صندوق النقد الدولي يرجح تراجع نمو مجموعة الـ20

توقعات صندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي العالمي تظهر تباطؤًا ملحوظًا، حيث يتوقع الصندوق أن تشهد دول مجموعة العشرين نموًا بنسبة 2.9% فقط في عام 2030. يأتي هذا التباطؤ في ظل تحديات متزايدة، بما في ذلك حالة عدم اليقين العالمية وتزايد الاتجاهات الحمائية في السياسات التجارية. يمثل هذا التوقع أضعف آفاق نمو للصندوق للأمد المتوسط منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009.
توقعات النمو الاقتصادي العالمي في مجموعة العشرين
أصدر صندوق النقد الدولي هذا الأربعاء تقريرًا يوضح فيه المخاطر والتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، خاصةً داخل مجموعة العشرين التي تضم أكبر 20 اقتصادًا في العالم. ويشير التقرير إلى أن الضغوط على المالية العامة للدول، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية وشيخوخة السكان في الاقتصادات المتقدمة، تمثل عوامل رئيسية في هذا التباطؤ المتوقع.
وبحسب التقرير، من المتوقع أن يسجل النمو في الاقتصادات المتقدمة ضمن المجموعة (الولايات المتحدة، بريطانيا، أستراليا، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، وكوريا الجنوبية) معدل 1.4% فقط في عام 2030. ويعتبر هذا التوقع أقل بكثير من المعدلات التي كانت سائدة قبل سنوات، مما يعكس التحديات الهيكلية التي تواجه هذه الاقتصادات.
في المقابل، من المتوقع أن تحقق اقتصادات الأسواق الناشئة في مجموعة العشرين (الأرجنتين، البرازيل، الصين، الهند، إندونيسيا، المكسيك، روسيا، السعودية، جنوب أفريقيا، وتركيا) أداءً أفضل بنمو متوقع يصل إلى 3.9%. يعزى هذا الأداء النسبي إلى عوامل مثل النمو السكاني الأسرع وزيادة الاستثمارات في بعض هذه الدول.
العوامل المؤثرة في تباطؤ النمو
أشار صندوق النقد الدولي إلى أن حالة عدم اليقين الجيوسياسية والتجارية تساهم بشكل كبير في إعاقة النمو العالمي. تزيد التوترات التجارية والنزاعات الإقليمية من المخاطر التي تواجه الشركات والمستثمرين، مما يؤدي إلى تأجيل القرارات الاستثمارية وتقليل الإنفاق. بالإضافة إلى ذلك، فإن السياسات الحمائية التي تهدف إلى حماية الصناعات المحلية قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقليل المنافسة، مما يضر بالاقتصاد العالمي في نهاية المطاف.
ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن التقرير قد يكون متفائلًا بعض الشيء فيما يتعلق بالأسواق الناشئة، مشيرين إلى أن هذه الاقتصادات قد تواجه أيضًا تحديات كبيرة في المستقبل، مثل ارتفاع مستويات الديون وتغير أسعار السلع الأساسية. الاستقرار المالي (الاستقرار الاقتصادي) هو عنصر أساسي في تحقيق النمو المستدام.
تتوقع تقديرات الصندوق أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة ككل 3.2% في عام 2025، بانخفاض طفيف من 3.3% في العام الماضي، وأن يصل إلى 3% في عام 2026. يعكس هذا التراجع المستمر الضغوط المتزايدة على الاقتصاد العالمي.
ومن المقرر أن يعقد قادة مجموعة العشرين قمة في جنوب أفريقيا في الأيام القادمة، وسط توقعات بغياب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ. من المتوقع أن تركز المناقشات خلال القمة على التحديات الاقتصادية العالمية وسبل التعاون لمواجهتها.
وحث صندوق النقد الدولي الدول الأعضاء على العمل معًا من أجل خفض الحواجز التجارية وتعزيز التعاون الاقتصادي. ودعا الصندوق إلى تبني “خرائط طريق واضحة وشفافة للسياسة التجارية” لتقليل حالة عدم اليقين وتشجيع الاستثمار. أيضا، من المهم معالجة قضايا الديون المتراكمة لضمان الاستقرار المالي.
في الختام، تعكس توقعات صندوق النقد الدولي صورة قاتمة للنمو الاقتصادي العالمي في السنوات القادمة. تعتبر القمة القادمة لمجموعة العشرين فرصة هامة لقادة العالم لمناقشة هذه التحديات واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق نمو مستدام. يبقى التحدي الأكبر في كيفية التغلب على حالة عدم اليقين المتزايدة وتجنب المزيد من التدهور في الآفاق الاقتصادية العالمية.





