هل طالب مسلمون باعتماد العربية لغة رسمية في نيويورك بعد فوز ممداني؟

بعد فوز زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، انتشرت على نطاق واسع مقاطع فيديو ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تدّعي أن مجتمعات مسلمة تطالب بجعل اللغة العربية لغة رسمية في المدينة. هذه الادعاءات أثارت جدلاً واسعاً، خاصة في ظل وجود عدد كبير من السكان اليهود في نيويورك. فريق الجزيرة تحقق قام بتحليل هذه الادعاءات وتأكد من أنها مبنية على معلومات مضللة.
تداول رواد الإنترنت فيديو يظهر شخصاً يتحدث عبر مكبر صوت، بينما يرفعون لافتات وأعلاماً، ويدلي بتصريحات حول عدم الحاجة إلى اللغة الإنجليزية في نيويورك. هذا الفيديو سرعان ما انتشر على منصات مختلفة مثل “إكس” و”إنستغرام” مصحوباً بتعليقات غاضبة واتهامات، مما استدعى تدخلاً للتحقق من صحة ما يثيره.
التحقق من صحة الادعاءات حول اللغة العربية
أظهرت عمليات الرصد والتحقق أن الفيديو المتداول تم التلاعب به وإعادة نشره مع إضافة نصوص وشعارات مختلفة. كانت النسخة الأصلية من الفيديو منشورة على حساب موثق على منصة “إكس” في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، ولكن الحسابات الأخرى قامت بتعديلها لتضليل الرأي العام.
كشف التزييف باستخدام التحليل البصري
استخدم فريق “الجزيرة تحقق” أدوات متخصصة في التحليل البصري، بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية والخرائط الرقمية، لتدقيق مشاهد الفيديو. كشفت هذه الأدوات أن خلفية الفيديو لا تتطابق مع صور مبنى “إمباير ستيت” الحقيقية، حيث تفتقر إلى بعض التفاصيل المعمارية المميزة. هذا يشير إلى أن الفيديو ربما يكون قد تم تصويره في موقع آخر أو أنه تم تعديله رقمياً.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر التحليل استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنشاء بعض عناصر الفيديو، مما يؤكد الشكوك حول مصداقيته. هذا يثير تساؤلات حول الجهة التي تقف وراء هذا التزييف ودوافعها.
الدور المشبوه للحسابات المؤثرة
أظهرت عمليات الرصد أن العديد من الحسابات المؤثرة، سواء كانت معروفة أو ذات نشاط محدود، شاركت في نشر الفيديو المعدل والتعليق عليه بطريقة تهدف إلى إثارة الكراهية والفتنة. بعض هذه الحسابات معروفة بنشر معلومات مضللة وتحريضية في الماضي.
إحدى الملاحظات الهامة هي أن الفيديو بدأ بالتداول بشكل واسع في البداية باللغة الهندية، مع إضافة تعليقات تهدف إلى إثارة المخاوف بشأن وجود “عقلية جهادية” في أمريكا. هذا يشير إلى أن هناك محاولة لتضخيم الرواية المضللة واستخدامها كأداة للضغط السياسي.
السياق السياسي والاجتماعي
يرتبط انتشار هذه الادعاءات بفوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك، وهو ما يمثل إنجازاً تاريخياً للمسلمين في المدينة. ممداني معروف بمواقفه النقدية تجاه السياسات الإسرائيلية ودعمه للقضية الفلسطينية، مما جعله هدفاً للعديد من الجماعات اليمينية المتطرفة. اللغة العربية، والثقافة الإسلامية، غالبًا ما تكونان هدفين لهذه الجماعات.
الخطاب التحريضي الذي صاحب انتشار الفيديو يعكس تصاعد وتيرة التوتر السياسي والاجتماعي في الولايات المتحدة، خاصة في ظل الانقسامات العميقة حول قضايا مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والهوية الدينية والثقافية. هذه التوترات قد تؤدي إلى مزيد من انتشار المعلومات المضللة والتحريض على الكراهية.
يتقن زهران ممداني عدة لغات، بما في ذلك الإنجليزية والسواحيلية والهندية، مما ساعده في التواصل مع مختلف مكونات المجتمع النيويوركي. وهو معروف بدعمه المتواصل لقضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
الخلاصة
أثبت التحقق من الحقائق أن الادعاءات حول مطالبة مجتمعات مسلمة في نيويورك بجعل اللغة العربية لغة رسمية هي ادعاءات كاذبة ومضللة، مبنية على فيديو تم التلاعب به. هذا التزييف جزء من حملة منظمة تهدف إلى تشويه سمعة زهران ممداني وإثارة الكراهية ضد المسلمين في أمريكا. من المتوقع أن يستمر التحقيق في تحديد الجهات الفاعلة وراء هذه الحملة، خاصة وأن هناك أدلة تشير إلى استخدام حسابات مؤثرة لنشر المعلومات المضللة. سيظل فريق “الجزيرة تحقق” يقظًا لمراقبة أي تطورات جديدة في هذا الشأن وتقديم تقارير دقيقة وموثوقة للجمهور.





