بلومبيرغ: روسيا تتجه إلى استغلال ثروات أفريقيا السمكية

أطلقت روسيا أسطولًا من السفن في مهمة علمية إلى السواحل الأفريقية، بتوجيه من الرئيس فلاديمير بوتين، بهدف مساعدة الدول الأفريقية في رسم خرائط لمخزونها من الأسماك. يأتي هذا التحرك في سياق سعي موسكو لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في القارة، وزيادة إمكانية الوصول إلى مواردها البحرية، خاصةً في ظل العقوبات الغربية المتزايدة. وتهدف روسيا إلى توسيع نطاق الصيد في المياه الأفريقية.
وتعتبر هذه المهمة جزءًا من جهود روسية أوسع نطاقًا لتقوية العلاقات مع الحكومات الأفريقية، من خلال تقديم عروض للتعاون العسكري، وتوريد الأسلحة، بالإضافة إلى الحبوب والأسمدة. وتشهد القارة الأفريقية اهتمامًا متزايدًا من قوى عالمية مختلفة، تسعى إلى تأمين مصادر جديدة للموارد وتعزيز نفوذها الاستراتيجي.
توسيع نطاق الصيد في أفريقيا
يمثل قطاع الأسماك مصدرًا هامًا للعملة الصعبة بالنسبة لروسيا، التي تعمل على تحديث أسطولها البحري والبحث عن مناطق صيد جديدة. وتشير التقديرات إلى أن حجم تجارة المأكولات البحرية العالمية يتجاوز 160 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك بنسبة 80% بحلول منتصف القرن الحالي، مدفوعًا بالأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا.
تعتبر أفريقيا، ببحارها التي تعاني من الصيد الجائر وضعف الرقابة، منطقة واعدة لروسيا. وعلى الرغم من أن مساهمة أفريقيا في دخل روسيا من قطاع الأسماك لا تزال محدودة حاليًا، إلا أن موسكو تطمح إلى زيادة هذه النسبة بشكل كبير.
وقال جوزيف سيغل، الباحث البارز في جامعة ميريلاند، والذي يدرس نفوذ روسيا في أفريقيا: “كما شهدنا مع الذهب والمعادن الأخرى، ترى روسيا فرصة لتوسيع نطاق صيدها في المناطق الاقتصادية الخالصة الأفريقية. إنها بالتأكيد تزيد من اهتمامها بأفريقيا”.
أهمية المخزون السمكي الأفريقي
تعتبر مصايد الأسماك جزءًا حيويًا من اقتصادات العديد من الدول الأفريقية، مما يجعل بيانات المخزون السمكي ذات قيمة استراتيجية عالية. ومع ذلك، تفتقر العديد من الحكومات الأفريقية إلى الموارد اللازمة لإجراء مسوحات منتظمة وشاملة لتقييم هذه المخزونات.
وفي هذا السياق، تأتي المساعدة الروسية في رسم خرائط المخزون السمكي كخطوة قد تلقى ترحيبًا من بعض الدول الأفريقية، ولكنها تثير أيضًا تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه المبادرة.
العقوبات الغربية وتأثيرها
في مايو الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركتين روسيتين لصيد الأسماك بتهمة التجسس والتخريب، وحرمهما من الوصول إلى موانئ النرويج ومياهها ورخص الصيد. كما جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حظرًا سابقًا على واردات المأكولات البحرية الروسية.
وقد دفعت هذه العقوبات روسيا إلى البحث عن أسواق جديدة وتوسيع نطاق تعاونها مع دول أخرى، بما في ذلك الدول الأفريقية. وتسعى موسكو إلى تعويض الخسائر الناجمة عن القيود المفروضة في الأسواق الغربية من خلال زيادة صادراتها من الأسماك إلى أفريقيا.
وتشير بيانات الشحن إلى وجود مئات القوارب قبالة سواحل غرب أفريقيا، العديد منها من الصين ودول أوروبية، والعديد منها مدعوم من حكوماتها. وتسعى هذه الدول إلى تأمين حصتها من الموارد البحرية الأفريقية المتزايدة الأهمية.
وأكد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن الشركات الروسية مهتمة بالتعاون في القارة الأفريقية وتستثمر فيها، وأنها ستواصل الاستثمار في هذا المجال.
مستقبل التعاون البحري الروسي الأفريقي
من المتوقع أن تزيد روسيا من وجودها في قطاع الصيد الأفريقي في السنوات القادمة، وذلك بفضل مسوحات البعثة الحالية والتعاون المتزايد مع الدول الأفريقية. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه هذا التعاون، بما في ذلك قضايا الصيد غير القانوني، والاستدامة البيئية، وحقوق مجتمعات الصيد المحلية.
وستراقب الجهات المعنية عن كثب التطورات في هذا المجال، بما في ذلك تنفيذ اتفاقيات الشراكة في مجال مصايد الأسماك، وتأثير العقوبات الغربية على أنشطة الصيد الروسية، والخطوات التي تتخذها روسيا لضمان استدامة الموارد البحرية الأفريقية. من المرجح أن تشهد الأشهر والسنوات القادمة مزيدًا من المنافسة بين القوى العالمية على النفوذ في قطاع الصيد الأفريقي.





