مداهمات واعتقالات في عدة مناطق بالضفة

يشهد الضفة الغربية المحتلة تصعيداً إسرائيلياً واسع النطاق اليوم، 30 نوفمبر 2025، شمل عمليات دهم واعتقال، وإغلاقات، وحملات قمع في عدة محافظات، بالإضافة إلى اعتداءات من قبل مستوطنين. وتأتي هذه الأحداث في ظل توترات متزايدة وتعقيد الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، مما يزيد من المخاوف بشأن مستقبل الفلسطينيين وحقوقهم. وتُركز جهود المتابعة على فهم السياق الأوسع لهذه الاعتقالات في الضفة الغربية وتداعياتها المحتملة.
بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة دهم واسعة النطاق في محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، حيث احتجزت عشرات الشبان في بلدات الزاوية ومسحة وقراوة بني حسان. ووفقاً لمراسل الجزيرة، اقتحمت القوات منازل المواطنين، وفتشتها، وعرضت محتوياتها، مما أثار حالة من الذعر والقلق بين السكان المحليين. كما أدى إغلاق مدخل بلدة الزاوية بالسواتر الترابية إلى منع السكان من الدخول والخروج.
اقتحامات واعتقالات وتصعيد الأوضاع في الضفة الغربية
توسعت عمليات الاقتحام والاعتقال لتشمل مناطق أخرى في الضفة الغربية. فقد اقتحمت قوات الاحتلال قرية مسحة وداهمت عدداً من المنازل، مما أسفر عن اعتقالات إضافية. وذكرت مصادر محلية أن القوات أطلقت قنابل الغاز السام خلال عملية الاقتحام، لكن لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات حتى الآن.
في مدينة نابلس، اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية البلدة القديمة، وتحديداً حارة الياسمينة، حيث اعتقلت الشاب أسعد السمحان. ووفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، تجددت المداهمات اليومية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، بما في ذلك مخيم بلاطة في نابلس، والعديد من القرى والبلدات في بيت لحم وقلقيلية.
القدس المحتلة تشهد أيضاً اعتقالات
لم يستثن التصعيد القدس المحتلة، حيث اعتقلت قوات الاحتلال شاباً من حي الشيخ جراح بعد الاعتداء عليه. كما أغلقت القوات مداخل بلدة الرام شمال المدينة، ومنعت حركة الدخول والخروج منها بشكل كامل، وسط انتشار مكثف لجنود الاحتلال على الطرق الرئيسية. وتشير التقارير إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى فرض سيطرة إسرائيلية أكبر على المدينة المقدسة.
اعتداءات المستوطنين المتزايدة
إضافة إلى عمليات الاعتقال، شهدت الضفة الغربية اعتداءات متزايدة من قبل المستوطنين. وفقاً لمراسل الجزيرة، اعتدت مجموعة من المستوطنين بالضرب على متضامنين أجانب في قرية عين الديوك شمال أريحا. هذه الاعتداءات تثير قلقاً بالغاً بشأن سلامة المدنيين الفلسطينيين والمتضامنين الدوليين.
وفي بلدة سنجل شمال شرق رام الله، أقدم مستوطنون على إدخال جرار زراعي إلى أراضٍ فلسطينية في منطقة سهل المعرشية، وبدأوا بحراثتها، وهو ما اعتبره الأهالي مؤشراً واضحاً على نية الاستيلاء عليها. ويأتي هذا في ظل منع الاحتلال الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم في المنطقة منذ أكتوبر 2023.
“الضم الزاحف” كإستراتيجية إسرائيلية
يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد أن هذه العمليات المتصاعدة ليست منفصلة، بل تهدف إلى “زرع اليأس لدى الفلسطينيين وتقليص إمكانية استمرار حياتهم في مناطقهم”. وأضاف أن إسرائيل تتبع سياسات ممنهجة تشمل مصادرة الأراضي، واقتلاع أشجار الزيتون، وقتل المواشي، وتسميم آبار المياه، في محاولة لدفع السكان نحو مناطق أقل ضيقاً أو تهجيرهم قسراً. وتشير التحليلات إلى أن هذه الإجراءات جزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى السيطرة على الضفة وتقليص الوجود الفلسطيني فيها.
ويتفق مهند مصطفى، الباحث في الشأن الإسرائيلي، مع هذا الرأي، مؤكداً أن العملية العسكرية الحالية تأتي ضمن سياسة “التصعيد على مختلف الجبهات”. وأوضح أن إسرائيل تحاول من خلال هذا التصعيد إرضاء مكونات اليمين الاستيطاني داخل الائتلاف الحاكم، وتعزيز المشروع الاستيطاني. ويرى أن السردية الأمنية التي يروجها الجيش الإسرائيلي ليست السبب الحقيقي لهذه العمليات، بل تُستخدم كذريعة لعرقلة أي إمكانية لبناء كيان سياسي فلسطيني.
من المتوقع أن تستمر إسرائيل في ممارسة الضغوط على الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال الفترة القادمة، مع التركيز على عمليات الاعتقال والتدخل في حياة المواطنين. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه السياسات ستؤدي إلى تحقيق الأهداف الإسرائيلية المعلنة، أم أنها ستزيد من حدة التوتر وتؤدي إلى تصعيد إضافي للأوضاع. ستكون تطورات الأوضاع في غزة والمنطقة المحيطة حاسمة في تحديد مسار الأحداث في الضفة الغربية، ويجب مراقبة أي تغييرات في السياسات الإسرائيلية أو المواقف الدولية.





