الشرطة التونسية تعتقل رئيس جبهة الخلاص الوطني

أعلنت عائلة أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني التونسية، عن اعتقاله اليوم، وذلك لتنفيذ حكم قضائي بسجنه لمدة 12 عامًا في ما يعرف بـ”قضية التآمر على أمن الدولة”. يأتي هذا الاعتقال في ظل تصاعد التوترات السياسية في تونس وتزايد الاعتقالات التي تستهدف معارضي الرئيس قيس سعيد، وسط انتقادات واسعة النطاق من منظمات حقوقية وطنية ودولية.
وقالت المحامية هيفاء الشابي، وهي ابنة زعيم المعارضة، في تصريح فيديو نشرته اليوم، إن الشرطة أوقفت والدها واقتادته إلى السجن. وأضافت أن الشابي سيتمكن من الطعن في الحكم، لكنها أشارت إلى أن إجراءات الطعن في قضايا تتعلق بأمن الدولة غالبًا لا توقف تنفيذ الأحكام على الفور.
“قضية التآمر” وتداعياتها السياسية
يعتبر أحمد نجيب الشابي، البالغ من العمر 82 عامًا، شخصية بارزة في المعارضة التونسية منذ عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، واستمر في دوره المعارض خلال فترة حكم زين العابدين بن علي. وقد حاصرت قوات الأمن منزل الشابي مساء الثلاثاء الماضي كتمهيد لاعتقاله بعد صدور الحكم.
وصف الشابي الأحكام القضائية الأخيرة ضد المعارضين بأنها “جائرة” و”مبنية على تهم ملفقة” خلال مقابلة مع قناة الجزيرة يوم الثلاثاء. وأشار إلى أنه كان يتوقع هذا الاعتقال، مؤكدًا أنه قاطع محاكمته بسبب عدم ثقته في استقلالية القضاء، معتبرًا القضاة “موظفين لدى السلطة”.
تقود جبهة الخلاص الوطني، التي يرأسها الشابي، تجمعًا من القوى السياسية المعارضة، بما في ذلك أحزاب مستقلة ونشطاء. وترفض هذه الجبهة الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021، والتي منحت الرئيس صلاحيات واسعة.
اعتقالات متلاحقة للمعارضين
لم يكن الشابي الشخص الوحيد الذي طالته هذه الاعتقالات الأخيرة. فقد ألقت قوات الأمن القبض على المحامي العياشي الهمامي قبل يومين، بعد تأكيد حكم بسجنه لمدة 5 سنوات في نفس “قضية التآمر”. كما اعتقلت الناشطة المعارضة شيماء عيسى الأسبوع الماضي أثناء مشاركتها في مسيرة احتجاجية، وذلك لتنفيذ حكم سابق عليها بالسجن لمدة 20 عامًا في ذات القضية.
أيدت محكمة الاستئناف، يوم الجمعة الماضي، معظم الأحكام الصادرة في هذه القضية ضد العشرات من السياسيين ورجال الأعمال والناشطين، الذين تم إيقافهم في فبراير 2023. وقد وصلت بعض الأحكام إلى السجن لمدة 45 عامًا، مما أثار موجة استياء واسعة.
تتهم السلطات التونسية الموقوفين في “قضية التآمر” بالتحريض على قلب نظام الحكم وتقويض مؤسسات الدولة. في المقابل، تتهم المعارضة السلطات بتسييس القضاء واستخدام التهم الموجهة للمعارضين كأداة لقمع المعارضة السياسية. وتشير تقارير حقوقية إلى وجود انتهاكات لإجراءات المحاكمة العادلة.
تأثير الاعتقالات على المشهد السياسي
تأتي هذه الاعتقالات في وقت يشهد فيه المشهد السياسي التونسي حالة من الاستقطاب الحاد. وتثير هذه الأحداث مخاوف بشأن مستقبل الحريات العامة وحقوق الإنسان في البلاد. وتشهد تونس تدهورًا في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مما يزيد من حدة التوترات السياسية.
من المتوقع أن تتصاعد ردود الأفعال المعارضة على هذه الاعتقالات، وقد تشمل احتجاجات ومظاهرات. كما من المحتمل أن تلجأ المعارضة إلى الضغط الدولي لإدانة هذه الإجراءات. تعتبر مراقبة التطورات القضائية وموقف السلطات من الحوار السياسي من الأمور الحاسمة في تحديد مستقبل الأوضاع في تونس.
وفيما يتعلق بـ”قضية التآمر على أمن الدولة”، من المنتظر أن يقوم فريق الدفاع عن أحمد نجيب الشابي بتقديم طلب رسمي للاستئناف على الحكم الصادر ضده. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت السلطات ستوافق على إيقاف تنفيذ الحكم في انتظار نتيجة الاستئناف. يجب متابعة تطورات هذه القضية عن كثب، بالإضافة إلى ردود الفعل الدولية والمحلية، لتقييم تأثيرها على المشهد السياسي والحقوقي في تونس.





