Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

الهند تريد الدخول في سوق صناعة الأسلحة وتصديرها فما القصة؟

ألقى الصباح خيوطا واهنة فوق مصنع هندوستان للطائرات في بنغالور، جنوب العاصمة الهندية دلهي. كانت شمس السادس من فبراير/شباط 1959 لا تزال أسفل خط الأفق، ورغم ذلك، دبت حركة استثنائية في أرجاء المصنع، استعدادا لزيارة رئيس وزراء الهند آنذاك، جواهر لال نهرو، الذي شق طريقه فور وصوله نحو حظيرة تجميع الطائرات، ثم طلب رؤية “الآلة الجديدة”.

قال نهرو: “على الرغم من ضيق وقتي فإنني انتهزت الفرصة لإلقاء نظرة على عملك”. كان نهرو يوجّه الكلام إلى كورت تانك الذي وقف في صدارة مستقبليه وأجابه قائلا: “بكل سرور”.

“الآلة” المقصودة هي مقاتلة “ماروت” النفاثة (HF-24 Marut)، التي أنتجتها الهند خلال ستينيات القرن الماضي، أما تانك فهو مهندس طيران ألماني الأصل لُقِّب “الأستاذ” نظرا لبراعته، حيث قاد قسم التصميم في شركة “فوكه وولف” الألمانية، التي كانت مسؤولة عن تصميم العديد من الطائرات المتميزة في سلاح الجو الألماني، قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها.

بعد انتهاء الحرب لم يكن تانك ضمن العلماء والمهندسين الألمان الذين تم إجلاؤهم قسرا إلى الاتحاد السوفياتي أو أميركا، إذ سافر أولا إلى الأرجنتين ومن هناك استقدمه نهرو، الذي وضعه على رأس فريق تصميم الطائرة ماروت؛ كان النزاع حول منطقة كشمير دافعا لتوقع حرب أخرى بين الهند وباكستان، فتطلع سلاح الجو الهندي -آنذاك- إلى امتلاك مقاتلة نفاثة تفوق سرعة الصوت، وتزامن ذلك مع رغبة الهند في تأسيس استقلالها في مجال الطيران عن دول العالم الأول.

نجح فريق تانك في تقديم تصميم لماروت، ومع ذلك كانت الهند بعيدة كل البُعد عن تطوير محرك يلائم الطائرة المقاتلة؛ فتم بحث البدائل إلى أن استقر الرأي على استخدام محرك نفاث بريطاني الصُنع من طراز أورفيوس، لكن أداء الطائرة ظل ضعيفا ولم تتمكن غالبا من كسر حاجز الصوت، ولم تستطع مضاهاة طائرات الميغ الروسية ولا مقاتلات “ستار فايتر” الأميركية، التي اعتمد عليها الجيش الباكستاني في ذلك الوقت؛ مما دفع الكثيرين إلى اعتبار مشروع ماروت “فشلا طويل الأمد”.

الضربة الأخيرة في مسيرة ماروت أتت بعد إجراء الحكومة الهندية تجاربها النووية الأولى في مدينة بوخران عام 1974، حيث منعتها الضغوط الدولية من استيراد محركات أفضل للطائرة، كما أدت إلى حرمانها من توفير قطع غيار لمحرك أورفيوس، وكان هذا سببا رئيسيا في توقف الإنتاج.

على خلفية ذلك وُجِّهت انتقادات إلى الحكومة الهندية، كان أبرزها الإشارة إلى التناقض بين الطموح وقدرات البنية التحتية والقاعدة العلمية؛ مما أدى إلى الاعتماد بشكل كبير على التقنيات الأجنبية والمكوّنات المستوردة، ثم أدى غياب الغطاء السياسي والافتقار إلى التنسيق بين الجيش والساسة إلى فرض حظر على إمداد قطع الغيار وفشل البرنامج.

 

ما بعد حرب الصين: شراء الحليف بأي ثمن

سبقت ذلك هزيمة الهند الكارثية في الحرب الحدودية مع الصين عام 1962. ووفقا لأحد وثائق المخابرات المركزية الأميركية، طلب نهرو مساعدة عسكرية من الولايات المتحدة في أعقاب أكتوبر/تشرين الأول 1962؛ مما أثمر تعاونًا استخباريًّا قصير الأمد بين البلدين، كانت نهايته بوفاة نهرو في 1964.

الوثيقة تشير إلى موافقة الهند على تزويد طائرات الاستطلاع الأميركية “يو 2″ بالوقود داخل مجالها الجوي، مقابل منح الهند معلومات حول وضع القوات الصينية وتوغلاتها داخل الحدود، مما يعد خرقا لـ“سياسة عدم الانحياز” التي التزمت بها الهند منذ استقلالها، حيث أرادت الولايات المتحدة من هذه الخطوة الحصول على قاعدة جوية في الهند، تمكنها من تسيير طائراتها الاستطلاعية فوق مواقع اختبار الصواريخ الباليستية السوفياتية، التي كانت تجري آنذاك في مدينة ساريشغان الكازاخستانية.

سعت الهند أيضا خلال حقبة الستينيات، إلى التعاقد على سربين “32 طائرة” من أحدث أنواع مقاتلات الميغ الروسية؛ مما أدى إلى تعرضها لضغوط غربية، خصوصا من جانب بريطانيا، التي كانت منتجاتها آنذاك تشكّل غالبية الترسانة الجوية الهندية، وقد أقر نهرو بأن “الآثار الأيديولوجية للصفقة قد تؤثر في المساعدات الغربية بشكل كبير”، في حين جادل البعض في ذلك، بأن عدم الانحياز يحتم على الهند السعي إلى الحصول على مساعدات عسكرية من الكتلة السوفياتية باعتبارها معادلة للمساعدات العسكرية من الغرب، التي بدأت تتدفق إلى الهند بعد فترة وجيزة من الهجوم الصيني.

في هذا الصدد يشير سوميت جانجولي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة إنديانا الأميركية، إلى أن سياسة الهند الخارجية مرت بثلاثة تحولات، شكّلت الفترة الأولى منها المرحلة الأكثر مثالية تحت وصاية جواهر لال نهرو، وامتدت تلك المرحلة من حصول الهند على استقلالها عام 1947 إلى هزيمة عام 1962، حيث بدأت الفترة الثانية، التي شهدت تحولا تدريجيا بعيدا عن المثالية المبكرة التي ميزت السياسة الخارجية للهند، واعتماد نهج “المساعدة الذاتية” في السياسة الخارجية بشكل متزايد مع الاحتفاظ بعناصر من الخطاب النهري، ثم كانت المرحلة الثالثة مع نهاية الحرب الباردة واعتمدت خلالها الهند سياسة خارجية أكثر براغماتية تتبنى مبادئ الواقعية.

المعنى ذاته صاغه ياشوانت سينها، وزير الشؤون الخارجية السابق في الحكومة الهندية، خلال محاضرة ألقاها عام 2002 داخل كلية الدفاع الوطني في نيودلهي. إذ رأى أن سياسة الهند الخارجية في أعقاب الاستقلال، كانت على الدرجة نفسها من المثالية التي تميز النضال من أجل الحرية، أمّا ما تلا ذلك فيشير بوضوح إلى اعتماد سياسة خارجية أكثر واقعية.

السياسة البراغماتية أو “الواقعية” تولدت عن سعي الهند لاستغلال أية وسيلة لصد الخطرين “الصيني والباكستاني”، بما في ذلك زيادة الإنفاق العسكري والانغماس في استيراد المعدات العسكرية، إضافة إلى استخدام تلك الصفقات أداةً لتكوين التحالفات. لقد أدركت الهند من تجارب مثل حرب الصين وفشل “ماروت” وغيرها، الارتباط بين الغطاء السياسي وبناء القدرات العسكرية وتكوين التحالفات.

وبدءًا من عام 1962، تصاعدت مشتريات الهند العسكرية بشكل سنوي، خصوصا تلك القادمة من موسكو، التي نظرت إليها الهند بوصفها حليفا إستراتيجيا، نظرا لتنامي الخلاف الصيني السوفياتي خلال عقد الستينيات، ثم استخدام موسكو حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن بشأن كشمير، بما يصب في مصلحة الهند، في مقابل انخراط باكستان في شراكة مع الولايات المتحدة في ذلك الوقت.

ومنذ عام 2010، تربعت الهند على عرش مستوردي الأسلحة في العالم، حيث يشير تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إلى أن الهند تعد أكبر مستورد للأسلحة في العالم في الوقت الحالي، وتمثل وارداتها من المعدات العسكرية 9.8٪ من إجمالي الواردات العالمية في الفترة 2019-2023، كما توقع مركز أبحاث الكونغرس الأميركي أن إنفاق الهند على المشتريات الدفاعية سوف يبلغ 220 مليار دولار خلال العقد القادم.

 

سوق السلاح: اللعب فوق حبال السياسة

تقرير معهد ستوكهولم يشير إلى أن روسيا لا تزال مورّد الأسلحة الرئيسي إلى الهند، حيث تمثّل صادراتها نسبة 36% من إجمالي مشتريات الهند الدفاعية، في حين تحتل فرنسا المرتبة الثانية بنسبة 33%، تليها الولايات المتحدة بنسبة 13% من إجمالي المشتريات.

في الوقت ذاته تحتل الهند المرتبة الأولى، من حيث كونها أكبر مستورد للأسلحة من ثلاث دول، هي بالترتيب: روسيا وفرنسا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث تشتري الهند 37% من إجمالي صادرات إسرائيل العسكرية، كما تشمل تعاملاتها: بولندا وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا.

ومع ذلك، يرصد التقرير انخفاض حصة الهند من الأسلحة الروسية في السنوات الأخيرة بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية، التي أدت إلى انخفاض صادرات موسكو العسكرية بشكل عام، حيث انخفضت صادراتها من الأسلحة بنسبة 53% لتبلغ 11% من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية “بالتساوي مع فرنسا”، وتشير التقديرات إلى أن الهند حصلت على معدات دفاعية روسية متنوعة بقيمة 35 مليار دولار بين عامي 1960 و1990، لا يزال الكثير منها نشطا من الناحية التشغيلية، ويتوقع أن يظل كذلك على مدى العقدين القادمين.

 

التعاون العسكري بين دلهي وموسكو ظل قائما بعد تفكك الاتحاد السوفياتي السابق، حيث وقّع البلدان معاهدة جديدة للصداقة والتعاون في عام 1993، ومع ذلك أثار التقارب بين روسيا والصين مخاوف الهند، علاوة على ذلك، تراجع دور حزب المؤتمر ذي النزعة الاشتراكية، الذي قاد الهند منذ الاستقلال إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي؛ مما أدى إلى انفتاح الهند على الدول الغربية وزيادة التبادل التجاري والتعاون في قضايا الأمن، في حين كانت السياسة الخارجية الهندية تسعى إلى التكيف مع العالم الأحادي القطب، ومن ثم التقارب مع الولايات المتحدة عبر استغلال مخاوف الأخيرة حيال نمو بكين وأطماعها.

استفادت الهند مجددا من ورقة الصين لكنها ألقت أشرعتها تلك المرة نحو الغرب. من جانبها سارعت واشنطن إلى احتضان الهند؛ وتشير مجلة شؤون المحيطين الهندي والهادئ، التابعة لإدارة القوات الجوية الأميركية، إلى أن القرن الـ21 شهد نموا هائلا للشراكة بين الهند والولايات المتحدة، التي بذلت جهودًا كبيرة بدءًا من عام 2005 لمساعدة الهند على أن تصبح قوة عالمية كبرى، حيث سعت واشنطن إلى تعزيز مكانة دلهي في النظام العالمي والمؤسسات الدولية، وتعزيز قدرات الهند في مجال الأسلحة وقاعدتها التكنولوجية، وتمكين قابلية التشغيل البيني للعمليات العسكرية، كما تم تصنيف الهند “شريكًا دفاعيًّا رئيسيًّا” عام 2016، على قدم المساواة مع حلفاء الناتو.

ومنذ عام 2008 برزت التجارة الدفاعية جانبًا أساسيًّا في علاقة واشنطن ودلهي، حيث تعاقدت الهند على مشتريات دفاعية أميركية متنوعة بقيمة 20 مليار دولار خلال الـ15 عاما الماضية، وتزامن ذلك مع ازدياد وتيرة التدريبات العسكرية المشتركة وتعقيداتها ونطاقها بين الطرفين، مع التركيز على الأمن البحري.

وتقوم الهند حاليا بإجراء تدريبات وتبادل أفراد مع الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى، حيث أجرى الطرفان 14 تدريبا مشتركا منذ عام 2010، كما حضر المئات من جنود القوات الخاصة الأميركية تدريبات داخل الهند على حرب الأدغال.

 

 

على جانب آخر، تتصاعد مشتريات الهند الدفاعية من فرنسا، مما يلقي الضوء على رغبة دلهي في تنويع مصادر أسلحتها وتوسيع قاعدة تحالفاتها، وهو ما يمكن تفسيره عبر إشارة “سمير طاطا”، مؤسس ورئيس شركة تحليلات المخاطر الدولية، إذ يرى أن توازن القوى سوف يظل غير متماثل لصالح الصين في المستقبل المنظور، وأن الهند لن تتمكن من الاعتماد على شريان المعدات العسكرية الروسية في حالة نشوب حرب أخرى مع الصين، نظرا لأن موسكو أصبحت تعتمد على بكين في أمنها الاقتصادي بشكل متزايد، أما من جانب واشنطن، فإن تكفلها بدعم وإمداد أوكرانيا في حربها ضد روسيا ودعم جيش الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة المحاصر، لن يمكنها أيضا من تلبية متطلبات الهند العسكرية العاجلة في حالة نشوب الحرب.

 

حُمّى التصنيع العسكري

إن القوة العظمى ذات المصداقية يجب أن يكون لديها قاعدة متينة لصناعة الدفاع، والهند ليست استثناء؛ فإذا أرادت أن تطمح بجدية إلى أن تصبح قوة عظمى، فسوف تحتاج إلى صنع أسلحتها ودباباتها وقنابلها”.

  • بول كينيدي – مؤرخ العلاقات الدولية في جامعة ييل الأميركية.

 

دفع ذلك الهند إلى إطلاق مبادرة “اصنع في الهند” عام 2014. المبادرة تشمل الصناعات الدفاعية بغرض استخدامها محليا لتوفير الإنفاق العسكري إضافة إلى رغبة الهند في دخول أسواق التصدير، لذلك تعمل الهند على نشر التعليم الفني وتعزيز الإبداع التكنولوجي، إضافة إلى تسريع وتيرة التوطين عبر ربطها ذلك بقرارات الشراء.

الولايات المتحدة تدرك أن طموح الهند في هذا الصدد متجذر منذ تجربة ماروت، وأن استمرار الهند في التعامل مع المعدات الروسية كان مرتبطًا بالحوافز الكامنة في الصفقات، بما في ذلك نقل التكنولوجيا للسماح بالإنتاج المرخص لأجزاء المقاتلات في الهند، مما دفع واشنطن إلى مغازلة هذا الطموح وإطلاق منظومة “إندوس” الثنائية لتسريع الدفاع مع الهند في يونيو/حزيران 2023، بغرض توسيع نطاق التعاون التقني والصناعي الدفاعي.

كما قدمت شركة “جنرال إلكتريك” الأميركية عرضا غير مسبوق، يتضمن إنتاج محركها النفاث المتطور “إف 414” بشكل مشترك مع شركة “هندوستان للملاحة الجوية” المملوكة للدولة، بغرض استخدامه في النسخة المحدثة من مقاتلات تيجاس التي تصنعها الهند؛ مما يجعل الهند الدولة الوحيدة التي تحظى بتوطين صناعة هذا المحرك، فضلا عن الولايات المتحدة.

جدير بالذكر، أن الهند اختبرت فشلا آخر في حقبة الثمانينيات مماثلا لتجربة ماروت، حيث أخفق المحرك المحلي الصنع كافيري في التوافق مع المقاتلة تيجاس في أعقاب جهود تطوير طويلة، نظرا لأن نسبة الدفع المطلوبة إلى وزن المقاتلة كانت أقل من المطلوب، مما يعني أن تكنولوجيا المحركات النفاثة لا تزال إحدى الفجوات الكبيرة في قدرات الهند الصناعية، وفي ضوء ذلك يمكن فهم أهمية نقل التقنية وتصنيع محرك “إف 414” محليا بالنسبة للهند.

محرك “إف 414” أثبت نجاحه عبر استخدامه في طائرات البحرية الأميركية منذ أكثر من 30 عاما، ويعمل على تشغيل طرازات مختلفة من المقاتلات، منها “إف 16” الأميركية ومقاتلات الجيل الخامس الكورية إضافة إلى مقاتلات “ساب جاس” السويدية، وقد سلمت “جنرال إلكتريك” قرابة 1600 محرك إلى هذه الدول، وسجلت هذه المحركات 5 ملايين ساعة طيران.

ترغب الهند في أن تصبح لاعبا مؤثرا في أسواق صادرات الأسلحة من خلال مبادرات توطين الصناعة العسكرية، بعدما أمضت عقودا في دور المستهلك. وتشير التقارير إلى أن صادرات الهند الدفاعية بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق عام 2023 “بقيمة 1.94 مليار دولار”، وهو ما يمثل زيادة بقرابة عشرة أضعاف العام المالي 2016-2017، الذي بلغت فيه الصادرات الدفاعية الهندية 184 مليون دولار.

وفي الوقت الحالي تقوم 100 شركة صناعة عسكرية هندية بتصدير منتجاتها إلى 85 دولة، تقع أغلبها في أفريقيا وجنوب آسيا وغربها، وتستهدف الهند تصدير معدات دفاعية بقيمة 5 مليارات دولار بحلول عام 2025.

وفقا لبيانات وزارة الدفاع الهندية، صدّرت دلهي سترات واقية من الرصاص إلى 34 دولة، من بينها أستراليا واليابان وإسرائيل والبرازيل، كذلك اشترت 10 دول ذخائر من الهند تتراوح أعيرتها بين 5.56 و155 ملم، وحصلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا على أنظمة إلكترونيات دفاعية هندية، وتصدّر دلهي أيضا قوارب اعتراضية سريعة إلى موريشيوس وسيشيل وجزر المالديف، في حين أوردت شركة هندوستان للملاحة الجوية، أنها تجري محادثات مع ثلاثة دول، على الأقل، لبيع طائراتها المقاتلة المتعددة المهام من طراز تيجاس.

مقاتلة متوسطة الوزن متعددة المهام وزن المقاتلة: 7850 كغم حمولة الأسلحة: 6.5 أطنان حمولة الوقود: 3.4 أطنان الأبعاد: الطول: 14.6 مترا، العرض: 8.5 أمتار، الارتفاع: 4.8 أمتار المحرك: إف 404 في النسخة الحالية مع تحديث مستقبلي يتضمن محرك إف 414 في النسخة المحسنة موعد إطلاق النسخة المحسنة: عام 2026 سرعة التحليق القصوى: 2385 كم في الساعة “2 ماخ” مدى المقاتلة: 2500 كم ويصل إلى 3500 كم مع تزويد خزانات الوقود الإضافية التسليح: رشاش من عيار 30 مم للاشتباك القريب مع 13 نقطة خارجية لحمل أسلحة قابلة للتزود بالوقود أثناء التحليق

الترسانة الصاروخية تصدّرت أيضا اهتمامات صناعة الهند الدفاعية، بالتوازي مع برنامجها النووي والمقاتلات الجوية (32) (33). وتعمل دلهي على تطوير أنظمتها الصاروخية المتوسطة والطويلة المدى منذ الثمانينيات، وتمتلك قرابة 13 نوعا من الصواريخ الباليستية والمجنحة، أبرزها صاروخ “أجني” الباليستي (Agni) بفئاته المختلفة (6 فئات)، الذي تشرف منظمة البحث والتطوير الهندية على تطويره.

الهند اختبرت بنجاح “أجني 5” عام 2021، وهو صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على حمل رؤوس نووية، ويُعتقد أنه قادر على استهداف أي مكان في باكستان والصين، ويتميز هذا الصاروخ بإمكانية إطلاقه من منصة متحركة على الطرق مما يقلل من الوقت اللازم للتحضير. وتشير التقارير إلى أن “أجني 6″، وهو أحدث صواريخ العائلة ولا يزال قيد التطوير، سوف يكون قادرا على قطع مسافة تصل إلى 12 ألف كم مع حمولة نووية تبلغ 3 أطنان.

 

 

قدرات الهند الصاروخية امتدت إلى الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية (ASAT)، حيث تمكنت في مارس/آذار 2019 من تدمير القمر الصناعي “ميكروسات” على ارتفاع منخفض بواسطة صاروخ مضاد للأقمار الصناعية، لتكون بذلك رابع دولة تمتلك هذه النوعية من الأسلحة بعد الولايات المتحدة وروسيا والصين.

جدير بالذكر أن تلك الأسلحة مُصممة لتعطيل أو تدمير الأقمار الصناعية لأغراض عسكرية إستراتيجية. ورغم أن أيًّا منها لم يستخدم إلى الآن في الحروب فإن الدول التي تمتلك مثل هذه الأسلحة تقوم بإجراء اختبارات على أقمارها الصناعية بهدف استعراض قدراتها العسكرية، لكن ثمة مخاوف تتعلق بآثار الحطام المتولد عن هذه التجارب وأضراره البيئية، إضافة إلى إمكانية إتلافه معدات فضائية أخرى في المدار.

 

نقطة الضعف الهندية

تعد أرمينيا من أكبر مستوردي الأسلحة الهندية في الوقت الحالي، وقد بدأت دلهي توريد المعدات الدفاعية إلى هذه الدولة الآسيوية منذ عام 2022، بالتزامن مع الصراع الدائر بين أرمينيا وأذربيجان. وتتلقى أرمينيا من الهند نظام صواريخ أرض-جو من طراز أكاش، وهو نظام صاروخي متنقل متوسط المدى يتم تصنيعه بواسطة شركة بهارات ديناميكس المحدودة، كما تستورد أرمينيا أيضا قاذفات صواريخ بيناكا الهندية المتعددة الفوهات وأنظمة صواريخ بروسبينا المضادة للدبابات، إضافة إلى رادارات سواثي الموجهة إلكترونيا التي تستخدمها القوات البرية لاكتشاف وتوجيه نيران المدفعية المضادة للذخائر المعادية.

الكثير من النقاشات في دوائر تجارة الأسلحة تتساءل عن كيفية تفوق الهند على الشركات التي تربطها علاقات وثيقة بالجيش الأرميني، مثل شركتي ألماز-أنتي الروسية وبيت رادوار البولندية، حيث وقعت أرمينيا مشروع إنتاج دفاعي مشترك مع بولندا عام 2013، كما يربطها تحالف رسمي مع روسيا منذ التسعينيات.

ويبدو أن الهند نجحت في استمالة أرمينيا على مستويات عدة، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين عام 2010 بشأن التعاون في مجالات الثقافة والتعليم والعلوم، إضافة إلى ذلك تحظى أذربيجان بدعم باكستاني؛ مما يجعل الصراع بينها وبين أرمينيا نموذجا مصغرا للصراع الهندي الباكستاني، الذي حظي من قبل بدعم القطبين العالميين كساحة بديلة عن مواجهتهما المباشرة، وهو الأمر الذي شاع كثيرا خلال القرن الماضي، وتحاول الهند -حاليا- من خلال هذا النموذج، تخطي موقع طالب الحماية واتخاذ موقع الراعي.

ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أن الزيادة الأخيرة في المبيعات الدفاعية الهندية ليست زيادة مستدامة، نظرا لأن أغلبها عبارة عن ذخائر ومعدات خفيفة. ويؤكد ساروج بيشوي، الزميل الباحث في مركز التكنولوجيا والدراسات العلمية في نيودلهي، أن رغبة الهند في زيادة صادراتها الدفاعية بشكل مؤثر، تحتم عليها البحث عن مستوردين رئيسيين مستدامين للمنصات الدفاعية الكبيرة، مثل طائرات الهليكوبتر الخفيفة المتقدمة ودبابات أرجون ومقاتلات تيجاس، وهي معدات تنال اهتماما في الأسواق الخارجية بالفعل، إلا أنها لم تتعد هذا النطاق نحو خطوات تعاقد وتشغيل فعلي إلى الآن.

على جانب آخر، يرى فاسيلي كاشين، زميل الأبحاث في معهد الشرق الأقصى ومقره موسكو، أن قدرات الهند في توطين الصناعات الدفاعية المتطورة لا تزال محدودة، ومن أبرز أمثلة ذلك محاولة نقل التقنيات الخاصة بتصنيع مقاتلات سوخوي الروسية، حيث لم يحدث تقدم بالسرعة المخطط لها، نظرا لصعوبات في الإنتاج الصناعي المحلي، ونقص العمالة الماهرة، وانخفاض الالتزام بالمتطلبات التكنولوجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى