غزة.. شهداء بغارات على خان يونس ونتنياهو يتوعد حماس

استمرت الاشتباكات العسكرية بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة آخرين في سلسلة غارات جوية إسرائيلية على مدينة خان يونس جنوب القطاع. يأتي هذا التصعيد في ظل تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعهد فيها بمواصلة العمليات العسكرية ضد حماس حتى تحقيق “النصر الكامل”.
وقعت الغارات الإسرائيلية في وقت متأخر من مساء أمس واستمرت حتى ساعات الصباح الأولى، مستهدفةً مناطق سكنية ومراكز يُزعم أنها تابعة لحماس. لم يصدر حتى الآن بيان رسمي من الجيش الإسرائيلي يؤكد أو ينفي تفاصيل هذه الغارات، لكنه أشار في وقت سابق إلى استمرار جهوده لـ “تفكيك البنية التحتية الإرهابية” في غزة. التصعيد الأخير يثير مخاوف متزايدة بشأن الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة.
تصعيد القتال في خان يونس وتصريحات نتنياهو بشأن غزة
تركز القصف الإسرائيلي بشكل خاص على خان يونس، وهي مدينة مكتظة بالسكان تعتبر معقلاً رئيسياً لـ حماس. وأفادت مصادر طبية بأن من بين الشهداء أطفال ونساء، مما يزيد من الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار أو السماح بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية.
الخلفية والأسباب
يعود هذا التصعيد إلى استمرار تبادل إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل، والذي بدأ في 7 أكتوبر 2023 بهجوم غير مسبوق شنته حماس على جنوب إسرائيل. أدى الهجوم إلى مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي واحتجاز 240 آخرين كرهائن، وفقًا لإحصاءات إسرائيلية.
ردت إسرائيل بقصف مكثف على غزة، وفرضت حصارًا شبه كامل، مما أدى إلى كارثة إنسانية متفاقمة. تستهدف العمليات الإسرائيلية بحسب زعمها، مواقع عسكرية لحماس وقادة الفصائل، لكنها تتسبب أيضًا في أضرار جسيمة للبنية التحتية المدنية وخسائر في صفوف المدنيين.
تصريحات نتنياهو وتأثيرها
تعهد رئيس الوزراء نتنياهو بمواصلة العمليات العسكرية حتى “القضاء على حماس” وتحرير الرهائن الإسرائيليين. وأكد أن إسرائيل لن تتنازل عن أهدافها الأمنية، حتى لو تطلب ذلك وقتًا أطول وجهدًا أكبر في القتال. تحمل هذه التصريحات دلالات خطيرة على مستقبل المفاوضات المحتملة بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وعلى الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية مصممة على تحقيق أهدافها العسكرية في غزة. هناك انقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية حول كيفية تحقيق هذه الأهداف، ولكن الغالبية تقع على ضرورة الاستمرار في الضغط على حماس.
تداعيات الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
أدى الحصار الإسرائيلي والقتال المستمر إلى نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والكهرباء في قطاع غزة. وحذرت الأمم المتحدة من أن الوضع الإنساني يتدهور بسرعة، وأن أكثر من 80% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي. كما أدى القتال إلى نزوح أكثر من 1.9 مليون فلسطيني داخل غزة، مما فاقم من الأزمة الإنسانية.
تتزايد المخاوف بشأن انتشار الأمراض المعدية بسبب نقص المياه الملوثة وسوء الصرف الصحي. كما أن هناك صعوبات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية، حيث تعرضت العديد من المستشفيات لأضرار أو توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود والإمدادات الطبية.
ويعد نقص المساعدات الإنسانية والقيود المفروضة على دخولها إلى غزة من أبرز العوامل التي تساهم في تفاقم الأزمة. تعمل المنظمات الدولية والمحلية على تقديم المساعدة للمحتاجين، ولكن جهودها تعوقها بشدة بسبب التعقيدات الأمنية واللوجستية.
في المقابل، يشير مراقبون إلى أن حماس تواصل استخدام المدنيين كدروع بشرية، وأنها تخفي مواقعها العسكرية داخل المناطق السكنية. هذا الأمر يعقد جهود الجيش الإسرائيلي وتميز أهدافه العسكرية، ويزيد من خطر وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
الموقف الدولي والجهود الدبلوماسية
تواصل الدول الكبرى والمنظمات الدولية جهودها الدبلوماسية لـ “تهدئة التصعيد” ووقف إطلاق النار في غزة. تشمل هذه الجهود الوساطة القطرية والمصرية والأممية، بالإضافة إلى الضغوط المباشرة على إسرائيل وحماس. إلا أن هذه الجهود لم تحقق حتى الآن نتائج ملموسة، بسبب تعنت الطرفين ورفضهما تقديم تنازلات جوهرية. كلمة “أزمة غزة” تتصدر عناوين الأخبار الدولية.
دعت الولايات المتحدة إلى حماية المدنيين والالتزام بالقانون الدولي. كما حثت إسرائيل على زيادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. في المقابل، أعربت العديد من الدول العربية والإسلامية عن إدانتها الشديدة للقصف الإسرائيلي، وطالبت بوقف فوري لإطلاق النار.
يدعو المجتمع الدولي إلى حل سياسي شامل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يضمن حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة. ومع ذلك، يبدو أن هذا الحل بعيد المنال في ظل الوضع السياسي الحالي والتعقيدات الإقليمية.
الوضع في غزة لا يزال متفجرًا، ومن المتوقع أن يستمر القتال في الأيام والأسابيع المقبلة. ستركز الجهود الدبلوماسية على محاولة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ولكن نجاح هذه الجهود يبقى غير مؤكدًا. من الأهمية بمكان متابعة تطورات الوضع الإنساني في غزة، وتقييم مدى فعالية المساعدات المقدمة للمحتاجين. الخطر الأكبر يكمن في احتمال توسع نطاق الصراع إلى مناطق أخرى في المنطقة.





