الجسار: الثقافة في الخليج من قلب اهتماماتنا في المجلس الوطني

انطلق في مدينة صباح السالم الجامعية يوم الثلاثاء مؤتمر علمي حول “الثقافة والهوية في مجتمع الخليج العربي“، بتنظيم من مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية ومجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية. يهدف المؤتمر الذي يستمر يومين إلى تعزيز الحوار الأكاديمي حول التحديات التي تواجه الهوية الثقافية في دول الخليج في ظل التغيرات العالمية المتسارعة. ويشارك فيه نخبة من الباحثين والمتخصصين من مختلف دول المنطقة.
يأتي هذا المؤتمر في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الهوية الخليجية وقدرتها على التكيف مع هذه التغيرات. وقد افتتح المؤتمر الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الدكتور محمد الجسار، بحضور عدد من المسؤولين والأكاديميين.
أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل التحديات المعاصرة
أكد الدكتور الجسار في كلمته الافتتاحية أن قضية الثقافة والهوية تحتل مكانة مركزية في اهتمامات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مشيراً إلى أن هذه القضية مرتبطة بشكل وثيق بالأحداث والتطورات التي يشهدها المجتمع الكويتي والخليجي بشكل عام. وأضاف أن المرحلة الحالية تتسم بتدفق هائل من التحولات التكنولوجية والثقافية التي تؤثر على القيم والمعتقدات المجتمعية.
وبحسب الدكتور الجسار، فإن هذه التحولات، بالإضافة إلى التحديات المحلية والإقليمية مثل تدهور البيئة والأزمات الاجتماعية والسياسية، تتطلب فهماً عميقاً لقدرة الثقافة الخليجية على الصمود والتكيف. وأشار إلى أهمية دراسة العلاقة بين الاقتصاد والثقافة وتأثيرها على الهوية.
دور التكنولوجيا في تعزيز الهوية
من جانبه، أوضح الدكتور عبدالله سلطان، نائب مدير الجامعة للأبحاث ورئيس المؤتمر، أن المؤتمر يركز على أهمية تسخير التكنولوجيا لتعزيز الهوية والقيم الخليجية، وليس لتهديدها. وأضاف أن الهدف هو تحقيق موازنة بين الأصالة والمعاصرة، من خلال الاستفادة من التكنولوجيا في الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه.
ويتوقع أن تسهم المناقشات التي ستجرى خلال المؤتمر في تطوير رؤى وسياسات تدعم بناء هوية خليجية راسخة وقادرة على التفاعل الإيجابي مع العالم، مع الحفاظ على الثوابت والقيم الأصيلة. ويشمل المؤتمر محاور متعددة تتناول قضايا اجتماعية وثقافية وقانونية وفقهية.
محاور المؤتمر وأهدافه البحثية
أكد الدكتور يعقوب الكندري، القائم بأعمال مدير مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، أن المؤتمر يسعى إلى تحقيق غايات بحثية محددة من خلال استكشاف طبيعة التحولات في العالم المعاصر وعلاقتها بالهوية والثقافة. كما يركز على النقاش حول الهوية الخليجية وأثر التراث الشعبي في تشكيلها.
وأشار الدكتور الكندري إلى أن البحث العلمي الرصين هو الأداة الوحيدة القادرة على فهم الإشكاليات المعقدة التي تواجه المجتمعات الخليجية، وأن المؤتمر يمثل فرصة لتعزيز التعاون المعرفي بين مراكز الأبحاث في دول مجلس التعاون. ومن المتوقع أن تخرج الأوراق البحثية المقدمة بتوصيات عملية تساهم في ترسيخ المواطنة والانتماء والهوية في المجتمعات الخليجية.
تتضمن الأبحاث المقدمة في المؤتمر دراسات حول تأثير العولمة على القيم الثقافية، ودور الإعلام الجديد في تشكيل الوعي والهوية، وأهمية الحفاظ على التراث اللغوي والثقافي. كما تتناول بعض الأوراق التحديات القانونية والاجتماعية التي تواجه الحفاظ على الهوية في ظل التغيرات الديموغرافية.
ويعتبر هذا المؤتمر خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على الهوية الخليجية في ظل التحديات المعاصرة، وتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة هذه التحديات. كما يعكس اهتماماً متزايداً من قبل المؤسسات الأكاديمية والثقافية في المنطقة بقضايا الثقافة والتراث.
من المتوقع أن يصدر عن المؤتمر مجموعة من التوصيات التي ستوجه الجهود المستقبلية في مجال الحفاظ على الثقافة وتعزيز الهوية في دول الخليج. وسيتم توزيع هذه التوصيات على المؤسسات الحكومية والأكاديمية والمنظمات غير الحكومية المعنية. كما سيتم نشر الأبحاث المقدمة في المؤتمر في مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية.
في الختام، يمثل هذا المؤتمر فرصة قيمة لتبادل الأفكار والخبرات بين الباحثين والمتخصصين في مجال دراسات الخليج، ووضع الأسس لمستقبل ثقافي واعد للمنطقة. وستتركز الجهود المستقبلية على متابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن المؤتمر وتقييم أثرها على المدى الطويل.





