الدويري: إسرائيل توسع بنك أهدافها لجر لبنان لاتفاقيات أبراهام

يشهد لبنان وسوريا تصعيدًا ملحوظًا في الضربات الإسرائيلية، في ظل تقييمات تشير إلى سعي إسرائيل إلى خلق ضغط استراتيجي بهدف تحقيق ترتيبات سياسية جديدة في المنطقة، بما في ذلك دفع عجلة اتفاقيات أبراهام. وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، وتصاعدًا في المخاوف بشأن الأمن الإقليمي. الوضع الحالي يتطلب تحليلًا دقيقًا للتحركات الإسرائيلية وأهدافها المحتملة.
وأكد الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء فايز الدويري أن إسرائيل تسعى لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في لبنان وسوريا، بهدف التأثير على المواقف السياسية للدولتين. ويعتبر هذا التصعيد محاولة إسرائيلية لتغيير قواعد الاشتباك وفرض واقع ميداني جديد، وفقًا للتقديرات الإسرائيلية، قد يؤدي إلى تعديل مواقف الحكومات تجاه مسار التطبيع الإقليمي. وتشمل هذه التحركات استهداف مواقع عسكرية وبنية تحتية في مناطق مختلفة.
الضربات الإسرائيلية وتأثيرها على الوضع في لبنان
تتواصل الضربات الإسرائيلية على مناطق واسعة داخل لبنان، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن استهداف مواقع تابعة لقوات الرضوان التابعة لحزب الله، بالإضافة إلى مستودعات أسلحة. وتشير التقارير إلى أن هذه الغارات تتركز في مناطق الجنوب والبقاع، مما يعكس توسعًا في نطاق العمليات الجوية الإسرائيلية. وتأتي هذه التطورات في ظل حالة من التوتر الأمني المتزايد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
وأضاف الدويري أن إسرائيل تعمل على ثلاثة مستويات في لبنان: السياسي والعسكري والأمني، بهدف خلق بيئة ضغط شاملة على الدولة اللبنانية والجيش والمقاومة. ويأمل المسؤولون الإسرائيليون أن تدفع هذه الضغوط بيروت نحو خيارات لم تكن مطروحة سابقًا، بما في ذلك تعديل موقفها تجاه مسار التطبيع مع إسرائيل.
ويُلاحظ أن لبنان قدّم تنازلًا خلال الأيام الماضية من خلال رفع مستوى الوفد التفاوضي إلى مستوى سياسي، وهو ما تعتبره إسرائيل مؤشرًا على إمكانية تحقيق تقدم في مسار الضغوط إذا استمر التصعيد. ومع ذلك، لا يزال الموقف اللبناني الرسمي حذرًا، ويصر على حصر السلاح بيد الدولة.
توسع نطاق العمليات الجوية
ترافق التصعيد العسكري مع غارات إسرائيلية جديدة استهدفت محيط بلدات زلايا في البقاع الغربي، والبيسارية وجبل الرفيع وتبنين وأنصار ومرتفعات الريحان جنوبي لبنان. ويؤكد مراقبون أن هذا التوسع في نطاق العمليات الجوية يعكس رغبة إسرائيل في زيادة الضغط على حزب الله وإظهار قدرتها على الوصول إلى عمق الأراضي اللبنانية.
ويرى الدويري أن الجيش اللبناني غير معني بالرد العسكري المباشر، نظرًا لقدراته المحدودة ومهامه المحددة جنوب الليطاني. وبالتالي، فإن الرد -في حال وقوعه- سيكون محصورًا في نطاق المقاومة، التي تواجه بدورها تعقيدات سياسية داخلية متزايدة.
مستقبل التطبيع الإقليمي والضغوط الإسرائيلية
تشير التحليلات إلى أن إسرائيل تسعى إلى استغلال الوضع الحالي لتعزيز مسار التطبيع الإقليمي، من خلال الضغط على الدول العربية لتبني مواقف أكثر إيجابية تجاه إسرائيل. ويعتبر اتفاق أبراهام نموذجًا تسعى إسرائيل إلى تعميمه على دول أخرى في المنطقة. التطبيع مع إسرائيل يظل قضية خلافية في المنطقة، وتواجه أي محاولات لتعزيزه معارضة قوية.
ويؤكد الدويري أن اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، وما تلاه من ضربات موجعة لصفوفه القيادية، قد قلصت قدرة الحزب على الحركة الاستراتيجية. بالإضافة إلى ذلك، أدت التطورات المرتبطة بإيران في سوريا إلى تراجع خط الإمداد عبر الجغرافيا السورية بنسبة تصل إلى 80%. الوضع الأمني في سوريا يمثل تحديًا إضافيًا للحزب.
وتزامن ذلك مع متغيرات دولية، أبرزها وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مما يزيد الضغوط على لبنان ويجعل المرحلة المقبلة أكثر حساسية. وتسعى إسرائيل إلى استثمار هذه الظروف لتحقيق مكاسب سياسية تتجاوز حدود العمليات العسكرية. التحركات الإسرائيلية تأتي في سياق إقليمي ودولي معقد.
من المتوقع أن يستمر التوتر في المنطقة خلال الفترة المقبلة، مع استمرار الضربات الإسرائيلية وتصاعد الضغوط السياسية. وستراقب الأطراف المعنية عن كثب التطورات على الأرض، وتقييم تأثيرها على الوضع الأمني والسياسي في المنطقة. يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الضغوط الإسرائيلية ستؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة، أو ستؤدي إلى مزيد من التصعيد والتوتر.





