رويترز: دمشق وقسد تتفاوضان لتنفيذ اتفاق الدمج في مؤسسات الدولة

يسعى مسؤولون سوريون وأكراد وأمريكيون إلى إيجاد حلول عملية لإدماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في المؤسسات الحكومية السورية قبل نهاية العام الحالي، وذلك في ظل تزايد الضغوط وتراجع الثقة في إمكانية التوصل إلى اتفاق شامل. وتأتي هذه الجهود وسط مخاوف من تصعيد محتمل في المنطقة، خاصةً مع اقتراب الموعد النهائي المحدد للاندماج، مما يجعل مستقبل قسد محورًا رئيسيًا للمناقشات الجارية.
وتشير مصادر متعددة إلى أن المحادثات تسارعت في الأيام الأخيرة، لكن تحقيق تقدم كبير لا يزال غير مؤكد. وقد قدمت الحكومة السورية مقترحًا يتضمن إعادة تنظيم مقاتلي قسد، الذين يقدر عددهم بنحو 50 ألف عنصر، ضمن هيكل عسكري موحد، مع بعض التنازلات من الجانب الكردي فيما يتعلق بسلاسل القيادة والنفوذ.
مستقبل قوات سوريا الديمقراطية: تحديات واتفاق محتمل
يواجه ملف قسد تعقيدات كبيرة، حيث تتداخل فيه مصالح إقليمية ودولية. وتشمل التحديات الرئيسية ضمان حقوق المقاتلين الأكراد، وتحديد دورهم في الجيش السوري الموحد، وإدارة المناطق التي تسيطر عليها قسد حاليًا، بما في ذلك حقول النفط والغاز.
وقد أكدت مصادر سورية أن الحكومة أرسلت مقترحًا يتضمن إعادة تنظيم المقاتلين في ثلاث فرق رئيسية وألوية أصغر، مقابل التنازل عن بعض القيادات وفتح الأراضي لوحدات الجيش السوري. لكن لم يتضح بعد مدى تقبل قسد لهذا المقترح، وما إذا كان سيؤدي إلى حل نهائي للأزمة.
دور الوساطة الأمريكية
تلعب الولايات المتحدة دورًا حاسمًا في تسهيل المفاوضات بين الطرفين. وقد نقلت واشنطن رسائل بين الحكومة السورية وقسد، وحاولت التوصل إلى صيغة مقبولة للطرفين. لكن المسؤولين الأمريكيين لم يصدروا أي تعليق رسمي حول آخر التطورات في هذا الملف.
وتشير تقارير إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى الحفاظ على الاستقرار في شمال شرق سوريا، ومنع أي تصعيد قد يؤثر على مكافحة الإرهاب. كما أن واشنطن حريصة على ضمان حماية السكان المحليين، ومنع حدوث أي انتهاكات لحقوق الإنسان.
موقف تركيا والتهديد العسكري
في المقابل، تعرب تركيا عن قلقها البالغ إزاء وجود قسد في شمال سوريا، وتعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية. وقد حذر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من “نفاد الصبر”، مؤكدًا أن بلاده لا تريد اللجوء إلى العمليات العسكرية، لكنها ستضطر إلى ذلك إذا لم يتم التوصل إلى حلول مرضية.
ويشكل الموقف التركي ضغطًا إضافيًا على الأطراف المعنية، ويزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق شامل. وتطالب أنقرة بضمانات قوية لمنع قسد من تهديد أمنها القومي.
ومع ذلك، يرى مسؤول في قسد أنهم “أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى”، مشيرًا إلى أن الضمانة الحقيقية لاستمرار الاتفاق تكمن في تنفيذه بشكل كامل، وليس في الإطار الزمني المحدد. ويشير إلى أن تنفيذ جميع بنود الاتفاق قد يستغرق حتى منتصف عام 2026.
يذكر أن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في مارس الماضي ينص على دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.
في الختام، لا يزال مستقبل قسد معلقًا على نتائج المفاوضات الجارية. ومن المتوقع أن تشهد الأيام القليلة القادمة مزيدًا من الجهود الدبلوماسية، بهدف التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات التي تعترض طريق التوصل إلى اتفاق نهائي، بما في ذلك الموقف التركي والشكوك المتبادلة بين الحكومة السورية وقسد. سيكون من المهم مراقبة التطورات على الأرض، وردود الأفعال الإقليمية والدولية، لتقييم فرص نجاح هذه الجهود.





