تجربة مسيّرة “الخفاش الشبح” تغير ملامح حروب المستقبل

يشهد مجال القتال الجوي تحولاً جذرياً، حيث أظهرت تجربة حديثة تدمير طائرة في الجو بواسطة صاروخ أطلقته طائرة مسيرة من طراز “بوينغ إم كيو-28 إيه غوست بات” قدرات جديدة للمسيرات. هذا الإنجاز يثير تساؤلات حول مستقبل الحرب الجوية ودور المسيرات في الصراعات العسكرية القادمة، ويشير إلى أن هذه الطائرات لم تعد مجرد أدوات دعم، بل أصبحت مقاتلات قادرة على الاشتباك المباشر.
أجريت المناورة العسكرية بواسطة طائرة مسيرة تابعة لسلاح الجو الملكي الأسترالي، بالتعاون مع شركة “بوينغ ديفنس أستراليا” والولايات المتحدة. وقد نجحت المسيرة في تعقب هدف جوي وإصابته بدقة، مما يؤكد التقدم التكنولوجي الكبير الذي تم تحقيقه في هذا المجال. هذا التطور يضع أستراليا في طليعة الدول التي تستثمر في تكنولوجيا الأسلحة المتقدمة.
المسيرات والتحول في القتال الجوي
تُظهر هذه التجربة بوضوح أن المسيرات لم تعد تقتصر على مهام الاستطلاع والمراقبة والدعم اللوجستي، بل أصبحت قادرة على تنفيذ مهام قتالية معقدة. وفقًا لمحللين عسكريين، فإن هذا التحول يعكس رغبة متزايدة في تقليل المخاطر التي يتعرض لها الطيارون، مع زيادة الفعالية القتالية في نفس الوقت.
خلال المناورة، قامت المسيرة “غوست بات” بتعقب الهدف واشتبكت معه باستخدام صاروخ جو-جو من طراز “إيه آي إم-120 أمرام”، وذلك بالتنسيق مع طائرة “بوينغ إي-7 إيه ويدجتيل” ومقاتلة “إف إيه-18 إي/إف سوبر هورنت”. هذا التنسيق بين الطائرات المأهولة وغير المأهولة يمثل نموذجًا جديدًا للعمليات العسكرية المستقبلية.
دور أستراليا في تطوير تكنولوجيا المسيرات
تعتبر أستراليا من الدول الرائدة في تطوير تكنولوجيا المسيرات العسكرية. التعاون الوثيق بين سلاح الجو الملكي الأسترالي وشركة “بوينغ ديفنس أستراليا” أثمر عن تطوير طائرة “غوست بات” التي أثبتت قدراتها القتالية المتميزة. هذا الاستثمار في التكنولوجيا يعزز القدرات الدفاعية لأستراليا ويساهم في تطوير صناعة الأسلحة المحلية.
تأثير المسيرات على مستقبل الحروب
يشير خبراء عسكريون إلى أن استخدام المسيرات في القتال الجوي سيستمر في التزايد في السنوات القادمة. وتشير التقارير إلى أن العديد من الدول تعمل على تطوير أجيال جديدة من المسيرات القادرة على تنفيذ مهام أكثر تعقيدًا، مثل الاشتباك مع الطائرات المقاتلة الأخرى وتنفيذ عمليات هجومية ضد الأهداف الأرضية.
مجلة “لوبس” الفرنسية أكدت سابقًا أن المسيرات تعيد تشكيل مفاهيم القتال، كما ظهر جليًا في الحرب في أوكرانيا. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل الحرب والقيم الإنسانية المرتبطة بها. التركيز المتزايد على تقليل الخسائر البشرية قد يؤدي إلى زيادة الاعتماد على الأسلحة غير المأهولة، مما يغير طبيعة الصراعات العسكرية.
بالإضافة إلى ذلك، يشهد إنتاج المسيرات نموًا غير مسبوق. فقد أعلنت روسيا عن خطط لإنتاج 32 ألف طائرة مسيرة سنويًا بحلول عام 2030، من خلال إنشاء 48 مركزًا لإنتاج المسيرات. وفي أفريقيا، من المتوقع أن ينمو سوق المسيرات بنسبة 7.3% سنويًا، ليصل إلى 107 ملايين دولار في عام 2030.
الجيل القادم من الطائرات بدون طيار
تتجه التطورات في مجال الطائرات بدون طيار نحو زيادة الاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرارات بشكل ذاتي. هذا يعني أن المسيرات ستكون قادرة على العمل بشكل مستقل عن المشغلين البشريين، مما يزيد من فعاليتها في البيئات المعقدة والخطرة.
ومع ذلك، يثير هذا التطور مخاوف أخلاقية وقانونية بشأن مسؤولية المسيرات عن أفعالها في ساحة المعركة. هناك حاجة إلى وضع قوانين ولوائح دولية واضحة تنظم استخدام المسيرات في الحروب، وتضمن حماية المدنيين وتجنب التصعيد غير الضروري.
من المتوقع أن تشهد الأشهر والسنوات القادمة المزيد من التجارب والمناورات العسكرية التي تختبر قدرات المسيرات في مختلف السيناريوهات القتالية. سيكون من المهم مراقبة هذه التطورات عن كثب، وتقييم تأثيرها على مستقبل الحرب والأمن الدولي. كما سيكون من الضروري مواصلة البحث والتطوير في مجال تكنولوجيا المسيرات، لضمان استخدامها بشكل مسؤول وأخلاقي.





