Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

الاحتلال الإسرائيلي ينهب آثار الضفة ويعيد كتابة تاريخها

منذ أكثر من 5 عقود، تحوّل ملف الآثار في الضفة الغربية من شأن ثقافي تاريخي إلى أداة هندسية تُستخدم لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية وتثبيت السيطرة على الأرض والذاكرة المكانية والتاريخية الفلسطينية. وقد أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أوامر عسكرية لتصنيف مواقع أثرية في الضفة الغربية “مواقع تاريخية وأثرية إسرائيلية”، مما أثار مخاوف من سرقة التراث الفلسطيني وتزييف السردية التاريخية.

في أغسطس 2025، وزعت الإدارة المدنية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية كراسة أوامر عسكرية لتصنيف 63 موقعاً في الضفة الغربية “مواقع تاريخية وأثرية إسرائيلية”، من بينها 59 موقعاً في محافظة نابلس. وتأتي هذه الخطوة في إطار سياسة الاحتلال لفرض واقع يتمثل في تقسيم جغرافي للمواقع الأثرية تحت مسمى “مواقع ذات بعد قومي للتراث اليهودي” وخدمةً للتوسع الاستيطاني.

الاستيلاء على الآثار

وتكشف مراجعة دقيقة لمحتوى الأوامر العسكرية الإسرائيلية وخرائطها المرفقة أن تلك الإعلانات تندرج ضمن إستراتيجية أوسع تهدف إلى اختلاق مناطق محمية عازلة حول المستوطنات، ومنع التمدد العمراني والزراعي الفلسطيني. وتبدأ العملية بإصدار إعلان عسكري يعرّف الموقع المراد السيطرة عليه بأنه “مكان تاريخي يحتوي على آثار” مستندًا إلى المادة 16 من “قانون آثار يهودا والسامرة”.

ورغم أن هذا التعريف يبدو تقنيًا في ظاهره، إلا أنه يمنح “ضابط الآثار” الإسرائيلي سلطة واسعة تسمح بتجميد أي نشاط فلسطيني داخل المنطقة المشمولة بالإعلان. وغالبًا ما تتسع حدود هذه المواقع لتشمل أراضي لا علاقة مباشرة لها بالآثار، وإنما تقع ضمن نطاقات زراعية أو تلال مشرفة أو طرق حيوية للقرى المجاورة.

دور الجامعات الإسرائيلية

وتشارك جامعات إسرائيلية بارزة في سرقة ونهب الآثار بالضفة المحتلة، من بينها جامعة بار-إيلان التي قادت حفريات في خربة طبنة/تل تبنة حارس شمال رام الله. وتزاول جامعة أريئيل حفريات ومسوحات ميدانية موثقة في الأغوار والضفة المحتلة، ونشرت نتائجها في مجلة الجامعة وموقع معهد “أبحاث يهودا والسامرة”.

وتركّز منشورات ومعارض الجامعة العبرية على حضور ميداني ومنهجي منتظم في صحراء القدس الممتدة إلى شمال الضفة المحتلة. وتسهم فرق باحثين من الجامعة -مع سلطة الآثار الإسرائيلية- في مشروع الكهوف الذي يشمل مواقع داخل الضفة المحتلة.

التمويل الإنجيلي والتوراتي

وراء كثير من الحفريات الإسرائيلية بالقدس والضفة المحتلتين تمويل قادم من منظمات مسيحية إنجيلية وتوراتية بالولايات المتحدة وأوروبا. وتُموّل جمعيات مثل “أصدقاء إسرائيل في الكتاب المقدس” وصندوق “إرث داود” مشاريع أثرية تستهدف إثبات ما يُسمى “الحق التاريخي لليهود في أرض الميعاد”.

وتُظهر وثائق أن مستوطنين أجروا برفقة الجيش الإسرائيلي حفريات غير قانونية في جبل عيبال/البرناط (المُصنّف منطقة “ب”) بالقرب من بلدة السيرا الشمالية الفلسطينية. وحضر الموقع أيضًا متطوعون من جمعية البحث الكتابي “إيه بي آر” وهي منظمة مسيحية إنجيلية أميركية.

وفي ظل استمرار هذه الأنشطة، يبقى السؤال حول مستقبل الآثار في الضفة الغربية ومصير المواقع الأثرية الفلسطينية. وتظل الحاجة إلى مراقبة الوضع عن كثب وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية ضرورة ملحة لضمان الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى