بيلاروسيا تفرج عن عشرات المعارضين بعد محادثات مع الولايات المتحدة

أعلنت بيلاروسيا عن إطلاق سراح الناشط البارز أليس بيالياتسكي، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2022، بالإضافة إلى المعارضة البارزة ماريا كوليسنيكوفا و121 سجيناً آخرين، وذلك في إطار اتفاق مع الولايات المتحدة يتضمن تخفيف العقوبات الاقتصادية. يأتي هذا الإفراج بعد مفاوضات مطولة، ويشكل تطوراً هاماً في المشهد السياسي في بيلاروسيا، خاصةً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية القادمة.
تم الإفراج عن السجناء يوم السبت، وفقاً لما ذكرته مصادر رسمية في بيلاروسيا وأكدته وزارة الخارجية الأمريكية. يشمل الإفراج أيضاً عدداً من الناشطين والصحفيين، بالإضافة إلى فيكتور باباريكو، وهو مصرفي سابق تحول إلى شخصية معارضة بارزة. هذا الحدث يمثل تحولاً ملحوظاً في سياسة بيلاروسيا تجاه المعارضة، بعد سنوات من القمع والاعتقالات.
تداعيات إطلاق سراح السجناء السياسيين في بيلاروسيا
يأتي هذا الإفراج في سياق جهود دبلوماسية مكثفة توسطت فيها الولايات المتحدة. وبحسب الاتفاق، سترفع واشنطن بعض العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على بيلاروسيا، والتي كانت تهدف إلى الضغط على الحكومة البيلاروسية لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان. تعتبر هذه الخطوة بمثابة مكافأة متبادلة، حيث تحصل بيلاروسيا على تخفيف اقتصادي، بينما تحصل الولايات المتحدة على إطلاق سراح ناشطين بارزين ومواطنين آخرين.
نقل 114 من المفرج عنهم إلى أوكرانيا، بينما وصل الباقون إلى فيلنيوس في ليتوانيا، حيث يتلقون حالياً الرعاية الطبية والنفسية اللازمة. أكدت سفيتلانا تيخانوفسكايا، زعيمة المعارضة البيلاروسية المقيمة في الخارج، أن المفرج عنهم بحاجة ماسة إلى الدعم بعد سنوات من المعاناة في السجون البيلاروسية.
دور منظمات المجتمع المدني
لعبت منظمة “فياسنا” (الربيع) للدفاع عن حقوق الإنسان، التي أسسها أليس بيالياتسكي عام 1996، دوراً محورياً في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في بيلاروسيا وتقديم الدعم القانوني للناشطين والمعارضين. تعتبر “فياسنا” مصدراً أساسياً للمعلومات حول القمع السياسي في البلاد، وقد ساهمت في لفت الانتباه الدولي إلى الوضع في بيلاروسيا.
أما ماريا كوليسنيكوفا، فهي موسيقية تحولت إلى رمز للمقاومة الشعبية ضد إعادة انتخاب ألكسندر لوكاشينكو في عام 2020. شاركت في قيادة التظاهرات الحاشدة التي نددت بالنتائج الانتخابية، ودعت إلى إجراء انتخابات جديدة ونزيهة.
تعتبر قضية حقوق الإنسان في بيلاروسيا من القضايا المعقدة، حيث تتهم الحكومة البيلاروسية بقمع المعارضة وتقييد الحريات الأساسية. وقد أدت هذه السياسات إلى فرض عقوبات دولية على بيلاروسيا، وإلى تدهور العلاقات مع الغرب.
بالإضافة إلى بيالياتسكي وكوليسنيكوفا وباباريكو، شمل الإفراج عن ناشطين آخرين وصحفيين، مما يعكس رغبة بيلاروسيا في تحسين صورتها الدولية.
مستقبل العلاقات بين بيلاروسيا والولايات المتحدة
من المرجح أن يؤدي هذا الإفراج إلى تحسن مؤقت في العلاقات بين بيلاروسيا والولايات المتحدة. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من القضايا العالقة التي قد تعيق تحقيق تقدم دائم. من بين هذه القضايا، استمرار القمع السياسي، وعدم احترام حقوق الإنسان، والتعاون الوثيق مع روسيا.
من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة الضغط على بيلاروسيا لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان، وإجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية. كما ستراقب واشنطن عن كثب تنفيذ الاتفاق الخاص بإطلاق سراح السجناء، والتأكد من أن الحكومة البيلاروسية لا تعود إلى ممارساتها القمعية السابقة.
في الوقت الحالي، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل العلاقات بين بيلاروسيا والولايات المتحدة. سيعتمد الكثير على الإجراءات التي ستتخذها الحكومة البيلاروسية في الأشهر والسنوات القادمة.
من الجدير بالملاحظة أن هذا الإفراج يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات جيوسياسية معقدة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا. قد يكون لهذا الإفراج تأثير على هذه التطورات، خاصةً إذا أدى إلى تغيير في سياسة بيلاروسيا تجاه أوكرانيا وروسيا.





