Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

كيف تحوّلت المكسيك إلى أكبر رابح من الحرب التجارية؟

عندما فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة في بداية العام، سادت مخاوف كبيرة بشأن مستقبل الاقتصاد المكسيكي المعتمد على التصدير. ومع ذلك، اتضح أن المكسيك هي المستفيد الأكبر من هذه الحمائية الأمريكية، حيث شهدت صادراتها إلى الولايات المتحدة قفزة غير متوقعة، مما أدى إلى تحقيق مستويات قياسية في التجارة بين البلدين. هذا التحول يعيد تشكيل سلاسل الإمداد ويبرز حدود فعالية الرسوم الجمركية كأداة لإعادة توطين الإنتاج، ويؤكد على أهمية **الاقتصاد المكسيكي** في المنظومة الصناعية لأمريكا الشمالية.

أظهرت البيانات أن الفارق الكبير في مستويات الرسوم بين المكسيك وشركاء تجاريين آخرين، وعلى رأسهم الصين، قد أدى إلى إعادة توجيه واسعة النطاق للإنتاج. هذا التغيير لم يكن مجرد استجابة للرسوم، بل أيضًا نتيجة للقرب الجغرافي للمكسيك من الولايات المتحدة، وتكاليف الإنتاج التنافسية، واستمرار العمل باتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية.

تجارة قياسية رغم الرسوم والمخاوف

تشير التقارير إلى أن حجم التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك يتجه نحو تسجيل رقم قياسي يبلغ حوالي 900 مليار دولار هذا العام. هذا الرقم يتناقض بشكل صارخ مع التوقعات السابقة التي أشارت إلى انكماش حاد في التجارة بسبب الرسوم الجمركية الجديدة. وقد ارتفعت الصادرات الصناعية المكسيكية إلى الولايات المتحدة بنسبة تقدر بـ 9% خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

على الرغم من انخفاض صادرات قطاع السيارات بنسبة 6%، إلا أن صادرات بقية السلع الصناعية شهدت نموًا ملحوظًا بنسبة 17%. يعكس هذا النمو قدرة القاعدة الإنتاجية المكسيكية على التكيف مع الظروف المتغيرة والاستفادة من الفرص الجديدة. ويتوقع البنك المركزي المكسيكي الآن نموًا للاقتصاد بنسبة 0.3% في عام 2025، وهو معدل متفائل مقارنة بتوقعات الانكماش السابقة.

فارق الرسوم يعيد توجيه الإنتاج بعيدًا عن الصين

تُظهر أرقام نموذج ميزانية جامعة بنسلفانيا/وارتون أن معدل الرسوم الفعلي المفروض على المكسيك يبلغ 4.7% فقط، في حين يصل إلى 37.1% على الصين. هذا التفاوت الكبير دفع العديد من الشركات إلى نقل عملياتها الإنتاجية إلى المكسيك بهدف الوصول إلى السوق الأمريكية بتكاليف أقل. وقد ساهم القرب الجغرافي للمكسيك في خفض تكاليف النقل، خاصة في قطاعات مثل صناعة السيارات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن غالبية الصادرات المكسيكية لا تزال معفاة من الرسوم الجمركية بموجب اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية. هذا الإعفاء الجمركي المستمر يمثل صمام أمان للاقتصاد المكسيكي ويشجع على المزيد من الاستثمارات والتوسع في الإنتاج. وقد أصبحت المكسيك منذ عام 2023 أكبر مورد للسلع إلى الولايات المتحدة وأكبر مشترٍ منها.

السياسات المكسيكية الداعمة

سياسياً، اتخذت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم خطوات استباقية لاحتواء الضغوط الأمريكية. وشملت هذه الخطوات تشديد الرقابة على الحدود لمكافحة تهريب المخدرات، وتسليم المطلوبين للعدالة، وفرض رسوم على بعض الواردات الصينية. تهدف هذه الإجراءات إلى تهدئة المخاوف الأمريكية وإظهار التزام المكسيك بالتعاون في قضايا التجارة والأمن.

ويرى جيميسون غرير، الممثل التجاري الأمريكي، أن المكسيك تلعب دورًا محوريًا في تعزيز مرونة سلاسل الإمداد الأمريكية. ويؤكد على أن المكسيك استحوذت على حصة كبيرة من العجز التجاري الأمريكي مع الصين، مما يدل على قدرتها على تلبية الطلب الأمريكي المتزايد.

تعتبر **العلاقات التجارية** بين الولايات المتحدة والمكسيك الآن أكثر ترابطًا من أي وقت مضى. هذا الترابط يعزز النمو الاقتصادي في كلا البلدين ويخلق فرصًا جديدة للشركات والمستثمرين. كما أن **الاستثمار الأجنبي المباشر** في المكسيك قد شهد زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، مما يعكس الثقة في مستقبل الاقتصاد المكسيكي.

ومع ذلك، لا يزال هناك بعض المخاطر والتحديات التي تواجه **التجارة الدولية** بين البلدين. تشمل هذه المخاطر التقلبات السياسية والاقتصادية، والتغيرات في السياسات التجارية، والاضطرابات في سلاسل الإمداد.

من المتوقع أن تستمر المناقشات حول اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في عام 2026، حيث سيتم تقييم أداء الاتفاقية وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين. سيكون من المهم مراقبة هذه المناقشات عن كثب، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على مستقبل التجارة والاستثمار بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا. كما يجب متابعة التطورات السياسية في كلا البلدين، حيث يمكن أن تؤثر على السياسات التجارية والعلاقات الثنائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى