ورشة الخط العربي والزخرفة الإسلامية تستقطب رواد معرض الكويت الدولي الـ 48 للكتاب

شهد الرواق الثقافي في معرض الكويت الدولي للكتاب إقبالاً كبيراً على ورشة عمل تفاعلية حول الخط العربي والزخرفة الإسلامية، نظمتها جمعية الحرف الكويتية القديمة. استقطبت الفعالية جمهوراً متنوعاً من زوار المعرض، بما في ذلك المهتمين بالفنون التراثية والطلاب الذين يسعون لاكتساب مهارات جديدة في هذا المجال الأصيل. وقد عُقدت الورشة خلال فترة انعقاد الدورة الثامنة والأربعين من المعرض، والتي اختتمت فعالياتها مؤخراً.
الورشة، التي استمرت عدة ساعات، هدفت إلى تعريف المشاركين بتاريخ وتطور الخط العربي وأساليبه المتنوعة، بالإضافة إلى مبادئ الزخرفة الإسلامية. وقد أقيمت الفعالية بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ووزارة التربية، تأكيداً على أهمية دعم الفنون والثقافة في المجتمع الكويتي. وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز الهوية الثقافية والحفاظ على التراث الكويتي.
أهمية الحفاظ على فنون الخط العربي
أكد الخطاط مصطفى خاجه، مقدم الورشة، أن الحفاظ على فنون الخط العربي والزخرفة الإسلامية يمثل صوناً لقيم ثقافية وأصالة تاريخية عميقة الجذور في المجتمع الكويتي والوطن العربي. وأضاف أن هذه الفنون ليست مجرد مهارات كتابية وزخرفية بل هي تعبير عن الحضارة العربية والإسلامية وروحها. تكمن أهمية هذه الفنون في قدرتها على تجسيد الجمال والإبداع بطرق فريدة.
تاريخ الخط العربي وتطوره
يعود تاريخ الخط العربي إلى عصور ما قبل الإسلام، حيث كانت الكتابة العربية في مراحلها الأولية بسيطة ومحدودة. تطور الخط العربي بشكل ملحوظ بعد ظهور الإسلام، حيث أصبح وسيلة لنشر القرآن الكريم والسنة النبوية. ظهرت العديد من الأساليب والمدارس الخطية، مثل الخط الكوفي والنسخي والثُلث، ولكل منها خصائصه وأسلوبه المميز.
يعتبر الخط الكوفي من أقدم أنواع الخط العربي، ويتميز بصلابته وزخارفه الواضحة. بينما يشتهر الخط النسخي بسهولة قراءته وانتشاره في الكتابة اليومية. أما الخط الثُلث، فيعتبر من أكثر الخطوط فخامة وتألقاً، ويستخدم في كتابة العناوين والزخارف الكبيرة. لقد ساهمت هذه التطورات في إثراء الفن العربي والإسلامي.
الزخرفة الإسلامية: فن التجريد والجمال
تعتبر الزخرفة الإسلامية جزءاً لا يتجزأ من فنون الخط العربي، حيث تستخدم لإضفاء الجمال والروعة على النصوص واللوحات. تتميز الزخرفة الإسلامية بالتجريد والأشكال الهندسية والنباتية المتكررة، والتي تعكس رؤية المسلمين للكون والنظام. وتلعب الألوان الزاهية والأشكال المتناسقة دوراً هاماً في إبراز جمال الزخرفة الإسلامية.
تعتمد الزخرفة الإسلامية على مبادئ رياضية وهندسية دقيقة، مما يجعلها فريدة من نوعها في عالم الفنون. تستخدم الأشكال الهندسية مثل الدوائر والمربعات والمثلثات لإنشاء أنماط معقدة ومتداخلة. بالإضافة إلى ذلك، تستلهم الزخرفة الإسلامية من العناصر الطبيعية مثل الأوراق والأزهار والفروع، وتستخدمها في تشكيل لوحات فنية رائعة. هذا التكامل بين الهندسة والطبيعة يعزز من جمالية الزخرفة.
كما تضمنت الورشة تدريبًا عمليًا للمشاركين على أساسيات كتابة الخط العربي، بما في ذلك استعمال أدوات الخط التقليدية مثل القلم والعفص والحبر. وقدم الخطاط خاجه إرشادات ونصائح قيمة للمشاركين حول كيفية تحسين مهاراتهم في الكتابة والزخرفة. ولاقت هذه الجانب العملي استحسانًا كبيرًا من المشاركين، الذين عبروا عن سعادتهم بتعلم هذه الفنون العريقة.
وبالنظر إلى أهمية الفنون التراثية في بناء الهوية الثقافية، فقد أولت جمعية الحرف الكويتية القديمة اهتماماً خاصاً بتنظيم ورش عمل مماثلة، بهدف نشر الوعي الفني والثقافي بين أفراد المجتمع. هناك وعي متزايد بأهمية الحفاظ على هذه الموروثات الثقافية للأجيال القادمة. الجمعية تسعى بشكل مستمر لتطوير برامجها وفعالياتها لتلبية احتياجات المجتمع.
بالإضافة إلى الورشة العامة، نظمت الجمعية ورشة عمل خاصة لطلاب المدارس، وذلك في إطار برنامج تعاوني مع وزارة التربية والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. تهدف هذه الورشة إلى تشجيع الطلاب على تعلم فنون الخط العربي والزخرفة الإسلامية، وتنمية مواهبهم وقدراتهم الإبداعية. يشكل الطلاب نواة مستقبلية للحفاظ على هذا التراث.
من المتوقع أن تستمر جمعية الحرف الكويتية القديمة في تنظيم ورش عمل وفعاليات مماثلة خلال الفترة القادمة، بهدف تعزيز الاهتمام بالفنون التراثية وتشجيع الإبداع والابتكار في هذا المجال. تركز الجهود حالياً على تطوير خطط لزيادة عدد المستفيدين من هذه الورش. وسيتطلب ذلك توفير الدعم المالي واللوجستي اللازم. يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد طرق مبتكرة لجذب الشباب إلى تعلم هذه الفنون.



