«نزاهة»: قياس وتحليل الفساد وتقييم مخاطره آليات لا غنى عنها لتحديد وسائل مكافحته

أكدت الهيئة العامة لمكافحة الفساد الكويتية (نزاهة) أهمية قياس وتحليل الفساد وتقييم المخاطر المرتبطة به كخطوة أساسية في تطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة هذه الظاهرة. جاء التأكيد خلال مشاركة الكويت في المؤتمر العالمي الثاني الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة لمناقشة تسخير البيانات لتحسين قياس الفساد، وذلك في إطار التزامها بالجهود الوطنية والإقليمية والدولية في هذا المجال. ويشكل هذا المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات والمعرفة حول أحدث الأساليب والأدوات المستخدمة في رصد الفساد وتحليله.
يترأس وفد الكويت إلى المؤتمر، الذي انطلق مساء الثلاثاء ويستمر حتى الرابع من ديسمبر، المستشار نواف المهمل، نائب رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد. ويأتي المؤتمر في وقت يتزايد فيه الاهتمام العالمي بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة، خاصةً مع تداعيات هذه الظاهرة على التنمية المستدامة والاقتصاد العالمي.
أهمية قياس الفساد في الكويت والمنطقة
أوضحت نزاهة أن قياس الفساد ليس غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة أساسية لتحديد نقاط الضعف والثغرات في الأنظمة والإجراءات التي تسمح بانتشار الفساد. يساعد هذا القياس في توجيه الجهود والموارد نحو المجالات الأكثر تضرراً، وبالتالي تحقيق أقصى قدر من الفعالية في مكافحة الفساد.
دور الاستبيانات العالمية
تشارك الكويت بفاعلية في الاستبيان العالمي لقياس فعالية هيئات مكافحة الفساد، والذي سيتم استعراض نتائجه خلال المؤتمر. تعتبر هذه الاستبيانات أداة مهمة لتقييم أداء الهيئات المعنية بمكافحة الفساد وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تطوير وتعزيز.
بالإضافة إلى ذلك، تساهم المشاركة في هذه الاستبيانات في تعزيز الثقة في جهود الكويت لمكافحة الفساد على الصعيدين الإقليمي والدولي. وتظهر التزام البلاد بمعايير الشفافية والمساءلة التي تتبناها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
استضافة الفعالية الخليجية
استضافت الكويت في أغسطس الماضي فعالية سنوية للجنة الخبراء المعنية بمكافحة الفساد لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. ركزت الفعالية على “آليات قياس الفساد: التجارب الدولية والتطبيقات الوطنية”، مما يعكس إدراك الكويت لأهمية هذا الموضوع. يعكس هذا الاهتمام سعي الكويت لقيادة مبادرات إقليمية في مجال مكافحة الفساد.
وفقًا لبيانات نزاهة، فإن هذه الفعالية ساهمت في تبادل الخبرات بين الدول الخليجية في مجال قياس الفساد. كما تم خلالها مناقشة التحديات التي تواجه هذه الدول واقتراح الحلول المناسبة.
إن تطوير آليات قياس الفساد يعتبر خطوة حاسمة في تعزيز النزاهة والشفافية في القطاعين العام والخاص. ويهدف إلى خلق بيئة مواتية للاستثمار والتنمية المستدامة. ويرتبط هذا بشكل وثيق بمؤشرات الأداء الرئيسية للاقتصاد الوطني.
وحرصت الهيئة على التأكيد على أهمية التعاون الدولي والإقليمي في مجال مكافحة الفساد، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تتجاوز الحدود الوطنية وتتطلب تضافر الجهود لمواجهتها بفعالية. كما شددت على ضرورة تبادل المعلومات والخبرات بين الدول المعنية.
وفي سياق متصل، تنتظر الهيئة نتائج المؤتمر العالمي الثاني حول تسخير البيانات لتحسين قياس الفساد، والتي من المتوقع أن تقدم رؤى جديدة وأدوات مبتكرة لتعزيز جهودها في هذا المجال. وتهدف نزاهة إلى الاستفادة من هذه النتائج في تطوير استراتيجياتها وخططها الوطنية لمكافحة الفساد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الهيئة تدرس إمكانية تطوير أدوات قياس خاصة بها، تأخذ في الاعتبار الظروف والتحديات الخاصة بالكويت. ويأتي ذلك في إطار سعيها لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال قياس الفساد. ويعد هذا جزءًا من جهودها الأوسع لتعزيز الحكم الرشيد.
يرى خبراء في مجال مكافحة الفساد أن قياس الفساد يجب أن يكون شاملاً ومستداماً، وأن يعتمد على بيانات موثوقة ومنهجيات علمية. كما يجب أن يراعي السياق الثقافي والاجتماعي لكل دولة. ويعتبر استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي من الأدوات الواعدة في هذا المجال.
ومن الجدير بالذكر أن مكافحة الفساد تعتبر من الأولويات الرئيسية للحكومة الكويتية، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات والبرامج في هذا الصدد. كما قامت الحكومة بتعديل بعض القوانين والتشريعات لتعزيز الشفافية والمساءلة. ويتضمن ذلك قوانين حماية المبلغين عن الفساد.
ومن المتوقع أن تصدر نزاهة تقريرًا شاملاً حول نتائج المؤتمر العالمي الثاني والمبادرات الجديدة التي سيتم تبنيها في الكويت لمكافحة الفساد بحلول نهاية العام. وبالمثل، سيتم متابعة توصيات الفعالية الخليجية الأخيرة لضمان تطبيقها على أرض الواقع. تبقى فعالية هذه الجهود مشروطة بالاستمرار في تخصيص الموارد اللازمة وتطوير القدرات المؤسسية.





