الكويت: وضع ضوابط دولية للاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي بما يمنع إساءة استغلاله في عمليات تجنيد الأشخاص

أعلنت الكويت عن جهودها المتواصلة في مكافحة الاتجار بالأشخاص، مؤكدةً التزامها بالمعايير الدولية وتعزيز التعاون لمواجهة هذه الجريمة المتنامية، خاصةً مع الاستغلال المتزايد للتقنيات الحديثة. جاء هذا الإعلان خلال مشاركة الكويت في الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة لتقييم خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، والذي عقد مؤخرًا.
وقد أكد وكيل النيابة العامة الكويتي، فهد المطيري، على أن الكويت انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة ذات الطابع العابر للحدود وبروتوكوليها، مما ألزمها بتجريم كافة أشكال الاستغلال، بما في ذلك تلك التي تتم عبر الإنترنت أو تتجاوز الحدود الوطنية. وتأتي هذه الخطوات في إطار سعي الدولة لتعزيز منظومة العدالة الجنائية وحماية الفئات الضعيفة من الاستغلال.
تحديات مكافحة الاتجار بالأشخاص في العصر الرقمي
يشكل الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية تحديًا كبيرًا لجهود مكافحة الاتجار بالأشخاص على مستوى العالم. فقد أصبحت هذه التقنيات أداة رئيسية في يد الشبكات الإجرامية، سواءً في استهداف الضحايا المحتملين من خلال الخوارزميات، أو في إنشاء هويات رقمية مزيفة لتسهيل عمليات التجنيد والاستغلال.
دور الذكاء الاصطناعي في تسهيل عمليات الاتجار
أشار المطيري إلى أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم في إنتاج هويات رقمية مزيفة، مما يجعل من الصعب تتبع المجرمين والتحقق من هوية الضحايا. بالإضافة إلى ذلك، يتم استغلال هذه التقنيات لإخفاء آثار التحويلات المالية غير المشروعة، وتسهيل عمليات التجنيد عبر المنصات الرقمية المختلفة.
وتشير التقارير إلى أن الشبكات الإجرامية تستخدم أيضًا تقنيات التعرف على الوجه والبيانات الضخمة لتحديد الأفراد الأكثر عرضة للخطر، واستهدافهم بعروض عمل وهمية أو وعود كاذبة. هذا التطور يفرض على السلطات القضائية والأمنية تحديًا جديدًا في الكشف المبكر عن هذه الجرائم.
تعقيد الأدلة الإلكترونية وسرعة انتقال الجريمة
لا يقتصر التحدي على استهداف الضحايا، بل يمتد أيضًا إلى جمع الأدلة الرقمية وتحليلها. فالأدلة الإلكترونية غالبًا ما تكون معقدة ومتغيرة، وتتطلب خبرات فنية متخصصة لفك رموزها وتحديد الجناة.
علاوة على ذلك، تتميز جرائم الاتجار بالأشخاص عبر الإنترنت بسرعة انتقالها عبر الحدود، مما يجعل من الصعب على السلطات الوطنية التعاون والتنسيق بينها لإيقاف هذه الشبكات الإجرامية. هذا يتطلب تطوير آليات دولية فعالة لتبادل المعلومات وتقديم المساعدة القانونية.
جهود الكويت لمواجهة التحديات الرقمية
في مواجهة هذه التحديات، أكد المطيري على ضرورة اعتماد آليات واضحة وفعالة لمكافحة الاتجار بالأشخاص في العصر الرقمي. وتتضمن هذه الآليات تطوير أدوات ذكاء اصطناعي مضادة للكشف المبكر عن أنماط الاتجار الرقمية، وتعزيز الشراكات مع شركات التكنولوجيا لرصد المحتوى الاستغلالي والإبلاغ عنه.
وتسعى الكويت أيضًا إلى بناء قواعد بيانات مشتركة مع الدول الأخرى، وربط نظم الإحالة الوطنية بالمنصات الرقمية لتسهيل عملية تبادل المعلومات وتحديد الضحايا. كما تولي الدولة أهمية كبيرة لتدريب وتأهيل الكوادر الأمنية والقضائية على التعامل مع الجرائم الإلكترونية المتعلقة بالاتجار بالأشخاص.
بالإضافة إلى ذلك، شدد المطيري على أهمية وضع ضوابط دولية للاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، بما يمنع إساءة استغلاله في عمليات تجنيد واستغلال الأشخاص. ويجب أن تتضمن هذه الضوابط معايير واضحة لحماية البيانات الشخصية، وضمان الشفافية في استخدام الخوارزميات، ومحاسبة الشركات التي تسمح باستخدام منصاتها في أنشطة غير قانونية.
وتعتبر مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص جزءًا من جهود أوسع تبذلها الكويت في مجال مكافحة الجريمة المنظمة، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي. وتتعاون الكويت بشكل وثيق مع المنظمات الدولية المعنية، مثل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، لتبادل الخبرات والمعلومات، وتنفيذ البرامج والمشاريع المشتركة.
وفي سياق متصل، تشير التوقعات إلى أن الكويت ستواصل تطوير قوانينها وتشريعاتها المتعلقة بالاتجار بالأشخاص، بما يتماشى مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات. ومن المتوقع أيضًا أن تزيد الدولة من استثماراتها في مجال التكنولوجيا والتدريب، لتعزيز قدراتها على مكافحة هذه الجريمة المتنامية. وستظل مسألة التعاون الدولي وتبادل المعلومات على رأس أولويات الكويت في هذا المجال، نظرًا لطبيعة هذه الجريمة العابرة للحدود.





