أستراليا تكشف معلومات جديدة عن المهاجمين وتؤبن ضحايا هجوم بوندي

أفادت الشرطة الأسترالية بأن منفذي الهجوم المسلح على شاطئ بونداي في سيدني، والذي أودى بحياة 16 شخصًا، سافرا إلى الفلبين الشهر الماضي، وسط تحقيقات مكثفة للوقوف على دوافعهما وعلاقاتهما المحتملة. وتتركز التحقيقات حاليًا على تحديد ما إذا كان الهجوم، وهو أسوأ حادث إطلاق نار جماعي في أستراليا منذ ثلاثة عقود، مرتبطًا بأيديولوجيات متطرفة، وسط ظهور أدلة أولية تشير إلى ذلك. هذا إطلاق نار جماعي المأساوي هز المجتمع الأسترالي وأثار تساؤلات حول الأمن القومي.
وكشف مفوض شرطة نيو ساوث ويلز، مال لانيون، عن العثور على أعلام تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وعبوات ناسفة في سيارة مسجلة باسم أحد المشتبه بهما. وأضاف أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحادث قد يكون مستوحى من أيديولوجيات هذا التنظيم، بعد أن كان أحد المرتبطين بالهجوم قيد المراقبة الأمنية في عام 2019. ووفقًا لمصادر أمنية، فقد خضع منفذا الهجوم لتدريب عسكري في معسكر يُعتقد أنه تابع لجماعة إرهابية في الفلبين.
تجنيد ودوافع إيديولوجية
صرح رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، بأن الأدلة المتوفرة تشير إلى أن الهجوم كان مدفوعًا بأيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية، وهي أيديولوجية الكراهية التي أدت إلى أعمال عنف حول العالم. وأوضح أن المشتبه به نافيد أكرم كان قد لفت انتباه أجهزة الاستخبارات الأسترالية في عام 2019 بسبب صلاته بأفراد آخرين، لكن لم يكن يُعتبر تهديدًا وشيكًا في ذلك الوقت. وتتعمق التحقيقات حاليًا لكشف كافة التفاصيل المتعلقة بخلفية المشتبه بهما ومعتقداتهما.
هذا وقد أشاد رئيس الوزراء بشجاعة المواطن أحمد الأحمد، الذي تصدى للمهاجم وأنقذ حياة العديد من الأشخاص. ووصفه بـ”البطل الأسترالي” الذي خاطر بحياته من أجل الآخرين. وتوجهت السلطات الأسترالية ببالغ التقدير للأحمد، مؤكدة أن تدخله السريع حال دون وقوع المزيد من الضحايا.
تأبين الضحايا وتضامن المجتمع
عقد آلاف الأستراليين، اليوم الثلاثاء، مراسم تأبين للضحايا قرب شاطئ بوندي، حيث وقع الهجوم الإرهابي. ووضعوا الزهور وتوافدوا لتقديم التعازي والتعبير عن تضامنهم مع عائلات الضحايا والمجتمع ككل. وأظهر هذا التجمع الحاشد الوحدة الوطنية والتصميم على مواجهة التطرف والكراهية. وشهدت المراسم حضورًا مكثفًا من ممثلي مختلف الأديان والجنسيات في أستراليا، مما يؤكد التنوع والتعايش السلمي في المجتمع الأسترالي.
من جانبه، أدانت السلطات الدينية في أستراليا، وخاصة المفتي العام إبراهيم أبو محمد، الهجوم بشدة، واصفة إياه بأنه “عمل إرهابي وغبي” يستهدف الأبرياء. وأكدت أن استهداف المدنيين جريمة مدانة بغض النظر عن الدين أو الهوية. وحثت السلطات الدينية على تعزيز قيم التسامح والاعتدال في المجتمع.
مراجعة قوانين الأسلحة
أثار حادث إطلاق النار هذا جدلاً واسعًا حول قوانين الأسلحة في أستراليا، والتي تعتبر من بين الأشد صرامة في العالم. وكشفت التحقيقات أن المشتبه به ساجد أكرم كان يمتلك ستة أسلحة مسجلة قانونيًا. ويدعو وزير الداخلية توني بيرك إلى إعادة النظر في هذه القوانين، مشيرًا إلى أنها قد تحتاج إلى تحديث وتقوية لمواكبة التحديات الأمنية المتزايدة. ويعتزم بيرك إجراء مشاورات مع مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك خبراء الأمن والقانون والمجتمع المدني، لوضع توصيات بشأن تعديل قوانين الأسلحة.
علاوة على ذلك، أثيرت تساؤلات حول فعالية أجهزة الاستخبارات في رصد ومنع التهديدات الإرهابية. ويتم حاليًا تقييم أداء هذه الأجهزة، ويجري النظر في إمكانية تعزيز قدراتها الاستخباراتية لضمان الأمن القومي. وتشمل هذه الإجراءات زيادة التمويل وتوسيع نطاق المراقبة وتعزيز التعاون مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية.
من المتوقع أن تستمر الشرطة الأسترالية في إجراء تحقيقات مكثفة لكشف كافة ملابسات الحادث وتحديد مدى تورط أي أطراف أخرى. كما ستتركز الجهود على تقديم المشتبه به نافيد أكرم إلى العدالة، وتوفير الدعم اللازم لعائلات الضحايا والمجتمع المتضرر. وستظل قضية قوانين الأسلحة والأمن القومي على رأس جدول الأعمال السياسي في أستراليا في الفترة المقبلة، مع توقع صدور توصيات بشأن تعديل القوانين وتحديث الاستراتيجيات الأمنية.





