الجنائية الدولية تتسلم متهما ليبياً بارتكاب جرائم حرب

أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عن احتجاز الليبي خالد محمد علي الهيشري، المتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ليبيا خلال الفترة الممتدة بين عامي 2015 و2020. يأتي هذا الإعلان بعد تسليم السلطات الألمانية الهيشري إلى المحكمة في لاهاي، هولندا، في وقت سابق من هذا الأسبوع. وتعتبر هذه الخطوة تطوراً هاماً في جهود المحكمة لملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي وقعت في ليبيا.
وقد تم اعتقال الهيشري في ألمانيا في 16 يوليو/تموز من العام الحالي، قبل تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتتركز التهم الموجهة إليه حول دوره المزعوم في سجن معيتيقة سيئ السمعة بالقرب من طرابلس، حيث احتجز آلاف الأشخاص لفترات طويلة وتعرضوا لمعاملة قاسية.
تفاصيل الاتهامات الموجهة إلى الهيشري وجرائم حرب في ليبيا
تشير التحقيقات الأولية إلى أن الهيشري كان من كبار المسؤولين في سجن معيتيقة، وهو ما يجعله مسؤولاً بشكل مباشر عن الأفعال التي ارتكبت داخل السجن. وتتضمن هذه الأفعال القتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي، بالإضافة إلى جرائم أخرى ضد الإنسانية. وتؤكد المحكمة أنها تملك أدلة قوية تربطه بهذه الجرائم، سواء بارتكابها بنفسه أو الأمر بها أو الإشراف عليها.
وفقًا للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الفترة الزمنية التي تشملها هذه الاتهامات تمتد من فبراير/شباط 2015 وحتى أوائل عام 2020. هذه الفترة شهدت تصعيداً كبيراً في الصراع الليبي، وتزايداً في عدد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
دور المحكمة الجنائية الدولية في الملف الليبي
على الرغم من أن ليبيا ليست طرفًا في نظام روما الأساسي الذي بموجبه تأسست المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية قد قبلت اختصاص المحكمة على أراضيها في عام 2011، وهو الاختصاص الذي من المقرر أن ينتهي في نهاية عام 2027. وقد جاء هذا القبول بناءً على طلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي كلف المحكمة بالتحقيق في جرائم حرب مزعومة ارتكبت في ليبيا منذ عام 2011.
تعتبر هذه القضية جزءًا من تحقيق أوسع تجريه المحكمة الجنائية الدولية في الوضع في ليبيا. وقد ركزت التحقيقات بشكل خاص على الجرائم التي ارتكبت في سياق الصراع المسلح، بما في ذلك الهجمات على المدنيين والاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون. وتشمل التحقيقات أيضاً جرائم جنسية وعنف جنسي، والتي تعتبر من بين أخطر الانتهاكات التي يمكن أن ترتكب.
تتعاون المحكمة الجنائية الدولية مع السلطات الليبية والمنظمات الدولية الأخرى لجمع الأدلة وتحديد المسؤولين عن هذه الجرائم. وتواجه المحكمة تحديات كبيرة في هذا الصدد، بما في ذلك صعوبة الوصول إلى بعض المناطق المتضررة من الصراع، ونقص التعاون من بعض الأطراف.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قضية الهيشري تأتي في سياق جهود المحكمة الجنائية الدولية لإنهاء مرحلة التحقيق في ملف ليبيا بحلول عام 2026. ومع ذلك، أكد مكتب الادعاء في المحكمة أنه سيواصل العمل على تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق المتهمين الآخرين، واستئناف المحاكمات في القضايا التي تم فتحها بالفعل. وتشمل هذه القضايا قضايا أخرى تتعلق بـانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية.
من الجدير بالذكر أن هذه القضية تثير اهتماماً دولياً كبيراً، حيث تعتبر مثالاً على جهود المجتمع الدولي لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب في مناطق النزاع. وتأمل المحكمة الجنائية الدولية في أن تساهم هذه المحاكمة في تحقيق العدالة للضحايا، وردع الآخرين عن ارتكاب جرائم مماثلة. كما أن هذه القضية قد تؤثر على مسار التحقيقات الأخرى التي تجريها المحكمة في ليبيا.
في الوقت الحالي، لم تحدد المحكمة الجنائية الدولية موعدًا لبدء محاكمة الهيشري. ومن المتوقع أن تستغرق الإجراءات القانونية اللازمة لبدء المحاكمة عدة أشهر، وقد تمتد إلى أواخر عام 2026. وسيتعين على المحكمة أولاً جمع المزيد من الأدلة، وتحديد الشهود، وإعداد لائحة الاتهام.
ما يجب مراقبته في المستقبل القريب هو التقدم في التحقيقات الأخرى المتعلقة بجرائم الحرب في ليبيا، وكيف ستتعامل المحكمة مع التحديات التي تواجهها في جمع الأدلة وتنفيذ مذكرات التوقيف. كما سيكون من المهم متابعة ردود فعل الأطراف الليبية المختلفة على هذه القضية، وكيف ستؤثر على جهود المصالحة الوطنية.





