Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

سكان غزة يسابقون الزمن للحفاظ على تراثهم الثقافي بعد الدمار جراء الحرب

بعد مقتل عشرات الآلاف وتدمير واسع النطاق، أصبحت مهمة إعادة إعمار غزة تحديًا هائلاً. وبينما تركز الجهود على توفير المأوى للمشردين وتقديم المساعدات الإنسانية، يزداد الاهتمام أيضًا بالحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للقطاع الذي تعرض لأضرار بالغة خلال القتال.

العمال بدأوا بالفعل في إزالة الأنقاض من بعض المواقع الأكثر تضررًا، بما في ذلك المسجد العمري الكبير وقصر الباشا، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من هذه المعالم الهامة. وتواجه هذه الجهود تحديات كبيرة، بما في ذلك نقص المواد والموارد، بالإضافة إلى المخاطر المستمرة المرتبطة بالوضع الأمني.

أهمية التراث في غزة: إعادة إعمار غزة تتجاوز المباني

يمثل المسجد العمري الكبير، الواقع في مدينة غزة القديمة، أهم موقع ثقافي تعرض للقصف خلال الحرب. تزعم القوات الإسرائيلية أنها كانت تستهدف أنفاقًا تحت الأرض، بينما يؤكد الفلسطينيون أن القصف كان متعمدًا بهدف تدمير التراث الديني والثقافي. هذا الموقع ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو رمز للهوية الفلسطينية والتاريخ الغني للمنطقة.

يعود تاريخ المسجد إلى العصور القديمة، حيث يقع على أنقاض معبد قديم يُعتقد أنه كان مخصصًا للإله شمشون. على مر القرون، خضع المسجد لتعديلات وإضافات من قبل مختلف الحضارات، بما في ذلك البيزنطيين والمماليك والعثمانيين، مما جعله مزيجًا فريدًا من الأساليب المعمارية.

بالإضافة إلى المسجد العمري، تعرض قصر الباشا، وهو معلم تاريخي يعود إلى القرن الثالث عشر، لأضرار جسيمة. كان القصر يضم متحفًا يحتوي على كنوز أثرية، اختفت الآن أو تعرضت للتلف.

التحديات التي تواجه جهود الترميم

وفقًا لجهاد ياسين، وكيل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، فإن إعادة ترميم المواقع التاريخية في غزة تتطلب خطة شاملة من ثلاث مراحل. وتشمل هذه الخطة التدخل السريع لتقوية الهياكل المتضررة، وإعادة بناء الأجزاء المنهارة، وتوثيق الأضرار التي لحقت بالتراث الثقافي.

تشير التقديرات الأولية إلى أن تكلفة إعادة الترميم ستصل إلى 133 مليون دولار. ومع ذلك، يواجه المسؤولون الفلسطينيون صعوبات في الحصول على التمويل اللازم، بالإضافة إلى نقص المواد الأساسية مثل الأسمنت الأبيض والجبس. كما أن ارتفاع أسعار مواد البناء يمثل تحديًا إضافيًا.

أكد الجيش الإسرائيلي أنه يتبع إجراءات صارمة قبل استهداف أي موقع قد يكون له أهمية ثقافية أو تاريخية، بهدف تقليل الأضرار الجانبية. ومع ذلك، يرى الفلسطينيون أن هذه الإجراءات غير كافية، وأن القصف الإسرائيلي تسبب في خسائر لا يمكن تعويضها.

أكثر من مجرد حجر: الأثر النفسي لتدمير التراث

بالنسبة لسكان غزة، يمثل تدمير المعالم التاريخية خسارة فادحة على المستوى النفسي والعاطفي. هذه المواقع ليست مجرد مبانٍ قديمة، بل هي جزء لا يتجزأ من هويتهم وتراثهم الثقافي. إن فقدانها يثير مشاعر الحزن والغضب واليأس.

منذر أبو عاصي، أحد سكان غزة، قال إنه وجد نفسه يواسي ابنته كنزي بسبب حزنها بعد أن علمت بتدمير المسجد العمري. وأضاف أن تدمير قصر الباشا جعله يقتنع بأن إسرائيل تسعى إلى طمس الهوية الفلسطينية.

تعتبر الحفاظ على التراث الثقافي في غزة أمرًا بالغ الأهمية ليس فقط للفلسطينيين، بل للمجتمع الدولي ككل. فهذه المواقع تمثل جزءًا من التاريخ الإنساني المشترك، ويجب حمايتها للأجيال القادمة. كما أن الحفاظ على التراث يساهم في تعزيز السلام والتفاهم بين الثقافات.

تعتمد خطة إعادة التأهيل في غزة على التمويل الدولي والوصول الآمن إلى المواقع المتضررة. من المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى من الترميم في الأشهر القليلة القادمة، ولكن لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين بشأن الجدول الزمني الكامل والموارد المتاحة. سيكون من المهم مراقبة التطورات السياسية والأمنية في المنطقة، بالإضافة إلى جهود المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى