أصدرت محكمة في بنغلادش، اليوم الخميس، حكماً بالسجن لمدة 21 عاماً على رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة في ثلاث قضايا تتعلق بالفساد، كما حكمت على ابنيها وابنتها بالسجن لمدة خمس سنوات في القضايا نفسها. يأتي هذا الحكم في خضمّ تطورات قانونية متسارعة عقب إطاحة احتجاجات شعبية بحكومتها في أغسطس 2024، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الفساد في البلاد وعلاقاتها مع الدول المجاورة.
وأعلنت المحكمة في العاصمة دكا إدانة حسينة (78 عاماً) بالاستحواذ غير القانوني على أراضٍ في ضواحي المدينة. وقد تمت محاكمتها غيابياً، نظراً لإقامتها في الخارج منذ الإطاحة بها بالسلطة. تُعدّ هذه الأحكام جزءاً من سلسلة إجراءات قانونية اتُخذت ضد حسينة بعد استقالتها.
قضايا الفساد وأحكام الإعدام
في الأسبوع الماضي، أصدرت محكمة أخرى حكماً بالإعدام على الشيخة حسينة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ويعود هذا الحكم تحديداً إلى إصدارها أوامر لقوات الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين خلال الانتفاضة الطلابية التي أدت إلى سقوط حكومتها. ونفت حسينة بشدة هذه الأوامر، واصفة الأحكام بأنها ذات دوافع سياسية.
ووفقاً للأمم المتحدة، أسفرت الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في أغسطس 2024 عن مقتل ما لا يقل عن 1400 شخص، معظمهم من المدنيين. وقد أجبرت هذه الاحتجاجات حسينة على الاستقالة واللجوء إلى الهند بعد 15 عاماً في السلطة. تعتبر هذه الأحداث بمثابة نقطة تحول في تاريخ بنغلادش السياسي.
طلب تسليم الشيخة حسينة
بعد صدور حكم الإعدام، تقدمت الحكومة البنغلاديشية بطلب رسمي إلى نيودلهي لتسليم الشيخة حسينة. وأعلنت الهند أمس الأربعاء أن الطلب “قيد الدراسة”، دون تحديد جدول زمني للرد. تعتبر قضية التسليم حساسة للغاية، نظراً للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وتشير التقارير إلى أن الحكومة الهندية تواجه ضغوطاً من مختلف الأطراف لاتخاذ قرار بشأن طلب التسليم. من جهة، هناك التزام بالحفاظ على علاقات جيدة مع بنغلادش. ومن جهة أخرى، هناك مخاوف بشأن احتمال تدخل قوى خارجية في القضية.
بالإضافة إلى قضايا الفساد، تواجه الشيخة حسينة اتهامات أخرى تتعلق بسوء استخدام السلطة وقمع المعارضة. وقد أثارت هذه الاتهامات انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان الدولية. وتعتبر هذه القضايا بمثابة اختبار حقيقي لاستقلالية القضاء في بنغلادش.
وتأتي هذه الأحكام في وقت تشهد فيه بنغلادش حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. وتواجه الحكومة الجديدة تحديات كبيرة في معالجة قضايا الفقر والبطالة والجريمة المنظمة. كما تواجه تحديات في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
وتشير بعض التحليلات إلى أن هذه الأحكام قد تكون محاولة من الحكومة الجديدة لتصفية حساباتها مع الشيخة حسينة وأنصارها. في المقابل، يرى آخرون أنها خطوة ضرورية لتحقيق العدالة ومكافحة الفساد المستشري في البلاد.
من المتوقع أن تستأنف الشيخة حسينة على هذه الأحكام أمام المحكمة العليا في بنغلادش. كما من المتوقع أن تواصل الهند دراسة طلب التسليم، مع الأخذ في الاعتبار جميع العوامل ذات الصلة. وستظل هذه القضية موضع متابعة دقيقة من قبل المجتمع الدولي.
في الختام، تبقى قضية الشيخة حسينة معقدة ومليئة بالتحديات. وتعتبر الأحكام الصادرة بحقها بمثابة تطور هام في تاريخ بنغلادش المعاصر. ومن الضروري مراقبة التطورات المستقبلية في هذه القضية، مع الأخذ في الاعتبار تأثيرها المحتمل على الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد والمنطقة.
