Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي

غينيا بيساو.. حكومة انتقالية وسط جدل الانقلاب

أعلنت السلطات العسكرية في غينيا بيساو تشكيل حكومة جديدة تتألف من 28 عضواً، غالبيتهم من المدنيين، وذلك في أعقاب الإطاحة بالرئيس عمر سيسوكو إمبالو وتعليق الانتخابات الرئاسية والتشريعية. يأتي هذا التشكيل الحكومي بعد أيام من التوتر السياسي، ويثير تساؤلات حول مستقبل البلاد ومسار العملية الديمقراطية، خاصةً مع اتهامات بالفساد وتدخل شبكات تهريب المخدرات في الشأن السياسي. هذا التطور يضع غينيا بيساو في بؤرة اهتمام المراقبين الدوليين، الذين يتابعون عن كثب تطورات الأوضاع في البلاد.

تضم الحكومة الجديدة خمسة ضباط عسكريين، من بينهم اللواء ماماساليو إمبالو الذي تولى منصب وزير الداخلية، واللواء ستيف لاسانا مانسالي الذي عين وزيراً للدفاع. بالإضافة إلى ذلك، يلاحظ وجود أربع نساء في التشكيلة الحكومية، في محاولة لإظهار بعض التوازن والتمثيل في ظل الحكم العسكري الحالي. وقد تم تعيين إلِيديو فييرا تي رئيساً للوزراء ووزيراً للمالية، وهو ما يمثل خطوة رئيسية في تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة.

انقلاب غينيا بيساو: خلفيات وتداعيات

برر الجيش الإجراءات التي اتخذها بضرورة حماية الأمن القومي وإعادة الاستقرار للبلاد، مشيراً إلى وجود مخطط لتقويض الاستقرار بمشاركة ما وصفهم بـ “بارونات المخدرات”. هذه الاتهامات تأتي في سياق تاريخي طويل من عدم الاستقرار السياسي والتدخلات الخارجية في غينيا بيساو، بالإضافة إلى مشكلة تهريب المخدرات التي تعاني منها البلاد منذ سنوات.

الجدل حول دوافع الإطاحة بالرئيس

يثير هذا الانقلاب تساؤلات حول دوافعه الحقيقية، حيث يشكك معارضون وخبراء في الرواية الرسمية. يرى البعض أن الرئيس المخلوع إمبالو ربما يكون قد دبر الإطاحة بنفسه بهدف وقف المسار الانتخابي الذي كان يهدد موقعه، خاصةً بعد تصاعد الخلافات السياسية والاحتجاجات الشعبية. هذه التكهنات تزيد من تعقيد المشهد السياسي وتجعل من الصعب تحديد مستقبل البلاد.

وقد غادر الرئيس المخلوع عمر سيسوكو إمبالو البلاد متوجهاً إلى العاصمة الكونغولية برازافيل برفقة أسرته ومجموعة من المقربين، وذلك عبر رحلة خاصة وفرتها له السلطات السنغالية. هذا المغادرة تثير المزيد من التساؤلات حول دوره المستقبلي في السياسة الغينية، وما إذا كان سيسعى للعودة إلى السلطة أم سيختار البقاء في المنفى.

تصريحات الرئيس النيجيري الأسبق غودلاك جوناثان، الذي شارك في مراقبة الانتخابات الأخيرة، أضافت المزيد من الوقود إلى الجدل. اعتبر جوناثان أن ما حدث في غينيا بيساو هو “انقلاب صوري” رتبه الرئيس المخلوع بنفسه، مشيراً إلى أن هذه الممارسات أصبحت شائعة في أفريقيا. هذا التصريح القوي من شخصية أفريقية بارزة يضع ضغوطاً إضافية على السلطات العسكرية في غينيا بيساو.

على الصعيد الداخلي، شهدت البلاد بعض التوترات الأمنية، حيث تعرضت مقرات الأحزاب المعارضة للتخريب، كما تم اعتقال زعيم المعارضة دومينغوس سيمويش بيريرا، وهو أحد أبرز خصوم الرئيس المخلوع. في الوقت نفسه، أكد المرشح المعارض فرناندو دياز أنه نجا من محاولة اعتقال وأنه يقيم حالياً في مكان آمن. هذه الأحداث تشير إلى أن السلطات العسكرية تسعى إلى قمع أي معارضة محتملة لخططها.

تعتبر غينيا بيساو من بين الدول الأكثر تضرراً من الفقر وعدم الاستقرار السياسي في غرب أفريقيا. تاريخ البلاد مليء بالانقلابات العسكرية والتدخلات الخارجية، مما أدى إلى إعاقة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، تعاني البلاد من مشكلة تهريب المخدرات التي تستغل ضعف المؤسسات الحكومية والحدودية. هذه التحديات تجعل من الصعب على غينيا بيساو تحقيق الاستقرار والازدهار.

الوضع السياسي في غينيا بيساو يثير قلقاً بالغاً في المنطقة وخارجها. تسعى دول الجوار والمنظمات الدولية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة، وضمان عودة الديمقراطية والاستقرار إلى البلاد. ومع ذلك، فإن التحديات كبيرة، ولا يزال مستقبل غينيا بيساو غير واضح. من المتوقع أن تشهد البلاد في الأيام القادمة مزيداً من التطورات، بما في ذلك تشكيل حكومة انتقالية وتحديد جدول زمني لإجراء انتخابات جديدة. يبقى السؤال الأهم هو ما إذا كانت هذه الخطوات ستؤدي إلى تحقيق الاستقرار الدائم والازدهار لغينيا بيساو.

من المقرر أن يعلن اللواء هورتا إنتا، الرئيس الانتقالي، عن رؤيته وخطة عمل حكومته خلال الأسبوع القادم. سيكون من المهم مراقبة مدى التزام الحكومة الجديدة بمعالجة قضايا الفساد والحد من نفوذ شبكات المخدرات، بالإضافة إلى ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة في أقرب وقت ممكن. أي تأخير أو تردد في هذا الصدد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة وزيادة خطر العنف وعدم الاستقرار في البلاد. يشكل **الانقلاب** في غينيا بيساو تحدياً كبيراً لدول المنطقة. يجب على المجتمع الدولي الدعم والمتابعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى