أعلنت وزارة النقل العراقية عن حدث تاريخي في مجال الطيران العراقي، حيث حطت طائرة تابعة لشركة “أيجة” اليونانية في مطار بغداد الدولي، لتصبح أول رحلة جوية تجارية أوروبية تصل إلى بغداد منذ 35 عامًا. يأتي هذا الإنجاز في إطار جهود الحكومة العراقية لتعزيز الانفتاح على العالم وتحسين قطاع النقل الجوي. وقد وصف المسؤولون هذه الخطوة بأنها علامة فارقة في استعادة العراق لمكانته الإقليمية والدولية في مجال السفر الجوي.
وقعت هذه الرحلة المباشرة بين أثينا وبغداد يوم الثلاثاء، الموافق 16 ديسمبر 2025، وتعد بمثابة عودة للعراق إلى خريطة الطيران الأوروبي بعد انقطاع طويل. وتبعث هذه الخطوة برسالة إيجابية حول الاستقرار والأمن المتزايدين في العراق، مما يشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز السياحة.
عودة الطيران الأوروبي إلى العراق: خطوة نحو التعافي
يمثل هبوط طائرة “أيجة” في بغداد نقطة تحول مهمة في قطاع الطيران العراقي، الذي تأثر بشكل كبير بالسنوات الماضية من الصراع وعدم الاستقرار. ووفقًا لبيان وزارة النقل، فقد توقفت شركات الطيران الأوروبية عن تسيير رحلات مباشرة إلى بغداد في أوائل التسعينيات. ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى تحسن ملحوظ في الأوضاع الأمنية والبنية التحتية في البلاد.
جهود تطوير المطارات العراقية
ركزت وزارة النقل على تهيئة المتطلبات التشغيلية والفنية والأمنية للمطارات العراقية، بما في ذلك مطار بغداد الدولي، لضمان توافقها مع المعايير الدولية المعتمدة في المطارات الأوروبية. وقد أشرف وزير النقل، رزاق محيبس السعداوي، بشكل شخصي على هذه الجهود، والتي تهدف إلى استعادة ثقة شركات الطيران العالمية في المطارات العراقية. وشملت التحسينات تحديث أنظمة الملاحة الجوية وتعزيز إجراءات الأمن والسلامة.
وأضاف المتحدث باسم وزارة النقل، ميثم الصافي، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن العراق يشهد استقرارًا “ملحوظًا” حاليًا، مما جعل من الممكن استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين أوروبا والعراق. وذكر أيضًا أن الشركة اليونانية بدأت بالفعل تسيير رحلات إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، قبل أشهر.
من المتوقع أن تسير شركة “أيجة” رحلتين أسبوعيًا على خط بغداد – أثينا – بغداد في البداية، مع إمكانية زيادة عدد الرحلات حسب الطلب. يعكس هذا التوسع التزام الشركة بتلبية احتياجات المسافرين وتعزيز الروابط التجارية والثقافية بين العراق واليونان. وتعد “أيجة” شركة طيران رائدة في اليونان، وتمتلك شبكة واسعة تغطي 162 وجهة حول العالم.
يعتبر هذا الحدث بمثابة دفعة قوية للاقتصاد العراقي، حيث سيساهم في زيادة حركة السياحة والاستثمار. بالإضافة إلى ذلك، فسوف يوفر للمواطنين العراقيين خيارات سفر أكثر ملاءمة وفعالية من حيث التكلفة إلى أوروبا. ويضيف هذا الانجاز بُعدًا جديدًا في مجال السفر الجوي، مما يعزز من مكانة العراق كمركز إقليمي محتمل.
تتطلع الحكومة العراقية إلى استقطاب المزيد من شركات الطيران الأوروبية في المستقبل القريب. وفي هذا السياق، يجري حاليًا التفاوض مع عدد من الشركات لتسيير رحلات مباشرة إلى بغداد والمدن العراقية الأخرى. وينصب التركيز أيضًا على تحسين البنية التحتية للمطارات الأخرى في العراق، مثل مطار البصرة الدولي، لجعلها قادرة على استقبال الرحلات الجوية الدولية. ويأتي هذا في إطار خطة شاملة لتطوير قطاع النقل في العراق.
في الختام، يمثل هبوط الطائرة الأوروبية في بغداد خطوة تاريخية ومشجعة. من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من التطورات في هذا المجال، بما في ذلك إعلان المزيد من شركات الطيران عن خططها لتسيير رحلات إلى العراق. ومع ذلك، لا يزال هناك بعض التحديات التي يجب معالجتها، مثل ضمان الأمن والاستقرار المستمر، وتطوير البنية التحتية بشكل كامل، لكي يتمكن العراق من تحقيق كامل إمكاناته كمركز إقليمي للطيران.
