مذكرة تفاهم ضريبية بين نيجيريا وفرنسا

وقّعت مصلحة الضرائب الفيدرالية النيجيرية وهيئة الضرائب الفرنسية مذكرة تفاهم في العاشر من ديسمبر لتعزيز الإدارة الرقمية للضرائب في نيجيريا. يهدف الاتفاق إلى تزويد نيجيريا بتقنيات متطورة، بما في ذلك التدقيق المدعوم بالذكاء الاصطناعي وأنظمة الامتثال الآلي، إلا أنه أثار تساؤلات حول تأثيره المحتمل على السيادة الاقتصادية للبلاد.
تأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه نيجيريا إلى تحسين كفاءة تحصيل الضرائب ومكافحة التهرب الضريبي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة. ووفقًا لمسؤولين حكوميين، فإن الاتفاق يمثل فرصة لتبادل الخبرات والمعرفة في مجال الضرائب الرقمية، مما سيساعد نيجيريا على تعزيز قدراتها في هذا المجال الحيوي.
الإدارة الرقمية للضرائب: دوافع واتفاقيات
تعتبر الإدارة الرقمية للضرائب ضرورة ملحة في عالم يتزايد فيه الاعتماد على المعاملات الإلكترونية والاقتصاد الرقمي. تسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى تطوير أنظمتها الضريبية لمواكبة هذه التطورات، وضمان تحصيل الضرائب بشكل عادل وفعال. وتشمل هذه الأنظمة استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لتحسين عمليات التدقيق والامتثال.
تعتبر مذكرة التفاهم بين نيجيريا وفرنسا جزءًا من سلسلة من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال الضرائب. فقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة في تبادل المعلومات والخبرات بين الدول، بهدف مكافحة التهرب الضريبي العابر للحدود وضمان عدالة النظام الضريبي العالمي. وتشمل هذه الجهود مبادرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشأن ضريبة الشركات الرقمية.
مخاوف بشأن السيادة الاقتصادية
على الرغم من الفوائد التقنية المحتملة، أثارت مذكرة التفاهم مخاوف بشأن السيادة الاقتصادية لنيجيريا. تنص الاتفاقية على مشاركة نيجيريا لبيانات اقتصادية مجمعة ومجهولة المصدر مع فرنسا، تتعلق بالشركات متعددة الجنسيات وتسعير التحويلات. ويرى بعض المحللين أن هذه البيانات قد تكشف عن معلومات حساسة حول الاقتصاد النيجيري، مما يمنح فرنسا نافذة على الأنشطة المالية للشركات العاملة في البلاد.
شدد المسؤولون النيجيريون على أن البيانات الشخصية لدافعي الضرائب لن تتم مشاركتها، وأن البيانات المجمعة لن تكشف عن معلومات سرية. ومع ذلك، يرى المنتقدون أن حتى البيانات المجمعة يمكن أن توفر رؤى قيمة حول الأنماط المالية والاقتصادية، مما قد يؤثر على قدرة نيجيريا على اتخاذ قرارات اقتصادية مستقلة. وتشمل المخاوف المحتملة تأثير ذلك على المفاوضات التجارية والاستثمارية.
فرنسا وإعادة التموضع في غرب أفريقيا
تأتي مذكرة التفاهم في سياق أوسع لإعادة التموضع الفرنسي في غرب أفريقيا. فمنذ عام 2022، قلصت فرنسا وجودها العسكري في منطقة الساحل، وأنهت عملياتها في مالي وبوركينا فاسو والنيجر. وقد أدى ذلك إلى تصاعد المشاعر المناهضة للوجود الفرنسي في بعض الدول، مما دفع باريس إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في المنطقة.
تركز فرنسا الآن على تعزيز الشراكات الثنائية في المجالات الاقتصادية والأمنية، وتقديم الدعم الاستخباراتي والتدريب للحكومات المحلية. ويعتبر التعاون في مجال الضرائب جزءًا من هذه الاستراتيجية الجديدة، حيث تسعى فرنسا إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة من خلال تقديم المساعدة التقنية والمالية. وقد تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتعزيز التعاون الأمني مع نيجيريا، استجابة لطلب الرئيس بولا تينوبو.
الخطوات التالية والتوقعات
من المتوقع أن تبدأ نيجيريا وفرنسا في تنفيذ مذكرة التفاهم في الأشهر القادمة، من خلال تبادل الخبرات والمعلومات وتدريب الموظفين. وستراقب الحكومة النيجيرية عن كثب تنفيذ الاتفاقية، لضمان حماية مصالحها الاقتصادية والسيادية. من المهم أيضًا مراقبة ردود فعل القطاع الخاص والمجتمع المدني، وتقييم تأثير الاتفاقية على الاقتصاد النيجيري على المدى الطويل.
يبقى من غير الواضح كيف ستؤثر هذه الشراكة على جهود نيجيريا المستمرة لتحسين نظامها الضريبي وزيادة الإيرادات الحكومية. ومع ذلك، فإن الاتفاقية تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الدولي في مجال الضرائب، وقد تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في نيجيريا. وستكون متابعة التطورات المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية وتقييم تأثيرها أمرًا بالغ الأهمية في المستقبل القريب.





