الخرطوم تتهم حميدتي بالمناورة السياسية وواشنطن تنتقد الطرفين

أعلنت الحكومة السودانية رفضها لـ”هدنة إنسانية” تقدمت بها قوات الدعم السريع، واصفةً إياها بأنها “مناورة سياسية مكشوفة” في ظل استمرار المعارك والانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحق المدنيين. يأتي هذا الرفض في أعقاب تصريحات من واشنطن عن تقديم خطة سلام شاملة للسودان، والتي قوبلت بدورها بالرفض من كلا الطرفين المتحاربين. وتشهد الساحة السودانية تصعيدًا خطيرًا في الأزمة، مع اتهامات متبادلة بارتكاب جرائم حرب.
وقد وصف وزير الثقافة والإعلام السوداني، خالد الأعيسر، إعلان قوات الدعم السريع بأنه “يتناقض بشكل صارخ مع الواقع المرير” من جرائم ارتكبتها تلك القوات، بما في ذلك حصار المدنيين وتعريضهم للجوع والقصف، إضافة إلى عمليات قتل واعتقال تعسفي. وأشار الأعيسر إلى أن هذه الانتهاكات الأخيرة، خاصة في مدينتي الفاشر وبارا، تجعل من أي حديث عن “هدنة لاعتبارات إنسانية” غير موثوق به.
الموقف الأميركي ورفض الهدنة في السودان
وفي سياق متصل، صرح مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بأن الولايات المتحدة قدمت خطة سلام تفصيلية للسودان، لكنها واجهت رفضًا من كل من الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع. وأكد بولس أن واشنطن تدين بشدة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها كلا الطرفين، وتطالب بمحاسبة المسؤولين.
وأضاف بولس أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتبر تحقيق السلام في السودان أولوية رئيسية، وأن الإدارة الأميركية تواصل جهودها الدبلوماسية لوقف القتال. لكنه أعرب عن خيبة أمل واشنطن في عدم تجاوب الطرفين مع مقترحات السلام المقدمة.
من ناحية أخرى، أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان رفضه للهدنة، مشترطًا أي وقف لإطلاق النار بانسحاب كامل لقوات الدعم السريع من المناطق التي سيطرت عليها منذ بداية الصراع. واعتبر البرهان أن اللجنة الرباعية المعنية بملف السودان “غير محايدة” في تعاملها مع الأزمة.
الانتهاكات المتصاعدة وتأثيرها الإنساني
تأتي هذه التطورات في ظل تقارير متزايدة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في السودان، حيث تتهم منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب في الفاشر، بما في ذلك الإعدامات الميدانية والاغتصاب الجماعي. وأشارت المنظمة إلى أنها جمعت شهادات مروعة من شهود عيان تؤكد هذه الانتهاكات.
وقد دعت منظمة العفو الدولية إلى إجراء تحقيقات مستقلة وفورية في هذه الجرائم، ومحاسبة المتورطين أمام العدالة. كما طالبت بضمان حماية المدنيين وتقديم المساعدة الإنسانية العاجلة للمتضررين من الصراع.
ويواجه السودان أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث نزح ولجأ أكثر من 12 مليون شخص بسبب القتال المستمر. وتشير التقارير إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه، مما يهدد حياة الملايين من السودانيين.
الوضع في السودان يتفاقم، خاصة مع استمرار الصراع وتصاعد الانتهاكات. يتطلب حل الأزمة تعاونًا دوليًا وجهودًا مكثفة لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدة الإنسانية للمتضررين. الأزمة الإنسانية المتدهورة تتسبب في تفاقم معاناة الشعب السوداني وتهدد الاستقرار الإقليمي.
الوضع السياسي والعسكري: يشهد السودان مواجهات عسكرية عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدة مناطق، بما في ذلك الخرطوم ودارفور وكردفان. الجيش السوداني يسيطر على معظم المناطق الحضرية، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على مناطق واسعة في الغرب والجنوب.
الجهود الدولية: تواصل دول الرباعية (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية والإمارات) وجهود الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي للأزمة. لكن هذه الجهود لم تحقق حتى الآن نتائج ملموسة، بسبب تعنت الطرفين ورفضهما تقديم تنازلات.
من المتوقع أن يستمر الوضع الحالي في السودان خلال الفترة القادمة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل. وستبقى الأزمة الإنسانية والتدهور الاقتصادي من أبرز التحديات التي تواجه البلاد. وينبغي على المجتمع الدولي تكثيف جهوده لوقف القتال وتقديم المساعدة الإنسانية للمتضررين، بالإضافة إلى دعم جهود السلام والمصالحة الوطنية.





