تجربة سريرية تكشف دواءً جديداً قد يُحدث تحولاً في علاج السل المقاوم للأدوية

أظهرت نتائج تجربة سريرية حديثة تقدماً واعداً في علاج مرض السل، حيث أثبت دواء جديد يدعى سورفيكويلين (Sorfequiline) فعاليته في رفع معدلات الشفاء وتقليل مدة العلاج بشكل ملحوظ. يأتي هذا التطور في وقت صنّفت فيه منظمة الصحة العالمية السل مجدداً كـ”مشكلة صحية عالمية كبرى” بسبب ارتفاع عدد الإصابات والوفيات مؤخراً، مما يجعل البحث عن علاجات جديدة أمراً بالغ الأهمية.
أعلن تحالف مكافحة السل (TB Alliance) عن هذه النتائج خلال مؤتمر الاتحاد لصحة الرئة الذي عُقد في كوبنهاغن، مؤكداً أن الدواء يظهر فعالية متفوقة في مكافحة بكتيريا السل مع الحفاظ على مستوى أمان مشابه للعلاجات الحالية. شارك في التجربة 309 مريضاً من خمسة دول مختلفة، وهي جنوب إفريقيا والفلبين وجورجيا وتنزانيا وأوغندا.
عقار سورفيكويلين: نقطة تحول محتملة في علاج مرض السل
تعتبر القدرة على بدء علاج مرض السل فور التشخيص، دون الحاجة إلى انتظار نتائج الفحوصات المعملية لتحديد نوع السل أو حساسيته للأدوية، ميزة كبيرة لعقار سورفيكويلين. الدكتورة ماريا بيومونت، نائبة رئيس التحالف، أوضحت أن هذا النهج يمكن أن يسرّع عملية العلاج بشكل كبير، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في الوصول إلى التشخيص السريع.
تطورات العلاج وتأثيرها على المرضى
قبل حوالي عشر سنوات، كان علاج مرض السل المقاوم للأدوية يستغرق فترة طويلة تصل إلى 18 شهراً أو أكثر، ويتضمن حقناً مؤلمة وإقامة مطولة في المستشفى، مع معدلات شفاء محدودة تقارب 50%. في عام 2019، حقق العلاج القياسي الحالي تقدماً ملحوظاً، حيث رفع نسبة الشفاء إلى 90% خلال ستة أشهر فقط
يعرب الخبراء عن أملهم في أن يسهم السورفيكويلين في تقليل هذه المدة بشكل أكبر. ويرى الدكتور ويليام برومسكين، قائد موقع البحث السريري في معهد أوروم بجنوب إفريقيا، أن اختصار مدة العلاج وتقليل الآثار الجانبية سيخفف الضغط على المنظومة الصحية ويوفر المزيد من الوقت لتقديم الرعاية المتخصصة للمرضى.
التحديات التي تواجه مكافحة السل عالمياً
يحدث هذا التقدم العلمي في ظل مواجهة جهود مكافحة السل لتحديات كبيرة، بما في ذلك تراجع التمويل الدولي المخصص لمكافحة الأمراض المعدية. هذا التراجع يهدد تحقيق الأهداف التي وضعتها الأمم المتحدة للقضاء على السل كتهديد للصحة العامة بحلول نهاية العقد الحالي.
وفقاً لتقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية، تم تسجيل 10.7 مليون إصابة جديدة بمرض السل و 1.23 مليون حالة وفاة في العام الماضي وحده. هذه الأرقام تؤكد الحاجة الماسة إلى استمرار الاستثمار في البحث والتطوير، بالإضافة إلى تعزيز برامج الوقاية والكشف المبكر عن السل.
من جهته، حذر الدكتور كافيندران فيلين، الرئيس العلمي للاتحاد الدولي لمكافحة السل وأمراض الرئة، من أن اعتماد علاج موحد على مستوى العالم قد يقلل من حوافز الدول للاستثمار في تطوير مختبراتها وأنظمة الفحوصات التشخيصية المتقدمة. ولفت أيضاً إلى أهمية الالتزام بالعلاج كعنصر حاسم في نجاح أي برنامج لمكافحة السل، وأوضح أن العلاج الأسرع والأكثر فاعلية يمكن أن يساعد في رفع معدلات الالتزام وتقليل فترة انتقال العدوى.
الآن، يخطط تحالف مكافحة السل لإطلاق تجربة سريرية من المرحلة الثالثة في عام 2026 لتقييم فعالية وسلامة عقار سورفيكويلين على نطاق أوسع. سيراقب الخبراء عن كثب نتائج هذه التجربة، بالإضافة إلى التطورات في مجال التمويل الدولي ومبادرات الوقاية، لتحديد المسار المستقبلي لمكافحة مرض السل.





