هل يدخل الاقتصاد الصيني في سبات طويل؟

في تقييم اقتصادي حديث، حذرت مؤسسة أبحاث يارديني من تدهور الأوضاع في الاقتصاد الصيني، مؤكدةً أن النمو الذي أظهر صمودًا ملحوظًا في وقت سابق من العام، يواجه الآن تحديات متزايدة من الداخل. تشير التقديرات إلى أن هذه التحديات قد تعقد مسار النمو في الصين خلال عام 2026، مما يثير تساؤلات حول قدرتها على الحفاظ على زخمها الاقتصادي السابق.
وتشير يارديني إلى أن المخاطر الأكبر لا تأتي من العوامل الخارجية، بل من السياسات الداخلية التي يتبعها الرئيس شي جين بينغ. ففي حين كانت التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وغيرها تمثل تهديدًا واضحًا، فإن القرارات السياسية الحالية قد تؤدي إلى نتائج عكسية وتعمق المشاكل الاقتصادية القائمة.
تباطؤ في الصادرات والمصانع والمبيعات في الاقتصاد الصيني
كشف تقرير يارديني عن تباطؤ ملحوظ في عدة قطاعات رئيسية، بما في ذلك الصادرات، وأداء المصانع، ومبيعات التجزئة. كما سجلت مشتريات السيارات انكماشًا، في حين أن الاستثمار في الأصول الثابتة هو الأقل منذ أكثر من خمس سنوات، الأمر الذي يعكس حالة من عدم اليقين والترقب بين المستثمرين.
وتوضح البيانات أن نمو مبيعات التجزئة الحقيقية انخفض إلى 3.1% على أساس سنوي، وهو مستوى بعيد جدًا عن المتوسط الذي كان سائداً بين عامي 2002 و2018 والذي تجاوز 10%. يعكس هذا الانخفاض ضعف الطلب المحلي وتأثيره السلبي على النمو الإجمالي.
المشكلة داخلية وليست خارجية
تؤكد المؤسسة أن جذور المشكلة تكمن في القرارات السياسية الداخلية للصين. على الرغم من مكانة الصين كأكبر اقتصاد في العالم، إلا أن السياسات المحلية تمثل أكبر تهديد لنموها، أكثر من أي عوامل خارجية مثل الرسوم الجمركية أو التوترات السياسية.
ويشير التقرير إلى أن “حملة القمع التكنولوجي” التي يقودها الرئيس شي جين بينغ تثير قلق المستثمرين وتزيد من حالة عدم اليقين. هذه الحملة، إلى جانب القواعد التنظيمية الجديدة التي تفرضها بكين على المنصات الرقمية، تقوض الثقة في البيئة الاستثمارية وتبطئ وتيرة الابتكار.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأزمة العقارية المستمرة تساهم في تفاقم الوضع الاقتصادي، حيث تخلق حالة من عدم الاستقرار وتهدد النمو المستقبلي. ويؤكد الباحثون أن هذه العوامل مجتمعة تخلق بيئة اقتصادية صعبة تتطلب تدخلًا عاجلًا.

توقعات النمو الاقتصادي للصين
يرى محللو يارديني أن اتفاق الهدنة المؤقتة بين الرئيس شي جين بينغ ونظيره الأمريكي بشأن الرسوم الجمركية لن يغير بشكل جذري من الوضع. فالتحديات الأساسية تكمن في الإصلاحات الداخلية التي تحتاجها الصين لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز النمو المستدام.
مستقبل الاقتصاد الصيني وتجاوز الولايات المتحدة
وبعد 12 عامًا من قيادة الرئيس شي جين بينغ، خلصت المؤسسة إلى أن الاقتصاد الصيني لن يتمكن من تجاوز الاقتصاد الأمريكي في الحجم في أي وقت قريب. ويعزى ذلك إلى مجموعة العوامل المذكورة أعلاه، والتي تعيق قدرة الصين على تحقيق النمو الاقتصادي الكامل.
في الختام، يشير التقرير إلى أن الوضع الاقتصادي في الصين يتطلب مراقبة دقيقة وتدخلًا سريعًا. يجب على بكين أن تتخذ خطوات ملموسة لمعالجة المشاكل الداخلية وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية إذا أرادت الحفاظ على زخم النمو وتجنب المزيد من التدهور. سيراقب الخبراء عن كثب رد فعل الحكومة الصينية على هذه التقارير، وأي تغييرات في السياسات الاقتصادية بحلول الربع الأول من عام 2026.





