Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي

ماذا كان يقلق الشرع وإدارة العمليات العسكرية قبل بدء عملية ردع العدوان؟

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لانتهاء الحرب الأهلية السورية وتحول البلاد إلى مرحلة جديدة، تتزايد الإهتمامات حول تفاصيل معركة “ردع العدوان” التي شهدت تغييرًا جذريًا في السلطة. هذه المعركة، التي بدأت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد وتولي أحمد الشرع رئاسة البلاد. وتكشف التسريبات عن تركيز كبير من القيادة الجديدة على منع أعمال الانتقام وتأمين الاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب.

تعدّ معركة “ردع العدوان” نقطة تحول تاريخية في سوريا، حيث مثلت نهاية حقبة طويلة من الصراع والعنف. وقد شاركت فيها فصائل معارضة متعددة، وتحركت بسرعة لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية. الآن، بعد مرور عام تقريبًا، تتجه الأنظار نحو التحديات التي واجهت القادة الجدد في بناء دولة تحكمها سيادة القانون والمساواة.

أولوية منع الانتقام في معركة “ردع العدوان”

يُظهر حديث للعميد أحمد رزق، قائد الفرقة 80 في الجيش السوري الحالي، الدور المحوري الذي لعبه الرئيس أحمد الشرع في توجيه مسار المعركة نحو الاستقرار والتسامح. وفقًا لرواية رزق، كان الشرع، الذي كان حينها قائد إدارة العمليات العسكرية، يشعر بقلق بالغ إزاء خطر الانزلاق إلى دورة من الانتقام وسفك الدماء بعد تحرير المناطق من قبضة النظام السابق.

شدد الشرع خلال اجتماعاته مع قادة العمليات العسكرية على ضرورة استبدال القتل والعنف بروح التسامح والمصالحة. وأكد على أهمية عدم السماح بتصفية الحسابات أو الثأر الشخصي، مشددًا على معاملة جميع المواطنين، بمن فيهم المؤيدون للنظام السابق، باحترام وعدالة.

توجيهات للوحدات الميدانية والمبادرات المجتمعية

قبل شهر واحد من بدء معركة “ردع العدوان”، دعا الرئيس الشرع، من خلال العميد رزق، إلى اجتماع مع وجهاء مناطق الريف الغربي. أوضح خلال الاجتماع أن التحضيرات للمعركة جارية، لكن النصر الحقيقي لا يكمن في مجرد الإطاحة بالنظام السابق، بل في بناء مستقبل أفضل لجميع السوريين، مبني على العفو والتسامح.

وتم التأكيد خلال الاجتماع على أن الخلافات السياسية والشخصية لا يمكن أن تكون مبررًا للانتقام، وأن الهدف الأساسي هو تحقيق الاستقرار والازدهار لجميع المواطنين. هذه المبادرة تعكس رؤية القيادة الجديدة لأهمية المصالحة الوطنية في بناء سوريا الجديدة.

وبفضل الالتزام بتعليمات الرئيس الشرع، سارت العمليات العسكرية بشكل عام بانضباط عالٍ، مع تسجيل عدد قليل جدًا من حالات الانتقام. وقد ساهم هذا الانضباط في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، ومهد الطريق لعملية إعادة الإعمار والتنمية.

لم يقتصر تركيز الشرع على الجانب العسكري فحسب، بل أطلق أيضًا تصريحات علنية تؤكد على رفضه لأي شكل من أشكال الثأر. فقد أكد مرارًا وتكرارًا أن المعركة يجب أن تكون فرصة لبناء مستقبل أفضل لجميع السوريين، وليس مجرد تكرار أخطاء الماضي.

وفي مشهد مؤثر، ظهر الرئيس الشرع في مدينة حماة بعد تحريرها، قائلًا: “أسأل الله أن يكون فتحًا لا ثأر فيه بل كله رحمة ومودة”. هذا التصريح يعكس التزامه العميق بقيم التسامح والمصالحة، ورغبته في بناء سوريا جديدة تقوم على هذه القيم.

كما أكد الشرع في لقاءات لاحقة مع صنّاع المحتوى أن عنوان المعركة كان “اللهم نصرا لا ثأر فيه”، مشددًا على أن العقلية الثأرية لا يمكن أن تبني دولة مستقرة ومزدهرة.

تحديات المرحلة القادمة والتركيز على الاستقرار

على الرغم من النجاح في منع أعمال الانتقام على نطاق واسع، لا تزال سوريا تواجه تحديات كبيرة في مرحلة ما بعد الحرب. وتشمل هذه التحديات إعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة الجديدة معالجة قضايا حقوق الإنسان، وضمان المساءلة عن الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب. ويتطلب ذلك جهودًا كبيرة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني.

من المتوقع أن تركز الحكومة السورية في الأشهر القادمة على وضع خطة شاملة لإعادة الإعمار والتنمية، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية وسياسية تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز الاستقرار السياسي. كما من المرجح أن تسعى الحكومة إلى تعزيز العلاقات مع الدول العربية والدولية، بهدف الحصول على الدعم اللازم لعملية إعادة الإعمار والتنمية.

ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من نقاط عدم اليقين التي قد تؤثر على مسار سوريا في المستقبل. وتشمل هذه النقاط تطور الوضع الأمني في المناطق الحدودية، وموقف القوى الإقليمية والدولية من الحكومة الجديدة، وقدرة الحكومة على تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.

سيراقب المراقبون عن كثب التقدم المحرز في تنفيذ خطة إعادة الإعمار والتنمية، والخطوات التي تتخذها الحكومة لمعالجة قضايا حقوق الإنسان، والجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى