تحذير طبي: الاستلقاء بعد الأكل عادة شائعة… لكنها قد تقود لمشكلات صحية خطيرة

حذّرت الدكتورة أناستاسيا غوستروس، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي، من عواقب الاستلقاء مباشرة بعد تناول وجبة دسمة. وأكدت أن هذه العادة الشائعة قد تؤدي إلى عسر الهضم وتفاقم مشاكل الجهاز الهضمي المزمنة. هذه النصيحة تأتي في وقت يشهد فيه الكثيرون تغييرات في أنماط حياتهم الغذائية الروتينية.
وقالت الدكتورة غوستروس إن الجسم يحتاج إلى وقت لمعالجة الطعام، والاستلقاء يعيق هذه العملية الطبيعية. وتشير الإحصائيات الحديثة إلى أن نسبة كبيرة من سكان المنطقة تعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي، مثل الارتجاع الحمضي والانتفاخ، ويعزى جزء منها إلى عادات ما بعد الأكل الخاطئة.
تأثير الاستلقاء على عملية الهضم: فهم المخاطر
يعمل الجهاز الهضمي بفضل حركة التمعج، وهي سلسلة من الانقباضات العضلية التي تدفع الطعام عبر الجهاز الهضمي. عندما يستلقي الشخص بعد تناول الطعام، يضعف تأثير الجاذبية على هذه الحركة، مما يؤدي إلى تباطؤ عملية الهضم. وهذا التباطؤ يزيد من خطر الإصابة بمجموعة من المشكلات الصحية.
الارتجاع الحمضي وحرقة المعدة
أحد أبرز هذه المشكلات هو الارتجاع الحمضي. وفقًا للدكتورة غوستروس، الاستلقاء يزيد الضغط على الصمام العضلي السفلي للمريء، مما يجعله أقل فعالية في منع ارتداد حمض المعدة إلى المريء. هذا الارتجاع يسبب حرقة المعدة وأعراضًا مزعجة أخرى.
اضطرابات في امتصاص العناصر الغذائية
بالإضافة إلى ذلك، يؤدي إبطاء حركة التمعج إلى بقاء الطعام لفترة أطول في المعدة، مما قد يعيق عملية امتصاص العناصر الغذائية الهامة. ونتيجة لذلك، قد يعاني الشخص من نقص في الفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة جيدة. سوء الامتصاص يمكن أن يكون له تأثيرات واسعة النطاق على الصحة العامة.
ومع ذلك، لا يقتصر تأثير الاستلقاء على مشاكل الجهاز الهضمي فحسب، بل يمتد ليشمل الوزن وصحة النوم. فالخمول بعد تناول الطعام يقلل من حرق السعرات الحرارية، مما يزيد من خطر زيادة الوزن، خاصة في منطقة البطن. وتؤكد الدراسات على العلاقة المباشرة بين تراكم الدهون في البطن وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
كما أن تناول الطعام قبل النوم مباشرة يمكن أن يعطل دورة النوم الطبيعية. فالجسم يركز طاقته على الهضم بدلاً من الراحة، مما يؤدي إلى الأرق والكوابيس والاستيقاظ المتكرر. هذه المشكلات في النوم يمكن أن تؤثر سلبًا على الأداء اليومي والصحة النفسية.
كيفية تجنب مشاكل الهضم بعد الأكل
لتجنب هذه المشاكل، توصي الدكتورة غوستروس باتباع بعض الإرشادات البسيطة. من أهم هذه الإرشادات الحفاظ على وضعية الجلوس أو المشي الهادئ لمدة 20 إلى 30 دقيقة بعد تناول الطعام. هذه الحركة البسيطة تساعد على تحسين حركة التمعج وتسريع عملية الهضم.
نظام غذائي صحي يلعب أيضًا دورًا هامًا في صحة الجهاز الهضمي. ينصح بتناول وجبات متوازنة وغنية بالألياف وتجنب الأطعمة الدسمة والحارة والمشروبات الغازية. بالإضافة إلى ذلك، يُفضل تقسيم الوجبات إلى وجبات صغيرة ومتعددة بدلاً من تناول وجبة كبيرة واحدة.
ينبغي الانتظار لمدة ساعة ونصف إلى ساعتين قبل الاستلقاء أو النوم بعد تناول الطعام. هذه الفترة الزمنية تتيح للجسم إتمام عملية الهضم بشكل صحيح قبل الدخول في وضعية الراحة. وتشدد غوستروس على أهمية تجنب العشاء قبل النوم مباشرة، وترك فاصل زمني لا يقل عن ثلاث إلى أربع ساعات.
تشير الأبحاث إلى أن الاستمرار في هذه العادات الصحية يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بمشاكل الجهاز الهضمي المزمنة، مثل قرحة المعدة والتهاب المريء. صحة الجهاز الهضمي تعتبر أساس الصحة العامة والوقاية من العديد من الأمراض.
في الختام، يتوقع أن تصدر وزارة الصحة قريباً حملة توعية حول أهمية العادات الغذائية الصحيحة وتأثيرها على الجهاز الهضمي. وستركز الحملة على التوعية بمخاطر الاستلقاء بعد تناول الطعام وتقديم بدائل صحية. يجب مراقبة أحدث التوجيهات والتوصيات الصادرة من الجهات الصحية المختصة لضمان اتباع أفضل الممارسات للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي.





