هل أشعلت اليابان للتو فتيل الحرب العالمية الثالثة؟

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتدهور العلاقات بين طوكيو وبكين، تثير التحركات العسكرية اليابانية الأخيرة، وخاصة فيما يتعلق بتايوان، مخاوف متزايدة من احتمال نشوب صراع أوسع نطاقاً. يراقب المحللون عن كثب هذه التطورات، ويتساءلون عما إذا كانت اليابان تخاطر بإشعال مواجهة مع الصين، خاصةً مع تراجع الثقة بالنظام الدولي القائم. هذا المقال يتناول التطورات الأخيرة ويحلل المخاطر المحتملة.
نشرت مجلة ناشونال إنترست مقالاً لكبير محرريها في شؤون الأمن القومي، براندون جيه ويكرت، يحذر من أن الإجراءات اليابانية قد تؤدي إلى تصعيد خطير مع الصين في وقت يشهد فيه الغرب قيوداً متزايدة على قدرته على التدخل في صراعات جديدة. ويرى ويكرت أن اليابان ربما تكون قد قيمت بشكل خاطئ الدعم الأمريكي المحتمل في ظل التغيرات السياسية في واشنطن.
التحركات اليابانية وتأثيرها على التوترات مع الصين
أقدمت طوكيو على نشر وحدة صواريخ أرض جو متوسطة المدى في جزيرة يوناغوني، وهي جزيرة تقع بالقرب من تايوان. وبررت اليابان هذه الخطوة بأنها جزء من استراتيجية لتعزيز دفاعاتها الجنوبية الغربية، وذلك في مواجهة التزايد المستمر للنشاط العسكري الصيني في المنطقة. تعتبر اليابان تايوان خط دفاع حيويًا.
بينما تعتبر طوكيو هذه الخطوة دفاعية بحتة، تنظر بكين إليها على أنها استفزاز مباشر. ترى الصين أن هذه التحركات جزء من جهد أوسع تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون لاحتواء نفوذها المتزايد. يأتي هذا في وقت يواجه فيه الاقتصاد الصيني تحديات، وقد يكون هناك تغييرات محتملة في نظامها السياسي.
رد فعل الصين والتحذيرات العسكرية
أعربت الصين عن غضبها الشديد من هذه الخطوة، وحذرت اليابان من أي تدخل عسكري في تايوان. هددت بكين طوكيو بـ “هزيمة ساحقة” إذا استخدمت القوة في هذا الصدد، وفقًا لتصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، جيانغ بين. كما حذرت بكين مواطنيها من السفر إلى اليابان بسبب الخلاف المتصاعد.
ويأتي هذا التصعيد بعد احتجاج طوكيو على تحذير بكين لمواطنيها بشأن زيارة اليابان، والذي جاء ردًا على تصريحات رئيس الوزراء الياباني الجديد بشأن تايوان. تعتبر الصين أن تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، وأن أي دعم خارجي للجزيرة يمثل تهديدًا لسيادتها ووحدة أراضيها.
تخشى الصين من أن أي تهديد لتايوان قد يؤثر على قدرتها على السيطرة على “سلسلة الجزر الأولى”، وهي منطقة استراتيجية حيوية لأمنها القومي. في المقابل، ترى طوكيو أن هدف بكين النهائي هو استخدام تايوان كنقطة انطلاق لفرض هيمنتها على المنطقة وتقويض الأمن الياباني.
دور الولايات المتحدة في التوترات الإقليمية
يرى المحللون أن الولايات المتحدة تلعب دورًا معقدًا في هذه التوترات. فمن ناحية، تلتزم واشنطن بدعم تايوان والحفاظ على الاستقرار في المنطقة. ومن ناحية أخرى، يبدو أن الولايات المتحدة مترددة في الانخراط في صراع مباشر مع الصين. هذا التردد قد يشجع حلفاءها، مثل اليابان، على اتخاذ إجراءات أكثر جرأة.
يشير ويكرت في مقاله إلى أن الولايات المتحدة، بعد تجاربها في أفغانستان وأوكرانيا، قد تكون مستعدة لدفع حلفائها نحو مواجهة بالوكالة مع الصين. لكنه يحذر من أن هذا قد يكون رهانًا خطيرًا، حيث أن الولايات المتحدة قد لا تكون قادرة على الفوز في صراع طويل الأمد مع الصين.
هناك قلق متزايد من أن التحركات اليابانية قد تؤدي إلى سوء تقدير من جانب بكين، وبالتالي إلى تصعيد غير مقصود. فقد تدفع هذه التحركات الصين إلى اتخاذ إجراءات أكثر استفزازية، مثل إجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق بالقرب من تايوان أو حتى شن هجوم محدود على الجزيرة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك انقسام داخلي في كل من تايوان واليابان بشأن هذه الخطوات. ففي تايوان، هناك مخاوف من أن الإجراءات اليابانية قد تزيد من خطر التدخل الصيني. وفي اليابان، هناك جدل حول ما إذا كانت هذه الخطوات ضرورية للدفاع عن الأمن القومي، أو أنها مجرد استفزاز غير مبرر.
نظرة مستقبلية
من المتوقع أن تستمر التوترات بين اليابان والصين في التصاعد في المدى القصير. من المرجح أن ترد بكين على التحركات اليابانية بتعزيز وجودها العسكري في المنطقة وزيادة الضغط على تايوان. في الوقت نفسه، من المرجح أن تواصل اليابان تعزيز دفاعاتها وتوطيد علاقاتها مع الولايات المتحدة وحلفائها الآخرين.
سيكون من المهم مراقبة رد فعل الولايات المتحدة على هذه التطورات. هل ستواصل واشنطن دعم حلفائها في المنطقة، أم أنها ستسعى إلى تخفيف التوترات من خلال الحوار مع الصين؟ ستكون الإجابة على هذا السؤال حاسمة في تحديد مستقبل العلاقات بين اليابان والصين، واحتمال نشوب صراع أوسع نطاقاً. من المتوقع أن يتم تقييم الوضع بشكل كامل خلال الأشهر الثلاثة القادمة.





