“الأشياء التي تقتلها”.. كندا تختار فيلما تركيا للسباق نحو الأوسكار

أعلنت مؤسسة “تيلي فيلم” الكندية، وهي الهيئة المسؤولة عن دعم الإنتاج السينمائي في كندا، عن اختيار فيلم “الأشياء التي تقتلها” (The Things You Kill) لتمثيل البلاد في فئة “أفضل فيلم دولي” في جوائز الأوسكار لعام 2026. وقد أثار هذا الاختيار جدلاً واسعاً بين السينمائيين الكنديين، خاصةً وأن الفيلم ناطق باللغة التركية، مما يطرح أسئلة حول تعريف الفيلم الكندي في عصر الإنتاج العالمي المشترك.
الفيلم من إخراج علي رضا خاتمي، المخرج الإيراني الكندي المعروف بأعماله المستقلة. تدور أحداثه حول أستاذ جامعي تركي يعود إلى بلاده مع زوجته ليواجه تحديات عائلية وشخصية معقدة، حيث تتصاعد التوترات ليجد نفسه في مواجهة مع العنف والذاكرة.
الفيلم الكندي والجدل حول الهوية الوطنية
يثير اختيار فيلم “الأشياء التي تقتلها” نقاشاً حول معايير الفيلم الوطني في كندا. فوفقًا لقواعد أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، يجب أن يكون للفيلم ارتباط ببلد المنشأ من خلال التمويل أو الإنتاج أو الجنسية، وهو ما استوفته كندا في هذا الفيلم. ومع ذلك، فإن اللغة التركية تجعل الأمر غير تقليدي بالنسبة لعمل يمثل كندا في هذه الفئة.
ويرى البعض أن هذا الاختيار يعكس التوجه العالمي نحو قصص أكثر تنوعاً. بالإضافة إلى ذلك، يمثل انفتاحًا على أعمال المخرجين من خلفيات ثقافية مختلفة، ويؤكد التزام كندا بالتعددية الثقافية. ولكن، يتساءل آخرون عن مدى ارتباط هذا الفيلم بالجمهور الكندي المحلي، خاصةً وأن اللغة والثقافة قد لا تكونان مألوفتين للجميع.
إنتاج دولي وتأثيره على التصنيف
من الجدير بالذكر أن الفيلم هو عمل دولي مشترك، حيث شاركت في إنتاجه كندا وتركيا وبولندا وفرنسا. وهذا التعاون الدولي يبرز التوجه المتنامي نحو الإنتاج المشترك في صناعة السينما العالمية، مما يزيد من صعوبة تحديد هوية الفيلم الوطنية. ومع تصاعد الإنتاجات العالمية المشتركة، يزداد التركيز على دور البلد المضيف أو المساهم الرئيسي في المشروع.
وقد فاز الفيلم بجائزة في مهرجان صاندانس السينمائي في عام 2025، مما يعزز مكانته كعمل فني متميز. هذا النجاح الأولي قد يساعد في لفت انتباه الأكاديمية إلى الفيلم وزيادة فرصه في الحصول على ترشيح.
تاريخ مشاركات كندا في جوائز الأوسكار
لطالما شاركت كندا بانتظام في فئة “أفضل فيلم دولي”، مع ترشيحات بارزة مثل “تراجع الإمبراطورية الأمريكية” و”حرائق” و”ساحرة الحرب”. غالبًا ما كانت الترشيحات الكندية تأتي من مقاطعة كيبيك وتكون باللغة الفرنسية، مما يعكس التركيبة اللغوية والثقافية للبلاد. ولكن اختيار “الأشياء التي تقتلها” يمثل تحولاً ملحوظاً نحو تنويع الهوية السينمائية الكندية.
ورغم أن كندا لم تفز بالكثير من الجوائز في هذه الفئة، إلا أن أفلامها كانت دائمًا جزءًا من النقاش العالمي حول السينما والتنوع الثقافي. ويُعدّ هذا التحول فرصة لكندا لتقديم صوت سينمائي أكثر شمولاً وتمثيلاً لمجتمعها المتعدد الثقافات. ويرى بعض المراقبين أن هذا الاختيار يعكس رغبة كندا في تقديم نفسها كمركز للإنتاج السينمائي العالمي الذي يحتضن الفنانين من جميع أنحاء العالم.
من المهم ملاحظة أن هذا الاختيار قد يكون له تداعيات على صناعة السينما الكندية المحلية، حيث قد يثير تساؤلات حول كيفية دعم الأفلام التي لا تعكس بالضرورة الثقافة والهوية الكندية التقليدية. ومع ذلك، فإن الفوائد المحتملة من حيث زيادة التنوع والتعاون الدولي قد تفوق هذه المخاطر.
الخطوة التالية هي تقديم الفيلم رسميًا إلى أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، حيث سيتم تقييمه جنبًا إلى جنب مع الأفلام الأخرى من جميع أنحاء العالم. سيتم الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين في ديسمبر 2025. يبقى أن نرى ما إذا كان “الأشياء التي تقتلها” سيتمكن من الوصول إلى هذه المرحلة وما إذا كان سيحظى بتقدير الأكاديمية والجمهور على حد سواء. يجب مراقبة ردود الفعل على الفيلم وتقييمات النقاد، بالإضافة إلى أداء الأفلام الكندية الأخرى في المهرجانات السينمائية الدولية، لتقييم تأثير هذا الاختيار على مستقبل السينما الكندية.





