اختارت غالبية الأرجنتينيين تجربة حكم مختلفة حين انتخبوا خافيير ميلي رئيساً للبلاد، ولم يلتفتوا لعالم ميلي الغريب نفسياً وهو دور الكلاب الخمسة التي يملكها في حياته وقراراته لدرجة وصف هذه الكلاب بأنها أفضل فريق استراتيجي له في مسيرته، واعتقاده الراسخ أنه التقى بأولى كلابه قبل ألفي عام في حلبة المصارعة الرومانية!
ميلي اقتصادي يتبنى نظريات ليبرالية متطرفة ويصف نفسه بأنه رأسمالي أناركي (فوضوي) وهو تيار فكري في الاقتصاد مناهض لإدارة الدولة للإنفاق وتوجيه الاقتصاد. وأفكاره غير المألوفة تثير الدهشة مثل إلغاء البنك المركزي وإدخال الدولار الأمريكي كعملة قانونية وخفض الإنفاق الاجتماعي بشكل جذري. ويرفض علم المناخ ويعتبره “مؤامرة اشتراكية”.
خلال حملته الانتخابية أيضاً، أدلى بتصريحات جريئة بين وصف البابا فرانسيس بألفاظ غير لائقة والإشادة برجل العصابات الأمريكي آل كابوني باعتباره “بطلاً”. وقد لفت ميلي الأنظار منذ سنوات، باعتباره مؤلفاً غزير الإنتاج ومعلقاً إذاعياً، ودأب على إطلاق آرائه الغريبة والصادمة.
وبينما حاز برنامجه الانتخابي المتطرف على اهتمام وسائل الإعلام، فإن الجانب النفسي الذي يكشفه بنفسه، يكشف عن عوالم عجيبة تحظى فيها كلابه الخمسة بثقته المطلقة.
وألف الصحفي الأرجنتيني خوان لويس غونزاليس، كتاباً عن السيرة الشخصية للرئيس الأرجنتيني بعنوان “المجنون” وثق فيه جوانب غريبة من حياة ميلي، مثل مكانة الكلاب في حياته وتأثيرها على قراراته.
بحسب تقرير لمجلة “تايم” الأمريكية، فإن ميلي يلجأ للحصول على المشورة من كونان، وموراي، وميلتون، وروبرت، ولوكاس. وهذه خمسة كلاب تملأ حياته “بهجة وحكمة” على حد تعبيره، وكانت الكلاب الخمسة أول من شكرها عندما احتل المركز الأول في الانتخابات التمهيدية الرئاسية في البلاد في أغسطس الماضي.
أفضل الاستراتيجيين
“أطفالي ذوي الأرجل الأربعة”، هو الوصف الذي أطلقه ميلي في إشارة إلى كلابه الخمسة التي وصفها بـ “أفضل الاستراتيجيين”.
بدأ كل شيء عندما تبنى ميلي في عام 2004 كلباً إنجليزياً اسمه كونان، في إشارة إلى فيلم كونان البربري.
كتب غونزاليس، الصحفي الأرجنتيني وكاتب سيرة ميلي غير الرسمية، في صحيفة “بوينس آيرس تايمز” أن الحيوان الأليف أصبح، على حد تعبير ميلي، “حبه الحقيقي والأعظم” وأن ميلي أصبح يرى كونان ابنه بالمعنى الحقيقي للكلمة. وقد نسب ميلي، الذي لم يتزوج قط، الفضل للكلب في نجاحاته لكونه صديقه المقرب.
عندما توفي الكلب كونان في عام 2017، زار ميلي وسيطاً روحانياً للتواصل مع حيوانه الراحل.
يقول ميلي إنه في تلك المحادثة التخاطرية، نقل كونان مهمة له ليصبح رئيسًا للأرجنتين. وبحسب صحيفة “لا ناسيون” الأرجنتينية، يعتقد ميلي أنه وكونان التقيا لأول مرة في حياة سابقة منذ أكثر من 2000 عام كمصارع وأسد في الكولوسيوم الروماني، وأن الثنائي لم يتقاتلا لأنه كان من المقدر لهما أن يتحدا في المستقبل.
استنساخ كونان
في عام 2018، دفع ميلي حوالي 50 ألف دولار، وفقًا لوكالة رويترز وصحيفة نيويورك تايمز، لشركة PerPETuate الأمريكية لاستنساخ كونان باستخدام الحمض النووي الخاص به. نتج عن هذا الإجراء خمسة جراء، سماهم أحدهم على اسم كونان الأصلي والبقية على أسماء أربعة من الاقتصاديين الملهمين له. يشير ميلي بانتظام إلى المستنسخ الحالي كونان باعتباره ابنه – ولا يميزه عن كونان الأصلي – والكلاب الأربعة الأخرى باسم “أحفاده”.
أفاد الصحفي غونزاليس ووسائل إعلام أرجنتينية أخرى أن ميلي يطلب المشورة من كلابه بشأن مسائل تتعلق بحملته وسياسته وغير ذلك الكثير. وفي مقابلة أجريت معه في أغسطس مع صحيفة 20minutos الإسبانية، قال غونزاليس إن ميلي “مقتنع بأن الكلاب تقدم له النصائح في مجالات مختلفة: واحد في السياسة، وآخر في الاقتصاد، وآخر يقدم له النصائح العامة”.
عندما سألته مجلة الإيكونوميست في سبتمبر عن تقارير عن الكلاب، لم ينكر ميلي، وأجاب بما يبدو فخوراً: “ماذا يقولون، إن كلابي تحدد استراتيجياتي، نعم؟ أنهم مثل اللجنة الاستراتيجية. إنهم أفضل لجنة استراتيجية في العالم. قل لي: متى حقق أي شخص ما حققناه في عامين؟ كلابي أفضل المحللين السياسيين في العالم».
