مدير «تعزيز الوسطية»: المؤتمر الدولي للأسرة بالإمارات وفر منصة لمناقشة التحديات

أكد الدكتور عبدالله الشريكة، مدير مركز تعزيز الوسطية بوزارة الشؤون الإسلامية، أن المؤتمر العالمي للأسرة الذي استضافته الإمارات العربية المتحدة قدم مساحة علمية مهمة لمناقشة التحديات المعاصرة التي تواجهها الأسرة. جاء ذلك خلال المؤتمر الثالث تحت عنوان “الأسرة في سياق فقه الواقع” والذي نظمه مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في أبوظبي بحضور نخبة من العلماء والباحثين من مختلف أنحاء العالم. ويهدف المؤتمر إلى تطوير استراتيجيات فعالة لدعم استقرار الأسرة في ظل التحولات الاجتماعية.
عقد المؤتمر في العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال الفترة من 13 إلى 15 مايو 2024، بمشاركة 39 عالمًا ومفتيًا وأكاديميًا وقاضيًا، يمثلون مختلف المدارس الفقهية والدول الإسلامية. وقد تم الإشراف على المؤتمر ورعايته من قبل سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام ورئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة.
أهمية المؤتمر العالمي للأسرة في تعزيز القيم المجتمعية
أشار الدكتور الشريكة إلى أن الأسرة تمثل الركيزة الأساسية في بناء المجتمعات واستقرارها، مؤكدًا على ضرورة معالجة القضايا الأسرية المعاصرة بمنظور فقهي متوازن. ويهتم هذا المنظور بمقاصد الشريعة الإسلامية وبالتغيرات التي تطرأ على الواقع الاجتماعي. النقاشات ركزت على إيجاد حلول شرعية وقابلة للتطبيق للتحديات التي تواجه الأسرة في العصر الحديث.
تحديات معاصرة تواجه الأسرة
ناقش المؤتمر مجموعة واسعة من المحاور المتعلقة بالتحديات التي تواجه الأسرة، بما في ذلك الآثار السلبية للمخاطر الإلكترونية والتقنيات الحديثة على الترابط الأسري. كما تناول قضايا مثل العنف الأسري، والطلاق، والمسؤولية تجاه الأبناء في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة. بالإضافة إلى ذلك، استعرض المؤتمر دور المؤسسات الدينية والتعليمية في تعزيز الوعي بأهمية الأسرة.
دور الفقه الإسلامي في مواجهة التحديات
ركز المشاركون في المؤتمر على أهمية استلهام الأحكام الشرعية من مصادرها الأصيلة، مع مراعاة الواقع المعيش. وبحسب تصريحات المشاركين، فإن الفقه الإسلامي يوفر إطارًا مرنًا وقادرًا على التكيف مع المتغيرات دون المساس بالقيم والمبادئ الأساسية. يشدد الخبراء على ضرورة تطوير خطاب ديني معتدل ويسع، يعزز التفاهم والحوار بين مختلف الأطياف الفكرية.
أكد المشاركون في المؤتمر على ضرورة التكامل بين المؤسسات الدينية والفكرية في العالم الإسلامي. هذا التكامل يمثل ركيزة أساسية لتطوير الخطاب الشرعي المتعلق بالأسرة، وتمكين هذه المؤسسات من مواجهة التحديات المعاصرة بفعالية أكبر. ويساعد أيضًا في تبادل الخبرات والمعرفة بين الباحثين والمختصين في هذا المجال.
حول دور المرأة في الأسرة، ناقش المؤتمر سبل تعزيز دورها ومكانتها في المجتمع، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على التوازن بين حقوقها وواجباتها. وأشار المشاركون إلى أهمية تمكين المرأة اقتصاديًا وتعليميًا، وتوفير الدعم اللازم لها لتحقيق التنمية الشاملة. وتم التأكيد على أهمية التربية السليمة للأبناء، وغرس القيم الأخلاقية والإسلامية فيهم.
يأتي هذا المؤتمر في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز دور الأسرة في المجتمع. وتركز هذه الجهود على توفير بيئة آمنة ومستقرة للأسر، وتقديم الدعم اللازم لها للتغلب على التحديات التي تواجهها. الأسرة هي في صميم رؤية الدولة للتنمية المستدامة.
وشدد الدكتور الشريكة على أن هذه المؤتمرات تساهم في تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الأسرة باعتبارها نواة المجتمع وأساس تماسكه. كما أنها تدعم الجهود الرامية إلى ترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال في تناول القضايا الأسرية، وتحد من انتشار الأفكار المتطرفة.
من المتوقع أن يقوم مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بإعداد تقرير شامل يتضمن نتائج المؤتمر والتوصيات الصادرة عنه. سيتم توزيع هذا التقرير على الجهات المعنية في دولة الإمارات وخارجها، بهدف الاستفادة من محتواه في تطوير السياسات والبرامج المتعلقة بالأسرة. ومن المرجح أيضاً أن يتم عقد ورش عمل وندوات تدريبية لتفعيل هذه التوصيات على أرض الواقع.
تبقى متابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن المؤتمر والتقييم المستمر لأثرها على المدى الطويل أمرًا بالغ الأهمية. كما أن الاستمرار في تنظيم فعاليات مماثلة، وتوسيع نطاق المشاركة فيها، سيسهم في تعزيز الجهود الرامية إلى دعم الأسرة وحمايتها من التحديات المختلفة. ويجب التركيز على البحث العلمي المتخصص في قضايا الأسرة والدين.





