من خطر الإصابة بمشاكل صحية أخرى، مثل السمنة والاكتئاب.
ويؤكد الخبراء على أهمية خلق روتين نوم صحي للأطفال والمراهقين، يتضمن تحديد وقت نوم واستيقاظ منتظمين، وتجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل السرير بساعتين على الأقل. كما يجب توفير بيئة نوم هادئة ومظلمة وباردة، وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة البدنية بانتظام.
وتنصح العديد من المنظمات الصحية بـ”النظافة الرقمية” كجزء من استراتيجية تعزيز الصحة النفسية والبدنية. وهي مجموعة من الممارسات التي تهدف إلى تقليل التعرض للمؤثرات الرقمية الضارة، وإدارة استخدام التكنولوجيا بشكل واعي.
التوقيت المناسب لاستخدام الأجهزة للطلاب
أشار الدكتور العمر إلى أن تحديد توقيت مناسب لاستخدام الأجهزة الذكية للطلاب أمر بالغ الأهمية. واقترح أن سن الثانية عشر أو الثالثة عشرة قد يكون بداية جيدة لتقديم هذه الأجهزة للأطفال، مع ضرورة وضع قواعد واضحة حول مدة الاستخدام ونوع المحتوى.
وشدد على أهمية عدم تطبيق الحظر بشكل مفاجئ، بل يجب أن يتم تدريجيًا وبتفهم، مع شرح الأسباب للأطفال وتشجيعهم على التعاون. ويعتبر الحوار المفتوح والتواصل الفعال بين الوالدين والأبناء من أهم العوامل التي تساعد في بناء علاقة ثقة وتشجيعهم على تبني سلوكيات صحية. وتتزايد الأدوات المتاحة للآباء لمراقبة وإدارة استخدام أطفالهم للأجهزة الذكية، مثل تطبيقات الرقابة الأبوية.
ويرى بعض التربويين أن دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية بشكل مدروس يمكن أن يكون له فوائد كبيرة، مثل تحسين التفاعل والمشاركة، وتوفير فرص تعلم مخصصة. ومع ذلك، يجب أن يتم ذلك بحذر، مع التأكد من أن التكنولوجيا تستخدم كأداة لتعزيز التعلم، وليس كبديل عن التفاعل البشري المباشر.
في الختام، من المتوقع أن تواصل الجهات الصحية والتعليمية جهودها لتوعية الأسر حول مخاطر الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية قبل النوم. قد نشهد في المستقبل القريب مبادرات جديدة تهدف إلى تعزيز عادات النوم الصحية لدى الأطفال والمراهقين. وتعتبر متابعة الأبحاث الجديدة في هذا المجال أمرًا ضروريًا لفهم تأثير التكنولوجيا على النوم بشكل أفضل، وتطوير استراتيجيات فعالة للتخفيف من هذه الآثار السلبية. كما أن تطوير محتوى رقمي أكثر ملاءمة للأطفال والمراهقين، مع التركيز على الجودة والتربية، يمكن أن يساهم في تحسين الرفاهية الرقمية بشكل عام.