لبنان وقبرص يوقعان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينهما

أعلنت الرئاسة اللبنانية اليوم الأربعاء توقيع اتفاقية لـترسيم الحدود البحرية مع جمهورية قبرص، في خطوة تهدف إلى تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة لكل دولة في البحر المتوسط، وفتح الباب أمام استكشافات مستقبلية محتملة لموارد الطاقة.
وقع الاتفاق في بيروت بحضور الرئيس اللبناني والوفد القبرصي برئاسة الرئيس نيكوس خريستودوليدس. وتأتي هذه الخطوة بعد مفاوضات مطولة بين البلدين، بهدف حل نزاع قديم حول المناطق البحرية المشتركة، وتهيئة الظروف لاستغلال الموارد الطبيعية.
أهمية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص
تعتبر هذه الاتفاقية ذات أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة للبنان. فمن خلال تحديد الحدود البحرية بشكل واضح، يتسنى للبنان التقدم نحو استكشاف النفط والغاز في مياهه الإقليمية، وهو ما قد يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تعزز الاتفاقية العلاقات الثنائية بين لبنان وقبرص، وتؤسس لتعاون أوسع في مجالات الطاقة والأمن الإقليمي.
أكد الرئيس القبرصي أن الاتفاقية تحمل رسالة سياسية قوية تعبر عن التعاون الإقليمي والالتزام بالاستقرار في منطقة البحر المتوسط. وشدد على أن الاتفاقية تفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، بما في ذلك مشاريع مشتركة في مجال الطاقة والبحث العلمي.
الخلفية التاريخية للمفاوضات
بدأت المفاوضات بين لبنان وقبرص لترسيم الحدود البحرية في عام 2018، لكنها توقفت عدة مرات بسبب الخلافات حول بعض النقاط الفنية والقانونية. ومع ذلك، استأنف الجانبان المفاوضات في الأشهر الأخيرة، بدعم من الولايات المتحدة، مما أدى إلى التوصل إلى الاتفاق النهائي.
ويأتي هذا الاتفاق في سياق جهود إقليمية أوسع لتعزيز التعاون في مجال الطاقة، وتخفيف التوترات في البحر المتوسط. وقد وقعت قبرص بالفعل اتفاقيات مماثلة مع مصر وإسرائيل، مما يعكس رغبتها في أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة.
تأثيرات محتملة على استكشاف الطاقة
من المتوقع أن تفتح اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الباب أمام شركات النفط والغاز الدولية للمشاركة في عمليات الاستكشاف في المياه اللبنانية. وقد أبدت عدة شركات اهتمامًا بالاستثمار في قطاع الطاقة اللبناني، بما في ذلك “توتال إنرجيز” الفرنسية و”إيني” الإيطالية.
ولكن، يواجه لبنان تحديات كبيرة في تطوير قطاع الطاقة، بما في ذلك نقص البنية التحتية، والبيروقراطية، وعدم الاستقرار السياسي. ومع ذلك، فإن توقيع هذه الاتفاقية يمثل خطوة مهمة نحو التغلب على هذه التحديات، وجذب الاستثمارات اللازمة لتطوير الموارد الطبيعية.
تعتبر الاستثمارات في قطاع الطاقة فرصة لتحقيق التنويع الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على القطاعات الأخرى التي تعاني من الركود. كما يمكن أن تساهم في توفير فرص عمل جديدة، وتعزيز الإيرادات الحكومية، وبالتالي تحسين مستوى معيشة المواطنين.
الخطوات التالية والتحديات المستقبلية
بعد توقيع الاتفاقية، يجب على لبنان إيداعها لدى الأمم المتحدة، للحصول على اعتراف دولي بها. والخطوة التالية هي إصدار تراخيص الاستكشاف لشركات النفط والغاز، ووضع خطة شاملة لتطوير قطاع الطاقة. من المتوقع أن يستغرق الأمر عدة سنوات قبل أن يتمكن لبنان من البدء في إنتاج النفط والغاز.
بينما تمثل هذه الاتفاقية إنجازًا كبيرًا، لا تزال هناك بعض التحديات التي يجب على لبنان التغلب عليها. من بين هذه التحديات، الحاجة إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في قطاع الطاقة، والتأكد من أن الاستكشاف والاستغلال يتمان بطريقة مسؤولة بيئيًا. بالإضافة إلى ذلك، يجب على لبنان الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع الأطراف المعنية في المنطقة، لضمان الاستقرار والأمن في البحر المتوسط.
جدول زمني دقيق لبدء عمليات التنقيب غير واضح بعد، ويعتمد على عوامل متعددة منها الحصول على الموافقات اللازمة ونتائج الدراسات البيئية. يراقب المراقبون عن كثب التطورات السياسية والاقتصادية في لبنان التي قد تؤثر على تنفيذ الاتفاقية.





