تحقيق استقصائي للجزيرة عن خفايا التهجير السري للغزيين

نشرت الجزيرة اليوم الجمعة تحقيقًا استقصائيًا يلقي الضوء على عمليات منظمة لـ **تهجير الغزيين** نحو دول أفريقية وآسيوية، مع كشف تفاصيل مثيرة حول الجهات الفاعلة والصلات المحتملة بإسرائيل. التحقيق يتتبع مسارات هذه العمليات، ويكشف عن شبكة معقدة تتضمن جمعيات ومنظمات تعمل تحت غطاء إنساني، بالإضافة إلى دور محتمل لمسؤولين إسرائيليين.
ويفصل التحقيق في آليات نقل الفلسطينيين من قطاع غزة عبر مطار رامون ومعبر اللنبي، مع الإشارة إلى تخفيف القيود الأمنية على المغادرين بشكل غير مسبوق بعد إعلان خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وتشير التقديرات الأولية إلى مغادرة حوالي 7 آلاف فلسطيني منذ بدء هذه العمليات، وهو رقم قد يشهد تزايدًا مستقبلاً.
التحقيق يكشف عن شبكة **تهجير الغزيين** المنظمة
استند تحقيق الجزيرة إلى مصادر متعددة وتقارير إعلامية، بالإضافة إلى تتبع حركات الطائرات والبيانات المتاحة. وكشف عن أن عمليات التهجير لا تتم بشكل عشوائي، بل تخضع لتنسيق دقيق وتشرف عليها جهات محددة تستخدم واجهات قانونية وإنسانية لإخفاء الأهداف الحقيقية. وتثير هذه الاكتشافات تساؤلات حول مدى علم السلطات الإسرائيلية بهذه العمليات وتواطؤها المحتمل.
دور جمعية “المجد أوروبا”
أظهر التحقيق أن جمعية “المجد أوروبا” تعمل كواجهة رئيسية لعمليات التهجير، حيث تقدم نفسها كمؤسسة إنسانية غير ربحية تعمل على مساعدة المجتمعات المسلمة المتضررة. ومع ذلك، تكشف البيانات والتحليلات عن ثغرات بنيوية كبيرة في هذه المنظمة، بما في ذلك عدم وجود تسجيل قانوني رسمي وعناوين فعلية واضحة.
وتشير المعلومات إلى استخدام حسابات وهمية وبيانات مُضللة في أنشطة الجمعية على الإنترنت، بالإضافة إلى الترويج لخطاب مُعادي لحماس ونقدي للأوضاع في غزة. وتثير هذه التناقضات الشكوك حول مصداقية الجمعية وأهدافها الحقيقية.
“مكتب الهجرة الإسرائيلية” كلاعب رئيسي
بالإضافة إلى جمعية “المجد”، كشف التحقيق عن دور ما يسمى “مكتب الهجرة الإسرائيلية”، الذي تم إنشاؤه مؤخرًا بعد إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي. ويُشتبه في أن هذا المكتب يعمل على تسهيل مغادرة الفلسطينيين من غزة وربطهم ببرامج الهجرة إلى دول أخرى، مما يثير المخاوف من أن يكون جزءًا من خطة أوسع نطاقًا لتغيير التركيبة السكانية للقطاع.
ويلاحظ تزامن إنشاء هذا المكتب مع تأسيس صفحة “جمعية المجد أوروبا” على فيسبوك، مما يعزز فرضية وجود علاقة وثيقة وتعاون بين الجهتين.
تومر ليند: الشخصية المحورية في عمليات التهجير
ركز التحقيق بشكل خاص على شخصية إسرائيلية إستونية تدعى تومر ليند، والذي يُعتقد أنه العقل المدبر وراء شبكة التهجير. وتشير التقارير إلى أنه أسس عددًا من الشركات الوهمية التي تعمل كغطاء لعمليات السفر، وأن هذه الشركات تستخدم بيانات مُضللة وتفتقر إلى الشفافية.
ويؤكد التحقيق أن ليند يتمتع بصلات قوية داخل الحكومة الإسرائيلية، وأن أنشطته تحظى بدعم سياسي وأمني من أعلى المستويات.
الآثار السياسية والإنسانية لـ **تهجير الغزيين**
تثير عمليات التهجير تساؤلات خطيرة حول حقوق الإنسان والقانون الدولي. ويحذر الخبراء من أن هذه العمليات قد تشكل جريمة حرب إذا ثبت أنها تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية لغزة أو إجبار الفلسطينيين على مغادرة ديارهم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه العمليات تتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث تزيد من عدد اللاجئين وتعرضهم لمخاطر جمة. وتدعو المنظمات الحقوقية إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في هذه الادعاءات ومحاسبة المسؤولين.
من المتوقع أن تستمر هذه القضية في التصاعد خلال الأسابيع القادمة، مع تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لتقديم تفسيرات حول هذه العمليات. كما من المرجح أن يسعى فريق الجزيرة إلى الحصول على المزيد من الأدلة والمعلومات لتأكيد النتائج التي توصل إليها. وستظل حركة السكان في غزة ووجهتها مسألة تحتاج إلى مراقبة دقيقة للوصول إلى فهم كامل لتداعياتها وأبعادها.




