نظم قسم التصميم المرئي والداخلي في كلية العمارة بجامعة الكويت مؤخرًا محاضرة مهمة حول “دور الثقافة في التصميم الداخلي”، وذلك في إطار سعي الكلية لتعزيز المعرفة والمهارات العملية لطلابها في مجال العمارة الداخلية. المحاضرة، التي أقيمت بتاريخ [تاريخ المحاضرة – يرجى إدخاله هنا]، هدفت إلى تسليط الضوء على العلاقة الوثيقة بين التصميم الداخلي والسياقات الثقافية المتنوعة التي تؤثر فيه. وقد لاقت المحاضرة تفاعلًا كبيرًا من قبل الطلاب المهتمين بتطوير فهمهم لهذا الجانب الحيوي من عملهم المستقبلي.
ألقت المحاضرة المصممة أليسيا كامبرا، المؤسسة والمديرة الإبداعية لاستوديو Cambra Buro، تحت إشراف الدكتورة ريم دشتي. ركزت كامبرا في عرضها على أهمية دمج العناصر الثقافية في التصميم الداخلي لخلق مساحات ذات معنى وتعكس هوية المستخدمين. تستهدف هذه المبادرة الأكاديمية تطوير جيل من المصممين قادرين على تقديم حلول إبداعية ومستدامة تتناسب مع التراث الثقافي للمجتمع.
أهمية الثقافة في التصميم الداخلي
أكدت كامبرا في بداية محاضرتها على مفهوم “أنسنة المساحة”، مشيرة إلى أن دور المصمم لا يقتصر على إنشاء مساحات جميلة من الناحية الجمالية، بل يتعدى ذلك ليشمل خلق بيئات تستجيب للاحتياجات العاطفية والسلوكية للأفراد. هذا يتطلب فهمًا عميقًا لكيفية تفاعل الإنسان مع المكان وتأثير الثقافة والذاكرة والعادات اليومية على هذه التجربة. تعتبر هذه النقطة أساسية في بناء مساحات عملية ومريحة.
العناصر الثقافية غير المرئية في التصميم
تطرقت المحاضرة إلى ما أسمته كامبرا “الجانب غير المرئي” في التصميم الداخلي. يشمل ذلك العوامل الثقافية الخفية مثل الطقوس والحرف اليدلية والمناخات المحلية والقصص الشعبية التي تلعب دورًا حاسمًا في تحديد اختيار المواد وطرق معالجة الإضاءة وفلسفة النجارة وتدفق الحركة داخل الفضاء. على سبيل المثال، يمكن أن يعكس استخدام مواد تقليدية في التصميم الداخلي التراث المحلي ويعزز الشعور بالهوية والانتماء.
قدمت كامبرا خريطة تفصيلية للإشارات الثقافية والاختلافات الدقيقة في المساحات التي تظهر تنوع التجارب المكانية حتى داخل دولة واحدة. هذا يسلط الضوء على أهمية إجراء أبحاث ميدانية متعمقة لفهم الاحتياجات والتفضيلات الثقافية للمجتمعات المحلية قبل البدء في أي مشروع تصميم. تعتبر دراسة التراث المعماري المحلي جزءًا أساسيًا من هذه العملية.
تطبيق عملي: إعداد لوحات الإلهام (Mood Boards)
تضمنت المحاضرة جزءًا عمليًا تفاعليًا، حيث أوضحت كامبرا كيفية إعداد لوحات إلهام احترافية. أكدت أن هذه اللوحات يجب أن تنطلق من فهم عميق للسياق الإنساني والثقافي للمشروع، وأن تجمع بين اللغة البصرية والمواد والإضاءة والهوية في لوحة واحدة تعبر عن القصة العامة للتصميم. تعتبر لوحات الإلهام أداة قوية للتواصل مع العملاء وأصحاب المصلحة الآخرين.
عرضت كامبرا أيضًا مجموعة من دراسات الحالة لمشاريع نفذتها في الكويت وإسبانيا ودول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مشاريع عالمية أخرى. قدمت تحليلات مفصلة توضح كيفية تحويل السياق الثقافي إلى تصاميم معاصرة دون الوقوع في فخ التقليد الأعمى أو الاستعارات المباشرة. ركزت هذه التحليلات على أهمية الأصالة والإبداع في التصميم الداخلي.
التصميم المستدام والهوية الثقافية
أثناء النقاش المفتوح الذي اختتم الجلسة، تفاعل الطلاب بشكل كبير بطرح الأسئلة حول أساليب القراءة الثقافية للمكان وكيفية ربط الاستدامة بالتصميم الفاخر. كما ناقشوا تطوير مقاربات تصميمية تتناسب مع الخصوصية الاجتماعية للبيئة الكويتية والخليجية. تؤكد هذه الأسئلة على اهتمام الطلاب المتزايد بقضايا الاستدامة والحفاظ على التراث الثقافي.
أكدت كامبرا على ضرورة التكامل بين التصميم الداخلي والممارسات البيئية المستدامة، مشيرة إلى أن استخدام المواد المحلية والصديقة للبيئة يمكن أن يساهم في تقليل البصمة الكربونية للمشاريع ويعزز الشعور بالانتماء للمكان. بالإضافة إلى ذلك، تحدثت عن أهمية فهم التقاليد الثقافية المحلية لضمان تصميم مساحات تحترم القيم والعادات الاجتماعية.
يبدو أن الكلية ستعمل على دمج المزيد من ورش العمل والزيارات الميدانية في المناهج الدراسية المستقبلية لتعزيز فهم الطلاب لهذه الجوانب. من المقرر أن تعقد الكلية اجتماعًا لمراجعة المناهج الدراسية في غضون شهر واحد لتقييم إمكانية إضافة المزيد من الدورات التدريبية المتخصصة في التصميم المستدام والتصميم الثقافي. يجب متابعة تطورات هذه المراجعة لمراقبة التغييرات المحتملة في البرامج الأكاديمية المقدمة.
