مدير سجن ليبي يمثل أمام الجنائية الدولية بتهم التعذيب والقتل

مثل مدير سجن ليبي بارز، خالد محمد علي الهيشري، اليوم الأربعاء أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لمواجهة اتهامات خطيرة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. تشمل هذه الاتهامات القتل والتعذيب والاغتصاب، بالإضافة إلى انتهاكات واسعة النطاق لحقوق المعتقلين. هذه القضية تمثل تطوراً هاماً في جهود محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت في ليبيا، وخاصة تلك المتعلقة بالإعتقال التعسفي و انتهاكات حقوق الإنسان.
يواجه الهيشري، الذي كان يدير سجن معيتيقة سيئ السمعة بالقرب من طرابلس، ست تهم بجرائم حرب وست تهم أخرى بجرائم ضد الإنسانية. تتركز هذه التهم على الفترة بين فبراير/شباط 2015 وبداية عام 2020، حيث يُشتبه في تورطه المباشر في ممارسات وحشية ضد المعتقلين. تشمل هذه الممارسات التعذيب المنهجي، القتل خارج نطاق القانون، والعنف الجنسي.
تعذيب واعتداءات جنسية في سجون ليبيا
تشير مذكرة التوقيف الصادرة بحق الهيشري إلى أن ما لا يقل عن خمسة سجناء، من بينهم قاصر يبلغ من العمر 15 عامًا، تعرضوا للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي من قبل حراس السجن أو معتقلين آخرين. بالإضافة إلى ذلك، وثقت المذكرة حالات عنف جنسي تعرضت لها نساء محتجزات في سجن معيتيقة. هذه التفاصيل المروعة تلقي الضوء على الظروف المأساوية التي كان يعاني منها المعتقلون في ليبيا.
تفاصيل الاتهامات الموجهة للهيشري
أكدت المحكمة الجنائية الدولية وجود “أسباب معقولة” للاعتقاد بأن الهيشري ارتكب شخصيًا جريمة قتل بحق أحد السجناء داخل سجن معيتيقة. كما أشارت التحقيقات إلى أن أعدادًا كبيرة من المحتجزين لقوا حتفهم تحت مسؤوليته المباشرة نتيجة للتعذيب، أو الإهمال الطبي، أو التعرض لظروف قاسية كالبرد الشديد، أو سوء التغذية.
يُعد توجيه هذه الاتهامات خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة لضحايا الاضطهاد السياسي وسوء المعاملة في السجون الليبية. المحكمة الجنائية الدولية تواصل جمع الأدلة وتحليلها لتحديد مدى تورط الهيشري في هذه الجرائم.
وكان الهيشري قد أوقف في ألمانيا خلال الصيف الماضي، وتم نقله إلى مركز احتجاز تابع للمحكمة في لاهاي يوم الاثنين الماضي. هذا الإجراء يمثل تعاونًا دوليًا فعالاً في جهود محاسبة مرتكبي الجرائم الدولية.
وتأتي هذه التطورات في سياق الأزمة الليبية المستمرة، حيث لا تزال البلاد تعاني من حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011. هذا الوضع ساهم في انتشار الفوضى والإفلات من العقاب، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
من المهم الإشارة إلى أن هذه القضية تعتبر الأولى من نوعها التي تصل إلى مرحلة المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية في إطار التحقيقات المتعلقة بليبيا والتي بدأت في عام 2011. يتوقع أن يكون لهذه المحاكمة تأثير كبير على جهود مكافحة الإفلات من العقاب وتعزيز سيادة القانون في ليبيا.
من المقرر عقد جلسة إضافية قريبا للنظر في الأدلة المقدمة وتقييم الاتهامات بشكل معمق، تمهيداً لاحتمال بدء محاكمة الهيشري رسمياً. قد تستغرق عملية جمع الأدلة والتحقيق وقتاً طويلاً، لكنها ضرورية لضمان تحقيق العدالة الكاملة.
من بين الأمور التي يجب متابعتها عن كثب، هو مدى تعاون السلطات الليبية مع المحكمة الجنائية الدولية في هذه القضية، وكذلك ردود الفعل المحتملة من مختلف الأطراف السياسية والعسكرية في ليبيا. هذه القضية قد تثير جدلاً واسعاً وتؤدي إلى توترات إضافية في البلاد.





