كارثة “ويندوز 11”.. كيف تحولت الترقية إلى عبء على الكوكب؟

أثارت شركة مايكروسوفت جدلاً واسعاً بإعلانها عن إنهاء الدعم الرسمي لنظام التشغيل **ويندوز 10** في أكتوبر 2025، مما يعني توقف التحديثات الأمنية والدعم الفني المجاني. هذا القرار يضع ملايين المستخدمين حول العالم أمام خيار الترقية إلى نظام التشغيل ويندوز 11 أو التخلي عن أجهزتهم الحالية. وتأتي هذه الخطوة بعد سنوات من الاستقرار الذي وفره ويندوز 10 للمستهلكين والشركات على حد سواء.
وبينما يعد إنهاء الدعم أمراً طبيعياً في دورة حياة أي نظام تشغيل، فإن ردود الفعل هذه المرة مختلفة. فالانتقادات لا توجه للقرار نفسه بقدر ما توجه لطريقة فرض الانتقال إلى ويندوز 11، والمتطلبات التقنية الصارمة التي تجعل العديد من أجهزة الكمبيوتر غير متوافقة مع النظام الجديد. هذا الأمر أثار تساؤلات حول ممارسات التقادم المخطط والمسؤولية البيئية للشركات التكنولوجية الكبرى.
أسباب انتهاء دعم ويندوز 10
أعلنت مايكروسوفت في عام 2021 أن ويندوز 10 سيصل إلى نهاية الدعم في أكتوبر 2025، مع كون الإصدار 22H2 هو الإصدار الأخير. وتركز الشركة حالياً على تطوير وتحسين ويندوز 11، والذي تعتبره الجيل القادم من أنظمة التشغيل الخاصة بها.
وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي 40% من مستخدمي ويندوز حول العالم ما زالوا يستخدمون ويندوز 10 حتى سبتمبر 2023، على الرغم من إطلاق ويندوز 11 في عام 2021. تعتبر مايكروسوفت أن الاستمرار في دعم إصدار قديم يستهلك موارد كبيرة يمكن توجيهها نحو تطوير ميزات جديدة وتحسينات أمنية في ويندوز 11.
تقدم مايكروسوفت برنامج “تحديثات الأمان الموسعة” (ESU) كحل مؤقت للمستخدمين الذين لا يستطيعون أو لا يرغبون في الترقية إلى ويندوز 11. لكن هذا البرنامج يقتصر على توفير التحديثات الأمنية الحرجة، ولا يشمل ميزات جديدة أو إصلاحات للأخطاء الشائعة، كما أنه يتطلب تكلفة إضافية.
متطلبات ويندوز 11 الصارمة والجدل الدائر حولها
أحد أبرز أسباب الجدل هو أن ويندوز 11 يفرض متطلبات تقنية صارمة تتجاوز تلك المطلوبة في الإصدارات السابقة. تتضمن هذه المتطلبات دعم ميزة “الإقلاع الآمن” (Secure Boot) والجيل الثاني من “وحدة المنصة الموثوقة” (TPM 2.0).
ونتيجة لهذه المتطلبات، فإن العديد من أجهزة الكمبيوتر القديمة – حتى تلك التي لا تزال تعمل بكفاءة – غير قادرة على تشغيل ويندوز 11. يدعي خبراء الأمن أن هذه المتطلبات تهدف إلى تحسين الحماية ضد الهجمات الإلكترونية، ولكن منتقدي مايكروسوفت يرون أنها وسيلة لفرض التقادم المخطط وبيع أجهزة جديدة.
نجح بعض المستخدمين في تجاوز هذه المتطلبات وتشغيل ويندوز 11 على أجهزة غير مدعومة، لكن هذا الحل قد يعرضهم لمخاطر أمنية أو مشاكل في الأداء.
تداعيات بيئية واقتصادية محتملة
يخشى المراقبون من أن إنهاء دعم ويندوز 10 قد يؤدي إلى زيادة هائلة في النفايات الإلكترونية. تشير تقديرات شركة “كاناليس” إلى أن حوالي 240 مليون جهاز كمبيوتر قد يصبح عرضة للاستبدال بسبب عدم التوافق مع ويندوز 11.
وتعتبر النفايات الإلكترونية مشكلة بيئية خطيرة، لأنها تحتوي على مواد سامة يمكن أن تلوث التربة والمياه. تتطلب إعادة تدوير هذه النفايات طاقة كبيرة ومرافق متخصصة، وغالباً ما ينتهي بها المطاف في مكبات النفايات في البلدان النامية.
إضافة إلى ذلك، فإن استبدال أجهزة الكمبيوتر يمثل عبئاً مالياً كبيراً على المستهلكين والشركات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. ويرى البعض أن مايكروسوفت تتجاهل هذه التداعيات السلبية وتفضل مصلحتها التجارية على حساب البيئة والمستهلكين.
مشاكل ويندوز 11 المتعلقة بالخصوصية
يعرض ويندوز 11 أيضاً بعض المشاكل المتعلقة بالخصوصية، حيث يجمع البيانات التشخيصية بكميات كبيرة ويرسلها إلى خوادم مايكروسوفت.
كما أن بعض الميزات الجديدة، مثل تطبيق “مايكروسوفت فوتوز”، تثير مخاوف بشأن الوصول إلى البيانات الشخصية واستخدامها لأغراض تسويقية. يتهم المستخدمون مايكروسوفت بعدم الشفافية الكافية بشأن كيفية جمع البيانات واستخدامها.
بالإضافة إلى ذلك يفرض ويندوز 11 استخدام خدمات الشركة السحابية بشكل مكثف، خاصةً من خلال دمج أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “كوبايلوت” في واجهة النظام، مما يثير تساؤلات حول سيطرة مايكروسوفت على تجربة المستخدم.
في الختام، فإن نهاية دعم ويندوز 10 تمثل نقطة تحول مهمة في صناعة التكنولوجيا. من المتوقع أن تستمر المناقشات حول المتطلبات التقنية لويندوز 11 وتأثيرها على البيئة والمستهلكين. يبقى أن نرى ما إذا كانت مايكروسوفت ستستجيب لهذه الانتقادات وتعدل سياستها، أو ما إذا كانت ستصر على مسارها الحالي. سيراقب المستخدمون عن كثب التطورات القادمة، خاصةً فيما يتعلق بتوفر خيارات بديلة لتشغيل ويندوز 11 على أجهزة غير مدعومة، وجهود الشركة لتحسين الحماية الأمنية والخصوصية في نظام التشغيل الجديد.





