إسرائيل تلمح لهجوم محدود وجهود دولية لمنع التصعيد الواسع

تفاعل مشهد التوتر بين إسرائيل وحزب الله على نحو واسع، ففيما يكثّف المجتمع الدولي جهوده لمنع وقوع تصعيد واسع في المنطقة، شدّدت تل أبيب على أنها تريد إيذاء حزب الله، دون جر المنطقة لحرب شاملة. وبينما أسفر قصف إسرائيلي على جنوبي لبنان عن سقوط قتيل و4 جرحى، استهدف الحزب تموضعاً لجنود إسرائيليين في موقع الراهب بالصواريخ الموجهة.
وقال مسؤولان إسرائيليان، أمس، إن إسرائيل تريد إلحاق أذى بحزب الله، لكنها لا تريد جر الشرق الأوسط إلى حرب شاملة. وذكر مسؤولان إسرائيليان آخران، أن إسرائيل تستعد لاحتمال اندلاع قتال يستمر لبضعة أيام.
وتحدث المسؤولون الأربعة، ومن بينهم مسؤول دفاعي كبير ومصدر دبلوماسي، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، ولم يقدما مزيداً من المعلومات عن خطط إسرائيل للرد. وقال المصدر الدبلوماسي: «التقدير هو أن الرد لن يؤدي إلى حرب شاملة، لن يكون ذلك في مصلحتنا في هذه المرحلة».
وفيما فوّض مجلس الوزراء الإسرائيلي، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف جالانت، لاتخاذ قرار بشأن طريقة الرد على حزب الله وتوقيته، توعد نتنياهو، أمس، في موقع الضربة الصاروخية في بلدة مجدل شمس في الجولان، قائلاً: «ردنا سيأتي، وسيكون قاسياً».
وأضاف نتنياهو خلال تقديمه التعازي: «هؤلاء الأطفال هم أطفالنا.. لن تدع دولة إسرائيل هذا يمر، ولا يمكنها ذلك.. ردنا سيأتي، وسيكون قاسياً».
كما هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أمس، برد قوي ضد حزب الله، بعد الضربة الصاروخية في الجولان.
وقال غالانت في لقاء مع عائلات قتلى ضربة مجدل شمس: «سيدفع حزب الله ثمن ذلك.. أفعالنا ستتكلم». وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي: «سنبذل قصارى جهدنا لاستعادة الأمن، والسماح للحياة بالاستمرار كما ينبغي».
جهود دولية
وكثّف المجتمع الدولي جهوده، أمس، لمنع تحول القصف المتبادل على الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى نزاع واسع النطاق. وقال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، إن عدة دول، من بينها فرنسا والولايات المتحدة، تحاول احتواء مخاطر التصعيد، مضيفاً:
«تلقينا تطمينات بأن إسرائيل سوف تصعّد، وسيكون تصعيدها محدوداً، وحزب الله سوف يرد، وسيكون رده محدوداً». وأشار رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، إلى أن الاتصالات مستمرة في أكثر من اتجاه دولي وأوروبي وعربي، لحماية لبنان ودرء الأخطار عنه.
وأجرى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، اتصالاً هاتفياً مع رئيس إسرائيل، إسحق هرتسوغ، أمس، لبحث الهجوم الصاروخي الذي وقع على هضبة الجولان، مشدداً على أهمية تجنب تصعيد الصراع.
كما قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، عقب اتصال هاتفي مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، إن بريطانيا ترحب بدعوة حكومة لبنان لوقف كل أشكال العنف، وأن توسيع الصراع في المنطقة ليس في مصلحة أحد.
قلق عربي
وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أمس، عن قلقه إزاء احتمالات توسع دائرة المواجهة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله، بما يزيد على نطاقها الحالي، ويجر الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية. وأكد أبو الغيط على التضامن الكامل مع الدولة اللبنانية، وشجبه للتهديدات الإسرائيلية للبنان، مشدداً على أن أي تصعيد محتمل، سيشكل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة برمتها.
بدوره، قال وزير الخارجية القبرصي، إن بلاده مستعدة للمساعدة في إجلاء مدنيين من الشرق الأوسط، حال تصاعد المواجهة بين إسرائيل وحزب الله. وأشار وزير الخارجية، كونستانتينوس كومبوس، للصحافيين، إلى أن السلطات القبرصية لديها آلية استجابة طارئة للإجلاء المحتمل لمدنيين منذ أكتوبر الماضي، مضيفاً:
«لقد حددنا الطريقة التي سيعمل بها البرنامج، إذا لزم الأمر، نأمل جميعاً ألا يكون ذلك ضرورياً، لكن إن لم يحدث ذلك، ستواصل قبرص العمل كجسر أمان لتسهيل رحيل المدنيين من أي بقعة محاصرة في منطقتنا».
دعوات مغادرة
في الأثناء، نصحت أمريكا مواطنيها بمغادرة لبنان قبل بدء أي أزمة، فيما دعت ألمانيا مواطنيها إلى مغادرة الدولة الشرق أوسطية بشكل عاجل، بسبب التوترات المتزايدة بين إسرائيل وحزب الله. ونصحت السفارة الأمريكية في بيروت مواطنيها بمغادرة لبنان قبل بدء أي أزمة، وفقاً لمنشور على حساب السفارة في منصة إكس.
وجاء في رسالة من مساعدة وزير الخارجية للشؤون القنصلية، رينا بيتر، نشر على «إكس»: «تذكير للمواطنين الأمريكيين في لبنان، بالتسجيل في برنامج STEP، وتوصيات الاستعداد الأخرى للحفاظ على سلامتكم وسلامة أحبائكم».
من جهتها، دعت ألمانيا مواطنيها إلى مغادرة لبنان بشكل عاجل، خوفاً من التعرض للأذى، وحثت جميع الأطراف على منع التصعيد. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية، أمس: «ننصح الرعايا الألمان بمغادرة لبنان بشكل عاجل».
تأجيل رحلات
على صعيد متصل، أعلنت خطوط طيران عدة، أمس، تعليق أو تأجيل رحلاتها إلى بيروت، وسط حالة إرباك وقلق سادت بين المسافرين داخل المطار الوحيد في البلاد، على وقع ازدياد مخاوف التصعيد.
وألغت المجموعة الألمانية لوفتهانزا، التي تضم يورو وينغز وسويس، رحلاتها إلى العاصمة اللبنانية حتى 5 أغسطس، بسبب التطورات الحالية في الشرق الأوسط، كما أعلن ناطق باسم الشركة. وعلقت شركتا إير فرانس، وترانسافيا، رحلاتهما إلى بيروت الاثنين والثلاثاء، بسبب الوضع الأمني في البلاد، على ما أعلن ناطق باسم مجموعة إير فرانس-كاي إل إم، أمس.
وقال الناطق إنه بسبب الوضع الأمني في الوجهة، تم تعليق الرحلات بين باريس-شارل ديغول وبيروت ليومي 29 و30 يوليو، وينطبق هذا القرار أيضاً على ترانسافيا فرنسا. وسيتم إبلاغ الركاب المعنيين، وفق المصدر ذاته، فردياً، وسيتم تقديم حلول لتغيير الحجوزات أو استرداد الأموال.
وأربك إرجاء وإلغاء الرحلات، الحركة في مطار بيروت، حيث ضاقت قاعات الانتظار بمسافرين تأخرت رحلاتهم، أو جرى إلغاؤها. وشاهد مصورون، عائلات تتوزع مع أطفالها على المقاعد القليلة الموجودة، وسط ارتفاع درجات الحرارة، وتوقف التكييف. وتكدست الحقائب فوق بعضها البعض.
قصف متبادل
ميدانياً، أفادت وسائل إعلام لبنانية، أمس، بسقوط قتيل وأربعة جرحى، بقصف إسرائيلي استهدف سيارة ودراجة نارية في جنوبي لبنان. ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، استهدفت مسيرة معادية سيارة بين ميس الجبل وشقرا على طريق القلعة، وأسفرت عن جريحين.
وأعلن حزب الله في بيانين منفصلين، أن عناصره استهدفوا بعد ظهر أمس، تموضعاً لجنود إسرائيليين في موقع الراهب بالصواريخ الموجهة، ومنظومة فنية تجسسية في موقع المالكية الإسرائيلي بالأسلحة المناسبة. وقال حزب الله، إن القصف جاء رداً على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه الإسرائيليون في بلدة شقرا.