نجحت وزارة الداخلية المصرية في تفكيك شبكة دولية للنصب والاحتيال، استهدفت المواطنين من خلال الترويج لاستثمارات وهمية في الذهب والمعادن الثمينة. هذه العملية الأمنية المحكمة، التي استهدفت مقرًا سريًا في منطقة الدقي بمحافظة الجيزة، تأتي في إطار جهود مكافحة الجرائم الاقتصادية وحماية أموال المواطنين من عمليات الاحتيال والاستغلال. وتشير التقديرات الأولية إلى أن حجم الأموال المتداولة في هذا النشاط الإجرامي يصل إلى 30 مليون جنيه مصري.
الشبكة الإجرامية وراء عمليات استثمار وهمي في الذهب
كشفت تحريات قطاع الأمن العام، وفقًا لبيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية، عن وجود هذه الشبكة الإجرامية المنظمة التي تتكون من 15 متهمًا، منهم 13 أجنبياً. اعتمدت الشبكة على إنشاء منظومة متكاملة للخداع المنهجي، مستغلة ثقة المواطنين الراغبين في تحقيق أرباح سريعة. وقد اتخذت الشبكة من منطقة الدقي مقرًا رئيسيًا لإدارة عملياتها وتنفيذ مخططاتها الاحتيالية.
واستغلت الشبكة الاهتمام المتزايد بالمعادن الثمينة، وخاصة الذهب، لإغراء الضحايا بعوائد استثمارية كبيرة وسريعة. كانت وعودهم تركز على شراء سبائك وقطع مجوهرات ذهبية وفضية، بالإضافة إلى الأحجار الكريمة، بأسعار مغرية وبعوائد أسبوعية متصاعدة.
آلية عمل الشبكة الاحتيالية
اعتمدت الشبكة على نظام تسويق هرمي، وهو أسلوب شائع في عمليات النصب، حيث يتم تشجيع الأعضاء على جذب مشتركين جدد مقابل عمولات أو أرباح وهمية. هذه الطريقة تهدف إلى إخفاء الطبيعة الإجرامية للنشاط وإضفاء مظهر قانوني عليه. وبحسب التحقيقات، فقد تم الترويج لهذه الاستثمارات من خلال استهداف الأفراد الباحثين عن فرص استثمارية سريعة.
بالإضافة إلى ذلك، استغلت الشبكة التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لخدماتها الاحتيالية والوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور. تم إنشاء شركة وهمية واستخدامها كمقر للعقد مع الضحايا، بينما تم الاعتماد على الإنترنت للتوسع في قاعدة العملاء المحتملين. هذا الجانب من العملية يمثل تحديًا متزايدًا في مكافحة الجرائم الإلكترونية.
المضبوطات والتحقيقات الجارية
بعد الحصول على الموافقات القانونية اللازمة، نفذت الأجهزة الأمنية عملية دهم لمقر الشبكة في الدقي، وألقت القبض على جميع المتهمين. وأسفرت المداهمة عن ضبط كميات كبيرة من المشغولات الذهبية والفضية المغشوشة، والتي لا تتطابق مع العيارات الحقيقية المعلنة.
كما تم العثور على أدوات تستخدم في التزوير، بما في ذلك أختام “دمغة” مقلدة، وموازين عالية الدقة غير معتمدة، و”إسطمبات” شمعية مزورة لختم المشغولات وتحديد عيار الذهب بشكل غير صحيح. هدف هذه الأدوات هو تضليل الفحص الأولي وإقناع الضحايا بمصداقية المنتجات المعروضة عليهم. هذه الأدوات تمثل دليلًا قاطعًا على مدى التخطيط المسبق والاحترافية في تنفيذ هذه العملية الاحتيالية.
وفقًا لوزارة الداخلية، بلغت القيمة التقديرية للمضبوطات والأدوات المستخدمة في هذه الجريمة ما يقرب من 30 مليون جنيه مصري. وقد تم التحفظ على جميع المضبوطات وتسليمها إلى الجهات المعنية لإجراء الفحص الفني الشامل، والذي سيحدد بشكل قاطع طبيعة المواد المضبوطة وقيمتها الحقيقية.
الخطوات التالية ومستقبل مكافحة الاحتيال الاستثماري
أكدت وزارة الداخلية استمرار جهودها الحثيثة في مكافحة جرائم النصب والاحتيال بكل أشكالها، والتصدي لأي محاولات لاستغلال المواطنين من خلال استثمارات وهمية أو وعود كاذبة. وشددت على التزامها بحماية أموال المواطنين وضمان حقوقهم في بيئة استثمارية آمنة وشفافة.
وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المتهمين، وتم إخطار النيابة العامة لبدء التحقيقات الرسمية. من المتوقع أن تكشف التحقيقات عن المزيد من التفاصيل حول ملابسات القضية، بالإضافة إلى تحديد أي امتدادات محتملة للشبكة الإجرامية أو شركاء متورطين. وسيتم الإعلان عن نتائج هذه التحقيقات في أقرب وقت ممكن.
وتشير التطورات إلى أن الوزارة تعمل على تطوير آليات التعاون مع الجهات الدولية المعنية بمكافحة الجرائم الاقتصادية، لتبادل المعلومات والخبرات وملاحقة المتورطين في هذه الجرائم العابرة للحدود. وفي الوقت نفسه، تحذر وزارة الداخلية المواطنين من الانجرار وراء أي عروض استثمارية غير معقولة أو تفتقر إلى الشفافية، وتدعوهم إلى التحقق من مصداقية الشركات والمؤسسات قبل التعامل معها.
