ستارمر يتعرض لانتقادات بعد استقباله الناشط المصري علاء عبد الفتاح

واجه رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر انتقادات حادة بعد استقباله الناشط الحقوقي المصري البريطاني علاء عبد الفتاح عقب الإفراج عنه من مصر وعودته إلى بريطانيا. وقد تصاعدت هذه الانتقادات بسبب ظهور منشورات قديمة منسوبة لعبد الفتاح، تضمنت دعوات إلى العنف ضدّ ما وصفهم بـ”الصهاينة”، مما أثار جدلاً واسعاً حول استقبال الحكومة البريطانية لهذا الناشط، ويثير تساؤلات حول معايير التعامل مع قضايا حقوق الإنسان والخطاب المتطرف. علاء عبد الفتاح أصبح محور نقاش سياسي واجتماعي في بريطانيا.
الجدل يتعلق بتوازن الحكومة بين دعم حقوق الإنسان والوقوف بحزم ضد التحريض على العنف والكراهية. وقد أثار هذا الموقف تساؤلات حول مدى معرفة الحكومة البريطانية بمحتوى منشورات عبد الفتاح السابقة، وما إذا كان استقباله قد تم دون تقييم شامل لوجهات نظره وتصريحاته.
الانتقادات تتصاعد حول استقبال علاء عبد الفتاح
أعربت العديد من الجهات، بما في ذلك جماعات يهودية بريطانية وأعضاء في المعارضة، عن استيائهم الشديد من استقبال ستارمر لعبد الفتاح. واعتبروا ذلك بمثابة إشارة خاطئة، وتجاهلاً لمشاعر المجتمع اليهودي في بريطانيا. المجلس الممثّل لليهود في بريطانيا عبّر عن “قلق بالغ” إزاء “تصريحات متطرفة وعنيفة تستهدف الصهاينة”.
وزير العدل في حكومة الظل المحافظ روبرت جنريك ذهب إلى أبعد من ذلك، داعياً إلى سحب الجنسية البريطانية من عبد الفتاح وترحيله. هذا الطلب يعكس مدى حساسية القضية، والخلافات العميقة حول كيفية التعامل مع قضايا مماثلة.
توضيحات الحكومة البريطانية
في البداية، أشاد ستارمر بعودة عبد الفتاح إلى بريطانيا، مؤكداً أن قضيته كانت أولوية للحكومة منذ توليه منصبه في يوليو/تموز 2024. لكن مع عودة منشورات عام 2010 إلى الواجهة، سارعت الحكومة البريطانية إلى التنديد بها.
أفاد ناطق باسم الخارجية البريطانية أن الحكومة “تشجب التغريدات السابقة لعبد الفتاح وتعتبرها بغيضة”، مع التأكيد على أن “الحكومات المتتالية عكفت منذ مدة طويلة على وضع تحريره وعودته إلى عائلته في بريطانيا في قلب أولوياتها”. هذا التوضيح يهدف إلى تخفيف حدة الانتقادات، وإبراز التزام الحكومة البريطانية بقضايا حقوق الإنسان.
خلفية قضية علاء عبد الفتاح
علاء عبد الفتاح، وهو من أبرز رموز ثورة 25 يناير في مصر، أمضى سنوات طويلة في السجون المصرية. وقد أُطلق سراحه في سبتمبر/أيلول الماضي بموجب عفو رئاسي، بعد ضغوط مكثفة من منظمات حقوقية والحكومة البريطانية، بالإضافة إلى إضراب والدته، عالمة الرياضيات ليلى سويف، عن الطعام.
كان عبد الفتاح قد حصل على الجنسية البريطانية عام 2022 أثناء فترة سجنه، وذلك بفضل جهود والدته. وقد شطب اسمه من قائمة الكيانات الإرهابية في مصر في يوليو/تموز الماضي، بناءً على تحريات قضائية.
أُلقي القبض على عبد الفتاح لأول مرة عام 2014 بتهمة المشاركة في “مظاهرة غير مصرح بها والاعتداء على ضابط شرطة”. ثم أُعيد اعتقاله عام 2019 وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة نشر محتوى يدعو إلى العنف على فيسبوك. قضيته أصبحت رمزاً لقمع الحريات في مصر، وتعرضت لانتقادات واسعة من قبل المنظمات الحقوقية الدولية. حقوق الإنسان كانت جوهر المطالبات بإطلاق سراحه.
المنشورات المثيرة للجدل، والتي تعود إلى فترة سابقة لاعتقاله، تضمنت عبارات تحريضية ضد “الصهاينة”، مما أثار غضب العديد من الأطراف في بريطانيا. هذه المنشورات أضافت بعداً جديداً للقضية، وحوّلتها من قضية حقوقية بحتة إلى قضية تتعلق بالأمن القومي ومكافحة التطرف. التعامل مع هذه المنشورات يمثل تحدياً للحكومة البريطانية، ويتطلب منها تحقيق توازن دقيق بين دعم حقوق الإنسان والوقوف بحزم ضد التحريض على الكراهية. الخطاب المتطرف أصبح نقطة تركيز رئيسية.
بالإضافة إلى ذلك، أثارت القضية نقاشاً حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الأفكار المتطرفة، ومسؤولية الحكومات عن مراقبة هذه الأفكار واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها.
الخطوات القادمة والتوقعات
من المتوقع أن تستمر الانتقادات الموجهة إلى رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر في الأيام القادمة. كما من المحتمل أن تفتح السلطات البريطانية تحقيقاً في منشورات عبد الفتاح السابقة، لتقييم ما إذا كانت تشكل تهديداً للأمن القومي.
من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الحكومة البريطانية ستتخذ أي إجراءات إضافية بشأن قضية عبد الفتاح، مثل سحب الجنسية البريطانية منه أو ترحيله. لكن من المؤكد أن هذه القضية ستظل قيد المتابعة، وستؤثر على العلاقات بين بريطانيا ومصر. الوضع لا يزال متطوراً، ويتطلب مراقبة دقيقة للتطورات المستقبلية.





