Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

نيويورك تايمز: ترامب يتبنى عقيدة دونرو للهيمنة على نصف الكرة الغربي

يشهد غرب النصف الكروي تحولات كبيرة في العلاقة مع الولايات المتحدة، وذلك في ظل سياسة خارجية جديدة تتبنى مبدأ المعاملة بالمثل والضغط الاقتصادي، وهو ما يصفه المحللون بـ”عقيدة دونرو”. وقد أثر هذا التوجه بشكل ملحوظ على التوازنات السياسية والاقتصادية في أمريكا اللاتينية، مما أعاد رسم خرائط التحالفات في القارة. تثير هذه التطورات تساؤلات حول مستقبل النفوذ الأمريكي في المنطقة، وتداعياتها على الاستقرار الإقليمي والتنمية.

وبحسب تقارير وتحليلات صدرت مؤخراً، فإن هذه الإستراتيجية تمثل خروجاً عن السياسات المتبعة لعقود، والتي ركزت على تعزيز الديمقراطية وتقديم الدعم التنموي. بدلاً من ذلك، تعطي الإدارة الأمريكية الحالية الأولوية للمصالح الجيوسياسية والاقتصادية، وتسعى إلى فرض سيطرتها على الموارد الحيوية والمواقع الإستراتيجية في المنطقة. وتترافق هذه السياسة مع تهديدات بفرض عقوبات واتخاذ إجراءات عسكرية.

تأثير “عقيدة دونرو” على التحالفات الإقليمية

بدأت ملامح هذه السياسة تتضح في بداية العام الحالي، مع تصريحات أثارت جدلاً واسعاً حول أملاك الولايات المتحدة المحتملة في دول أخرى، مثل اقتراح الاستيلاء على قناة بنما أو السيطرة على غرينلاند. كما تضمنت خطوات عملية مثل التلويح بفرض تعريفات جمركية وإعادة تسمية مناطق بحرية باسم “أمريكا”.

وقد ازدادت وتيرة هذه الإجراءات مع اقتراب نهاية العام، حيث لوحت الإدارة الأمريكية بالتدخل العسكري ضد قوارب في أمريكا الجنوبية، ونشرت حاملات طائرات في منطقة الكاريبي. واستهدفت هذه الإجراءات بشكل خاص فنزويلا، حيث تم البحث علناً عن خيارات عسكرية ضد الرئيس نيكولاس مادورو.

لم يقتصر الأمر على التهديدات العسكرية، بل امتد ليشمل فرض عقوبات اقتصادية قاسية على قادة يساريين في المنطقة، وعرض حزم إنقاذ اقتصادي ضخمة لدول تتعاون مع واشنطن. وتهدف هذه الحزمة إلى تحقيق مكاسب جيوسياسية وتعزيز النفوذ الأمريكي.

عمليات عسكرية وتصعيد للتوتر

وشهدت المنطقة توسعاً عسكرياً أمريكياً ملحوظاً، حيث ارتفع عدد الجنود الأمريكيين المنتشرين في دول أمريكا اللاتينية إلى أكثر من 15 ألف جندي. ويفسر هذا التوسع بالرغبة في تأمين المصالح الأمريكية وحماية الأمن القومي، وفقاً لتصريحات مسؤولين في الإدارة.

ويرى مراقبون أن هذه التحركات العسكرية تأتي في سياق التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في المنطقة. وتسعى واشنطن إلى إبراز قوتها وتأكيد هيمنتها، في مواجهة التمدد الصيني الكبير في أمريكا اللاتينية.

ويقود هذا التحول في السياسة الخارجية وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وفريق من الصقور ذوي الخبرة الطويلة في ملف أمريكا اللاتينية. ويهدف هؤلاء المسؤولون إلى تعزيز السيطرة الأمريكية على الموارد الطبيعية والمواقع الإستراتيجية في المنطقة، وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية.

استجابات متباينة من دول المنطقة

لم تكن ردود فعل دول المنطقة موحدة على هذه السياسات. فقد نجحت دول مثل المكسيك وكندا في الحفاظ على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة، من خلال التفاوض على شروط مقبولة والتمسك بمصالحها الخاصة. تعتبر العلاقات التجارية والاقتصادية القوية مع الولايات المتحدة نقطة قوة لهذه الدول.

في المقابل، واجهت الحكومات اليسارية في فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا ضغوطاً كبيرة من الإدارة الأمريكية. وقد أعلنت واشنطن عن مكافآت مالية للقبض على الرئيس الفنزويلي، وهددت بفرض عقوبات على نيكاراغوا. تعتبر الإدارة الأمريكية هذه الحكومات “استبدادية” وتشكل تهديداً للمنطقة.

كما أثارت هذه السياسات انتقادات واسعة من قبل بعض القادة والسياسيين في دول أمريكا اللاتينية، الذين اعتبروها تدخلاً في الشؤون الداخلية وتقويضاً للسيادة الوطنية. وتشير بعض التقارير إلى أن البرازيل اتخذت موقفاً حازماً ضد هذه الضغوط، مما أدى إلى تراجع في نفوذ الولايات المتحدة في هذا البلد.

مستقبل العلاقات الأمريكية مع أمريكا اللاتينية

تبقى مستقبل العلاقات الأمريكية مع أمريكا اللاتينية غير واضحاً. ومن المتوقع أن تشهد المنطقة مزيداً من التوترات والتحولات في الفترة القادمة، مع استمرار التنافس بين الولايات المتحدة والصين. كما أن نتائج الانتخابات الرئاسية في بعض دول المنطقة قد تحدد مسار هذه العلاقات. ومن بين الأمور التي يجب مراقبتها، إجراءات الإدارة الأمريكية القادمة فيما يتعلق بفنزويلا والبرازيل، وتطورات الأزمة الاقتصادية في المنطقة، ومدى قدرة دول أمريكا اللاتينية على الحفاظ على استقلالها وسيادتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى