تصريح صادم من مصطفى سليمان: لماذا يجب الهروب من الذكاء الاصطناعي الخارق؟

أثار تصريح حديث لرئيس قطاع الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، مصطفى سليمان، جدلاً واسعاً حول مستقبل تطوير الذكاء الاصطناعي. وحذّر سليمان من السعي نحو بناء ذكاء اصطناعي “فائق” يتجاوز القدرات البشرية، معتبراً أن هذا الهدف قد يكون خطيراً ويصعب السيطرة عليه. يأتي هذا التحذير في وقت تشهد فيه الشركات التقنية سباقاً محمومًا لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة.
جاءت تصريحات سليمان خلال مقابلة مع برنامج “Silicon Valley Girl Podcats”، حيث عبّر عن قلقه العميق بشأن الذكاء الاصطناعي الذي يتخطى الفهم البشري. وأكد أن تطوير مثل هذا الذكاء قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، نظراً لصعوبة ضمان توافقه مع القيم الإنسانية أو احتواءه.
مخاطر الذكاء الاصطناعي الفائق: رؤية مايكروسوفت
وفقًا لسليمان، فإن الذكاء الاصطناعي الفائق يفتقر إلى المشاعر والقيود الأخلاقية التي توجه السلوك البشري. وهذا يجعله قوة غير متوقعة، قد تتصرف بطرق تتعارض مع مصالح البشرية. ويرى أن التركيز يجب أن يكون على تطوير ذكاء اصطناعي “إنساني” يدعم الأهداف والقيم البشرية، بدلاً من السعي نحو التفوق المطلق.
تتعارض هذه الرؤية مع الاتجاه السائد في وادي السيليكون، حيث يعتبر العديد من رواد الذكاء الاصطناعي بناء ذكاء اصطناعي عام (AGI) هدفًا أسمى. وتشير التقارير إلى أن الشركات الكبرى تستثمر مبالغ طائلة في هذا المجال، مع التركيز على زيادة القدرات الحسابية والتعلم الآلي للأنظمة الذكية.
تباين الآراء بين رواد الذكاء الاصطناعي
في المقابل، يتبنى سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي” (OpenAI)، موقفًا مختلفًا تمامًا. ويرى ألتمان أن الذكاء الاصطناعي الفائق يمثل فرصة هائلة لحل المشكلات العالمية وتسريع الاكتشافات العلمية، بما في ذلك علاج الأمراض وتحسين مستويات المعيشة.
ويؤكد ألتمان أن تطوير الذكاء الاصطناعي العام يتطلب تعاونًا دوليًا وجهودًا متواصلة لضمان سلامته وموثوقيته. وتعتبر “أوبن إيه آي” من الشركات الرائدة في مجال تطوير نماذج لغوية كبيرة، مثل GPT-4، والتي تمثل خطوات متقدمة نحو تحقيق الذكاء الاصطناعي العام.
هذا التباين في الآراء يعكس النقاش الدائر حول المخاطر والفرص المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي. فبينما يرى البعض أنه يمثل تهديدًا وجوديًا للبشرية، يعتبره آخرون أداة قوية لتحقيق التقدم والازدهار.
تأتي تصريحات سليمان أيضًا في سياق التدقيق المتزايد في ممارسات الشركات التقنية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي. وتطالب الحكومات والمنظمات غير الحكومية بوضع قوانين ولوائح تنظم تطوير واستخدام هذه التقنية، لضمان حماية حقوق الإنسان ومنع إساءة استخدامها.
الجدير بالذكر أن سليمان كان أحد مؤسسي “ديب مايند” (DeepMind)، وهي شركة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي استحوذت عليها “غوغل” في عام 2014. وقد لعب دورًا رئيسيًا في تطوير العديد من التقنيات المبتكرة في هذا المجال، بما في ذلك نظام AlphaGo الذي فاز على بطل العالم في لعبة Go.
تتزايد أهمية موضوع الذكاء الاصطناعي و تأثيره على مختلف القطاعات، بما في ذلك الأمن السيبراني و تطوير البرمجيات و حتى الفن و الأدب. و يثير هذا التقدم تساؤلات حول مستقبل العمل و دور الإنسان في عالم يزداد فيه الاعتماد على الآلات الذكية.
من المتوقع أن يستمر هذا النقاش في التطور مع استمرار تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي. وستشهد الأشهر القادمة المزيد من المناقشات حول الحاجة إلى وضع معايير أخلاقية وقانونية لتنظيم هذا المجال. كما ستترقب الأوساط التقنية والسياسية الخطوات التالية التي ستتخذها الشركات الكبرى في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، وما إذا كانت ستستجيب للدعوات المتزايدة لتبني نهج أكثر حذرًا ومسؤولية.




