لوموند: في الفاشر شاهدت عائشة شنق شقيقها وقتل زوجها واغتصاب ابنتها

كشف تحقيق حديث تفاصيل مروعة حول الأحداث التي شهدتها مدينة الفاشر في السودان، حيث ارتكبت جرائم حرب واسعة النطاق عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول. وتضمنت هذه الجرائم القتل خارج نطاق القانون، والاغتصاب، والتعذيب، والإعدام الميداني، بالإضافة إلى محاولات لطمس الأدلة من خلال حفر مقابر جماعية وحرق الجثث، مما يثير مخاوف جدية بشأن الوضع الإنساني وحقوق الإنسان في المنطقة.
وتأتي هذه التفاصيل المروعة في أعقاب شهادات من ناجين تمكنوا من الوصول إلى مدينة الدبة شمال البلاد، حيث رووا قصصًا مأساوية عن العنف الممنهج الذي استهدف المدنيين. وتشير هذه الشهادات إلى أن قوات الدعم السريع تعاملت بوحشية مع سكان الفاشر، مما أدى إلى كارثة إنسانية تتطلب تحقيقًا دوليًا عاجلاً.
جرائم حرب في الفاشر: شهادات الناجين تكشف فظائع
وتشير التقارير إلى أن قوات الدعم السريع فرضت حصارًا خانقًا على الفاشر لأكثر من 550 يومًا، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية. وتعتبر سيطرة القوات على المدينة في 26 أكتوبر نقطة تحول خطيرة، حيث انقطع الاتصال تمامًا، واندلعت أعمال عنف واسعة النطاق.
حاول آلاف المدنيين الفرار من الفاشر، لكنهم واجهوا صعوبات جمة بسبب سد الطرق بالجثث والمباني المدمرة. وقد فقد العديد منهم أفراد عائلاتهم، وتعرضوا لأعمال عنف وحشية. وتؤكد الشهادات أن القوات استهدفت بشكل خاص الرجال دون سن الأربعين، واعتبرتهم مقاتلين محتملين، بالإضافة إلى المدنيين الذين يُشتبه في دعمهم للجيش السوداني.
الفظائع المرتكبة
تضمنت الفظائع الموثقة القتل من مسافة صفر، والاغتصاب الجماعي، والاختطاف، والتعذيب، والإعدام الميداني. كما اتهمت القوات بحفر مقابر جماعية وحرق الجثث في محاولة لطمس الأدلة وإخفاء حجم المجزرة. وقد وثقت المنظمات الإنسانية عشرات الحالات من الاعتداء الجنسي، بما في ذلك شهادات مروعة عن اغتصاب فتيات قاصرات بعد قتل أهاليهن.
وتشير الروايات إلى أن النساء والأطفال كانوا الأكثر تضررًا من العنف. وقد فقد العديد من الأطفال ذويهم، وتعرضوا لصدمات نفسية عميقة. كما تعرضت النساء لاعتداءات جنسية شنيعة، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
تداعيات الأزمة والوضع الإنساني في الفاشر
أدى الحصار والعنف إلى انهيار الخدمات الأساسية في الفاشر، بما في ذلك المستشفيات والمدارس. وقد اضطر العديد من الأطباء والممرضين إلى مغادرة المدينة، مما أدى إلى نقص حاد في الرعاية الصحية. وتواجه المنظمات الإنسانية صعوبات كبيرة في الوصول إلى المحتاجين وتقديم المساعدة اللازمة.
ويؤكد والي دارفور، مني أركو مناوي، أن ما حدث في الفاشر يمثل إبادة جماعية، وأن القوات ارتكبت جرائم حرب فظيعة بدعم أجنبي وصمت دولي. ويطالب بفتح تحقيق دولي عاجل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
وتشير التقديرات إلى أن ما بين 170 ألفًا و260 ألف مدني عالقون داخل الفاشر، ويعانون من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء. ويواجهون خطرًا محدقًا بسبب استمرار العنف وتدهور الأوضاع الإنسانية. كما أن هناك تقارير عن اعتقال آلاف الرجال وتهديدهم بالقتل أو التعذيب.
المجتمع الدولي والمسؤولية
أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا يدعو إلى رفع الحصار عن الفاشر، لكن القرار لم يُنفذ بعد. ويثير هذا الأمر تساؤلات حول جدية المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة وحماية المدنيين. ويخشى السكان من أن القوات تسعى إلى طمس الأدلة من خلال حفر المقابر وإخفاء الجثث، مما يعيق جهود التحقيق والمحاسبة.
وتشير التقارير إلى أن القوات تجبر بعض الأسر على العودة إلى الفاشر لإظهار صور توزيع المساعدات الإنسانية أمام الكاميرات، في محاولة لخداع الرأي العام وتغطية على الفظائع التي ارتكبت. ويؤكد الناجون أنهم يشعرون بالتخلي من قبل العالم، وأنهم يواجهون مصيرًا مجهولًا.
من المتوقع أن يستمر الوضع الإنساني في الفاشر في التدهور إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لرفع الحصار وتوفير الحماية للمدنيين. ويجب على المجتمع الدولي الضغط على جميع الأطراف المتحاربة لإنهاء العنف واحترام حقوق الإنسان. كما يجب على الأمم المتحدة إرسال بعثة تحقيق مستقلة لجمع الأدلة ومحاسبة المسؤولين عن جرائم حرب. وستظل الأوضاع في الفاشر محورًا للقلق الدولي في الأسابيع والأشهر القادمة.




