كاتب تركي: صربيا تلعب بالنار في البلقان
ذكر تقرير نشرته صحيفة “يني أكيت” التركية أن حدة التوترات ارتفعت في كوسوفو بعد الانتخابات المحلية التي أجريت في مايو/أيار، وبلغت ذروتها في 24 سبتمبر/أيلول الماضيين، بهجوم نفذه مسلحون صرب.
وقال الكاتب أيهان ديمير، إن الهجوم الذي وقع في قرية بانسكا التابعة لمدينة زفيشان في شمال كوسوفو، تسبب في مقتل شرطي وإصابة آخر، كما أسفرت الاشتباكات التي استمرت لساعات عن قتل مسلحين واعتقال اثنين منهم، أما المسلحون الآخرون فقد تمكنوا من الفرار إلى صربيا عبر المناطق الجبلية.
وذكر الكاتب أن الجماعات الصربية -التي وصفها بالإرهابية- كانت تشن هجمات سريعة (كر وفر) منذ العقد الأول من القرن 21 في شمال البلاد، لكن التدخلات الحازمة للشرطة التابعة للقوات الخاصة في كوسوفو، أفسدت أهداف كل تلك الهجمات.
ليس هجوما عاديا
وتابع بأن العملية التي شنتها الشرطة الكوسوفية وقوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي، على دير بانسكا الأرثوذكسي (حيث كان يختبئ المسلحون) كشفت أن “الأمر لم يكن يتعلق بمجرد هجوم إرهابي”، فقد أسفرت العملية عن مصادرة أسلحة تبلغ قيمتها 5 ملايين يورو، وكثير من هذه الذخيرة من النوع الذي يمكن العثور عليه في مستودعات الجيش فقط.
فقد عُثِر -على سبيل المثال- على وثيقة تثبت أن قاذفة القنابل اليدوية التي استُولي عليها تعود إلى الجيش الصربي.
ووفق الكاتب، يُعتقد أن الصرب قد نقلوا هذه الذخيرة باستخدام مركبات تشبه سيارات الإسعاف والقوات التابعة لقوة حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي، متسائلا، لماذا لم تكن المخابرات الكوسوفية على علم بذلك؟
وأفاد التقرير بأن حدود كوسوفو مع صربيا جبلية وعرة، وهذا يجعل من الصعب للغاية السيطرة على خط الحدود بالكامل. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم الصرب طرقا مختلفة لعبور الحدود.
وقد علمت المخابرات الكوسوفية وقوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي بالطبع، بجهود تسليح الصرب. وقد حذّر رئيس وزراء كوسوفو، ألبين كورتي، المجتمع الدولي باستمرار من تسليح الصرب. ومع ذلك، لم يُولَ اهتمام كبير لهذه التحذيرات.
دعم صربي
وحسب الكاتب، فمن الواضح أن الهجوم تم بدعم وتخطيط كاملين من الدولة الصربية، وهناك إشارات كثيرة في هذا الاتجاه.
وأضاف بأن إعلان صربيا وحزب القائمة الصربية العامل في كوسوفو، الحداد على المسلحين الذين قُتلوا في كوسوفو هو أكبر دليل على من يقف خلف العملية، وكأنه يقول، “انتبهوا هنا: الحداد ليس لأجل شرطي كوسوفو الذي استُشهِد، بل لأجل الإرهابيين الصرب”.
وتابع، أنه قبل أيام من الهجوم تلقى المسلحون تدريبات في قاعدتي باسوليانسكي ليفادي وكوباونيك العسكريتين، التابعتين للجيش الصربي.
بالإضافة إلى ذلك، صرحت النائبة البريطانية أليشيا كيرنز -قبل شهرين من الهجوم- أن صربيا تستخدم الأماكن الدينية في شمال كوسوفو مستودعات للأسلحة.
وتظهر الصور التي نشرتها سلطات كوسوفو أن ميلان رادوفيتش كان يتزعم “الجماعة الإرهابية الصربية”، على حد تعبير الكاتب الذي قال، إن رادوفيتش نائب رئيس حزب القائمة الصربية، والنائب في برلمان كوسوفو، والملقب بـ “بارون الشمال”، يتحرك بأوامر الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، ويسيطر على المناطق التي يسكنها الغالبية الصربية في كوسوفو.
وكان رادوفيتش متهما -كذلك- في قضية قتل السياسي الصربي أوليفر إيفانوفيتش، الذي قُتل في 16 يناير/كانون الثاني 2018، كما أنه مدرج على قائمة سوداء من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة.
أما بالنسبة لبويان ميلويفيتش، الذي قتل خلال الهجوم، فقد كان حارسا شخصيا لمدير المخابرات الصربي ألكسندر فولين، في 2013. كما شارك -أيضا- بنشاط في الحملة الانتخابية للرئيس الصربي فوتشيتش.
ووفق الكاتب، فإن ما وصفها بـ”المجموعة الإرهابية” التي نفذت الهجوم تتكون من أشخاص تلقت تدريبا عسكريا محترفا. وبالإضافة إلى ذلك، كان هذا الهجوم نتيجة لإعداد كبير، حيث تسعى صربيا إلى إنشاء مناطق صراع في شمال كوسوفو، وترغب في نشر صورة أن جمهورية كوسوفو هي دولة غير آمنة. وفي نهاية المطاف، تريد فصل شمال البلاد عن كوسوفو تماما.
الخطر لم ينته بعد
وحسب الكاتب فإن العديد من الكنائس في شمال البلاد قد تحتوي على مخازن ذخيرة مماثلة، وبالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من التشكيلات المسلحة؛ مثل: فاغنر وغيرها في المنطقة، تحت سيطرة دولة صربيا.
ومع ذلك، فالإستراتيجية الرئيسة لصربيا ليست الدخول إلى كوسوفو بالدبابات والأسلحة الثقيلة، بل هي إنشاء ممر لتوفير الأسلحة والجنود في شمال البلاد، وخلق مناطق نزاع، ثم تمرير نظرية “انتفاضة الصرب في كوسوفو ضد “الظلم” و”الإرهاب” الذي تعرضوا له” إلى المجتمع الدولي، ومن ثم الضم النهائي للمنطقة.
وخلص الكاتب في تقريره إلى أن الصرب في كوسوفو ليس لديهم أي مشكلة مع الألبان، فالصرب في كوسوفو بحاجة إلى الحماية من “أعمال الإرهاب التي تنفذها صربيا، وليسوا بحاجة إلى حماية من دولة كوسوفو”.