نقص حاد في المستلزمات الطبية يهدد بتوقف العمليات الجراحية في غزة

حذّر مسؤولون طبيون في قطاع غزة من تدهور حاد في الخدمات الصحية، مع اقتراب المستشفيات من نقطة اللاعودة بسبب النقص الشديد في المستلزمات الطبية. يأتي هذا التحذير في ظل استمرار الأزمة الإنسانية وتصاعد الاحتياجات الطبية، مما يهدد حياة المرضى ويعيق قدرة الطواقم الطبية على تقديم الرعاية اللازمة. وقد أعلنت عدة مستشفيات عن توقف العمليات الجراحية غير الطارئة، وتأجيل المواعيد، وتقليص الخدمات بسبب نقص الأدوية والمعدات.
وأكد الدكتور أنور الغرة، المدير الطبي لمستشفى القدس التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أن الوضع كارثي، وأن المستشفى قد يتوقف عن إجراء العمليات الجراحية الضرورية في أي لحظة. وأشار إلى أن إغلاق المعابر من قبل السلطات الإسرائيلية وتقييد إدخال المساعدات الطبية هو السبب الرئيسي في هذا النقص الحاد. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه القطاع ضغطاً هائلاً على النظام الصحي، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة والنزاعات المتكررة.
أزمة المستلزمات الطبية في غزة: تفاقم الأوضاع
تفاقمت أزمة نقص المستلزمات الطبية في قطاع غزة بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، مما أثر بشكل كبير على قدرة المستشفيات على تقديم الخدمات الأساسية. ووفقًا لتقارير وزارة الصحة الفلسطينية، فإن النقص يشمل مجموعة واسعة من المواد، بما في ذلك الأدوية، والمحاليل الطبية، والمواد المخدرة، والأجهزة الطبية، والمستهلكات الجراحية. يؤدي هذا النقص إلى تأخير العلاج، وزيادة المضاعفات، وارتفاع معدلات الوفيات بين المرضى.
تأثير النقص على الأقسام المختلفة
لا يقتصر تأثير نقص المستلزمات الطبية على أقسام معينة، بل يمتد ليشمل جميع الأقسام في المستشفيات. ففي قسم القسطرة بمستشفى القدس، على سبيل المثال، توجد صعوبات كبيرة في إجراء العمليات اللازمة بسبب نقص الدعامات والمواد الأخرى. وبالمثل، تعاني غرف العمليات من نقص في الأدوات والمعدات، مما يجبر الجراحين على استخدام أدوات تالفة أو غير مناسبة، مما يزيد من خطر حدوث مضاعفات أثناء الجراحة.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه أقسام الطوارئ صعوبة في التعامل مع الحالات الحرجة بسبب نقص الأدوية والمحاليل الطبية. ويؤدي ذلك إلى تأخير تقديم الرعاية الطارئة، مما قد يؤدي إلى تفاقم حالة المرضى وتهديد حياتهم. كما أن نقص المستلزمات الطبية يؤثر على برامج الصحة الوقائية، مثل برامج التطعيم والفحص المبكر للأمراض.
وتشير التقارير إلى أن نقص الأدوية الأساسية، مثل أدوية الأمراض المزمنة والمسكنات، يمثل تحديًا كبيرًا للمرضى في غزة. ويضطر العديد من المرضى إلى دفع مبالغ باهظة للحصول على الأدوية من الصيدليات الخاصة، أو إلى تأجيل العلاج حتى تتدهور حالتهم الصحية. هذه الأزمة تزيد من معاناة السكان، خاصة الفئات الأكثر ضعفاً، مثل الأطفال وكبار السن والمرضى المزمنين.
جهود للتخفيف من الأزمة وعقبات تواجهها
تبذل وزارة الصحة الفلسطينية والمنظمات الدولية جهودًا حثيثة للتخفيف من أزمة نقص المستلزمات الطبية في غزة. وتشمل هذه الجهود إرسال المساعدات الطبية، وتوفير الأدوية والمعدات للمستشفيات، ودعم البرامج الصحية. ومع ذلك، تواجه هذه الجهود العديد من العقبات، بما في ذلك إغلاق المعابر، وتقييد حركة المساعدات، والبيروقراطية الإسرائيلية.
وتواجه المنظمات الدولية صعوبة في إدخال المساعدات الطبية إلى غزة بسبب القيود المفروضة من قبل السلطات الإسرائيلية. وتشمل هذه القيود تقييد أنواع المواد المسموح بإدخالها، وتفتيش الشاحنات بشكل دقيق، وتأخير إجراءات الإفراج عن المساعدات. بالإضافة إلى ذلك، تعاني المستشفيات في غزة من نقص في الكادر الطبي المؤهل، مما يزيد من صعوبة التعامل مع الأزمة.
وتعتبر قضية الرعاية الصحية في غزة من القضايا الإنسانية المعقدة، التي تتطلب تدخلًا عاجلاً من المجتمع الدولي. ويجب على السلطات الإسرائيلية رفع القيود المفروضة على إدخال المساعدات الطبية، والسماح بوصول الكادر الطبي إلى المستشفيات، وضمان توفير المستلزمات الطبية اللازمة للمرضى.
من المتوقع أن تستمر أزمة نقص المستلزمات الطبية في غزة خلال الفترة القادمة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية للمشكلة. وستراقب وزارة الصحة الفلسطينية والمنظمات الدولية الوضع عن كثب، وستعمل على تقديم المساعدة اللازمة للمرضى والمستشفيات. ومع ذلك، فإن مستقبل الرعاية الصحية في غزة لا يزال غير واضح، ويتوقف على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة.





