ماذا وراء الحملة الإسرائيلية شمالي القدس؟

في تمام الساعة العاشرة من صباح اليوم الثلاثاء، شهدت مناطق مخيم قلنديا وحيي كفر عقب وسميرا ميس شمال مدينة القدس اقتحامًا واسع النطاق من قبل قوات الشرطة والجيش الإسرائيلي، بمشاركة عشر جهات حكومية مختلفة. استهدف هذا الاقتحام البنية التحتية والممتلكات الخاصة، مما أدى إلى حالة من الذعر والاضطراب بين السكان المحليين. وتأتي هذه الأحداث في سياق متصاعد من التوترات في المنطقة، وتثير تساؤلات حول مستقبل الوضع في القدس الشرقية، خاصة مع استمرار عمليات اقتحام القدس وتداعياتها على حياة الفلسطينيين.
وتسبب الاقتحام في أضرار مادية كبيرة، وإصابة 24 شخصًا، بالإضافة إلى عمليات هدم وإتلاف للممتلكات التجارية والخاصة. وقد أدى ذلك إلى تعطيل الحياة اليومية للسكان، وتأثر حركة المرور بشكل كبير، خاصة بالنسبة للعاملين الذين يعبرون الحاجز العسكري في قلنديا. وتعتبر هذه الأحداث تصعيدًا جديدًا في سلسلة الاقتحامات التي تشهدها القدس الشرقية، والتي غالبًا ما تترافق مع أعمال عنف واعتقالات.
عربدة وترهيب في كفر عقب وقلنديا
أفاد رئيس لجنة أحياء القدس الشمالية، منير زغير، بأن الاقتحام يهدف إلى إثبات سلطة القائد الجديد للجيش الإسرائيلي في المنطقة، من خلال تنفيذ اعتداءات جسيمة على السكان وممتلكاتهم. وأضاف أن القوات الإسرائيلية أطلقت قنابل صوتية وغازية، واعتلت أسطح المنازل، ونشرت قناصين، مما حول المنطقة إلى ثكنة عسكرية.
وأضاف زغير أن الاقتحام لم يكن مبررًا بحملة لإنفاذ القانون، بل كان يهدف إلى ترهيب السكان وإثقال كاهلهم. وأشار إلى منع المسنين من العودة إلى منازلهم، وإرهاب الطلاب، واستهداف المنازل بقنابل الغاز السام.
تأثير الاقتحام على حركة المرور والاقتصاد المحلي
وتأثر أصحاب 3600 مركبة وألف دراجة نارية بشكل كبير بسبب الاقتحام، حيث تعطلت حركة المرور وتعذر عليهم الوصول إلى عملهم في مركز المدينة. بالإضافة إلى ذلك، تأثر حوالي 100 ألف فلسطيني يحملون بطاقة هوية إسرائيلية (زرقاء) والذين يسكنون في كفر عقب.
كما أدى الاقتحام إلى مصادرة الكثير من البضائع وإتلافها، مما تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة للتجار وأصحاب المحلات. ووفقًا لزغير، فإن هذه الإجراءات تهدف إلى الضغط على السكان ودفعهم إلى الهجرة من القدس.
مجزرة هدم وتصعيد في التوترات
وأشار مدير مكتب محافظة القدس في مخيم قلنديا، زكريا فيالة، إلى أن القوات الإسرائيلية قامت بهدم أكشاك ومحال تجارية ولافتات إعلانية، بادعاء تنفيذ حملة لإزالة التعديات. وأضاف أن القوات الإسرائيلية أصدرت أوامر إخلاء ميدانية لأصحاب 5 منازل في مدخل المخيم، وحولتها إلى ثكنة عسكرية.
وأوضح فيالة أن القوات الإسرائيلية قامت بتحويل مركز شباب قلنديا إلى ثكنة عسكرية، واعتدت على الحارس. وأشار إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى فرض أمر واقع جديد على المنطقة، وزيادة الضغط على السكان.
ضرائب بلا خدمات وتدهور البنية التحتية
ويعاني سكان كفر عقب من رداءة البنية التحتية، ونقص الخدمات الأساسية، على الرغم من دفعهم للضرائب المفروضة على المقدسيين. وقد قررت بلدية الاحتلال مؤخرًا أن يدفع أصحاب الشقق السكنية الجديدة ضريبة الأملاك (الأرنونا) على أساس أعلى تصنيف، مما يزيد من الأعباء المالية على السكان.
بالإضافة إلى ذلك، تخطط بلدية الاحتلال لبناء مستوطنة ضخمة تضم 9 آلاف وحدة استيطانية جديدة على أرض مطار القدس الدولي في قلنديا، مما سيتسبب في هدم المزيد من المنازل الفلسطينية. وتعتبر هذه الخطط تصعيدًا جديدًا في سياسة الاستيطان الإسرائيلية في القدس الشرقية.
من المتوقع أن تستمر التوترات في القدس الشرقية في تصاعدها في الفترة القادمة، خاصة مع اقتراب الأعياد الدينية. وتشير التقديرات إلى أن الاحتلال قد يشن المزيد من الاقتحامات والاعتقالات في محاولة للسيطرة على الوضع في المدينة. وسيتطلب ذلك جهودًا دبلوماسية مكثفة من قبل المجتمع الدولي، للضغط على الاحتلال ووقف تصعيد العنف والانتهاكات.





